دفاتر انثروبولوجية، سير وحوارات
(0)    
المرتبة: 85,860
تاريخ النشر: 01/12/2003
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
نبذة نيل وفرات:عانت العلوم الإنسانية والاجتماعية وميادينها، في فترة من فترات تاريخ الفكر العربي، من ظروف غاية في السلبية، وذلك نتيجة لأوضاع متعددة. ولعل نصيب الانثروبولوجيا، باعتبارها أيضاً ميداناً حديثاً من ميادين هذه العلوم، كان الأعظم مقارنة ببقية الميادين، بل ومما ضاعف الوضع الذي تعاني منه الانثروبولوجيا هو الظروف التاريخية لنشأة ...هذا العلم وعلاقتها مثلاً بمشاريع التبشير وغيرها. لذلك ساعدت تلك الأوضاع التاريخية الخاصة بالانثروبولوجيا إما على التجاهل السلبي والمطلق لأهمية هذا العلم، أو على استغلال ظروفه التاريخية كقرائن تدين الغرب، وتوسع ساحة المعارك معه على أكثر من صعيد. وهكذا أصبح مألوفاً ترادف كلمات مثل الانثروبولجيا والتبشير واستخدامهما على قدم المساواة عند الحديث عن تاريخ الاستشراق ومؤسساته وممارساته.
وازدادت هيمنة هذه الكتابات عندما توفرت لها بعض الإسهامات من المراجعات النقدية الجادة والهامة التي برزت عند بعض الكتاب والمفكرين الغربيين من المشتغلين في العلوم الإنسانية والاجتماعية في مجال الشروط التاريخية والسياقية لنشأة هذه العلوم، وعن بنى وعلاقات السلطة والقوة لهذه العلوم وعلاقتها بظروف وأوضاع مجتمعاتها وتلك الخاضعة كالمستعمرات وغيرها من المجتمعات الخاضعة لألوان متباينة من سيطرة الغرب الرأسمالي.
وهكذا أصبح الاستشهاد بهذه الكتابات النقدية واسعاً جداً ليس في الأوساط الانثروبولوجية ومدارسها واتجاهاتها الحديثة، بل وكذلك في الأوساط النقدية والفلسفية. ولعل هناك من المبررات والظروف الكافية ما يبرر بروز هذه المراجعات النقدية، خاصة مع بروز الاتجاهات والتيارات الفلسفية لما بعد الحداثة في الأوساط الثقافية والأكاديميات الغربية منذ ثمانينيات القرن الماضي. من هنا برزت ضرورة الكشف عن تاريخ الفكر الانثروبولوجي الغربي المعاصر وبيان ملامحه العامة ورموزه الفكرية، وكذلك عن النشاط الانثروبولوجي لهذه الرموز في دراسة الثقافات غير الأوروبية وعن إسهاماتها النظرية والفلسفية عامة.
من أجل هذه الغاية، وفي هذا السياق يأتي كتاب عبد الله عبد الرحمن يتيم الذي حاول فيه توفير معلومات هي على قدر كاف تكون مرجعاً لتلك الفئات المهتمة بالانثروبولوجيا كعلم وذلك عبر تتبع مدارسه واتجاهاته. وكان هذا في إطار دراسات ومقالات أكاديمية وأخرى ثقافية عامة للباحث، تراوحت بين الدوريات المتخصصة في العلوم الإنسانية والاجتماعية وأخرى ثقافية، وكذلك في الصفحات الثقافية لبعض الصحف والمجلات العربية. بالإضافة إلى حوارات مطولة أجرتها شخصيات انثروبولوجية هامة غربية وعربية مع رموز الفكر الانثروبولوجي الغربي المعاصر، قام الباحث بترجمتها مغنياً موضوعه بها. وكذلك بكتابات وترجمة مقالات أخرى موازية عن هذه الشخصيات الانثروبولوجية.
إلى جانب ذلك وجد الباحث أنه لا بد، وفي كتابه هذا من توفير مادة غنية عن سيرة الشخصيات الانثروبولوجية الغربية والعربية تتوفر فيها الشروط الموضوعية للكشف عن الجوانب الإنسانية لنشأة هذه الشخصيات، وعن الظروف والعوامل والأوضاع الشخصية والاجتماعية والسياسية والفلسفية التي خاضتها هذه الشخصيات في المؤسسات والمراكز الأكاديمية التي كانت تعمل فيها، حيث شكلت تلك الظروف بمجملها تاريخاً خاصاً لهذا العلم كلما جرى الحديث أو الكشف عنه في الكتابات المتفرقة عن تاريخ ونشأة الانثروبولوجيا كعلم. وأما الشخصيات الانثروبولوجية التي تمت إحاطتها بسيرة ذاتية في هذا العمل فهي: كلود ليفي ستروس، ارنست غيلنر، ريموند فيرت، كليفرد غيرتز، أحمد أبو زيد، حسين فهيم. إقرأ المزيد