شفافية خليل حاوي ومرصعاتها الوطنية والإنسانية
(0)    
المرتبة: 195,305
تاريخ النشر: 01/01/1998
الناشر: دار الفكر العربي للطباعة والنشر
نبذة نيل وفرات:إذا تسنى لك الإطلاع على مضمون المكتسبات الأدبية خلال النصف الأول من القرن العشرين الميلادي، وإذا توافرت لك المعطيات الحقة حول مرئيات الأحداث العظام التي عصفت بشرقنا العربي، فسيتراءة من حوليك ضباب المعقدات السياسية في معضلاتها، الملتفة على الظاهر والباطن من مجريات تركت آثاراً، لا تمحي في خصائص وضعنا ...الاجتماعي في منزلقاته التي لا تزال حتى اليوم، تذكرنا بالمطامع الاستعمارية للاستيلاء على خيرات بلادنا الغنية، بثرواتها الأساسية، لمكتنزات المقومات الحياتية، ولمحاصرة تراثنا الفكري العابق بإبداع المكتشفات الإنسانية الهائلة التقدم والرقي.
وفي مقدمة هذه المكتنفات العظام من مشكلات العصر المبدوء بحربين عالميتين، وفي نهاية الحرب العالمية الأولى على وجه التحديد، أبصر النور وليد لبناني، سيكون له شأن كبير في عالم الشعر والفكر الأدبي الخلاق، هو الشاعر الرومانسي المجدد، خليل سليم حاوين واضع المرتكزات الرئيسة لأصول البنية التأليفية، في عالم التقصيد الشعري المتوازن النظم بين القديم والجديد. وفي الحديث عن هذا الشاعر المميز تعليماً وتعلماً، تحليلاً وتحرراً، تصنيفاً وتصوراً، ترافقنا صفحة مضيئة من تاريخ إنسان سوي، القريحة والإلهام، رغم بعض التناقضات الواجب صدورها من منبثقات من يملك، الفورة الديناميكية في مخططات عقله الوطني البناء. وأنـ، حين توغل في دراسة هذا المرئي بمنظار العبرة والبصيرة الذهنية الثاقبة، ستجد فيه خلاصة باذل للذات، ومضح بالنفس، من أجل أن يجد وطناً حراً وشعباً مستقلاً. هذا من ناحية المبدأ والعقيدة. أما في جوانب سائر شخصيته المعبقرة بكل فواح عجيب، فستجد فيه الكينونية غير المستقرة على حال من القلق، حتى يتسنى لها عدالة تقام على أدنى معطيات حقوق الإنسان الضامن لها، شريعة لا لبس فيها، ونظاماً لا خلاف في أحقية تطبيه على مبدأ المساواة والسلام.
ومتى تسنى اكتشاف تلك المجسمات في واقع منائر ذخيرته العلمية، تتضح الفوارق الناصبة للهوة الفاصلة، بكثير من المسافة، بينه وبين سائر شعراء عصره. فهو مغال في حرصه على القيم للوصول، إلى مجتمع متسامي العطاء، راق نبيل، وهم يتساوقون ضمن مجاراة لواقع الحال، مكتفين من رسالتهم، برش المعطر من المقال والمذكور مما لا بد منه في لزوم ما لا يلزم، وهو لا يستقر على حال من القلق للوصول بشعبه ووطنه إلى الشاطئ الأمين، وهم ليسوا على عجلة في تحقيق ما يعدون به الناس من أمن ورقي، ما دام في الزمان فسحة من عيش، وتكاثر من الولادة المؤمنة لمن يحل محلهم في زمن لا يستعجلون قدومه.
ومن هنا نجد الفارق الكبير بينه وبين من عاصره، فهو على عجلة لتحقيق رسالته، وهم على صبر وتؤده، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً. ومن هذا المنطلق، في مقدمة تختصر شخصية الحاوي، ستعيش أحداث شاعر عاش الحداثة بجمال تجديدها، وكمال تفعيلها، دون أن ينقص من الشعر حداً، أو يقلل من قواعده وضوابطه سيادة أو رشداً.
إنه شاعر الحداثة في العصر الحديث المتطور اكتشافات وعلماً، ومبدع القصائد على جادة الجمالية التقصيرية الممتلئة مجداً وعزة وأنفة ومثالية فذة. إقرأ المزيد