تاريخ النشر: 01/01/1986
الناشر: دار عمار للنشر والتوزيع
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:توسع مفهوم الثقافة قد توسع ليشمل النشاطات الإنسانية الفكرية والاجتماعية والسلوكية، أو بتعبير آخر فإن الثقافة غدت الإطار الذي ينتظم الممارسات الحياتية مهما تشعبت وتنوعت وتطورت، وهي -أي الثقافة- الأرضية الجامعة والقاسم المشترك ولغة الفكر التي توحد الناس وتجمعهم في خط واحد ومسار عمل واحد.
ومن هنا يأتي حرص كل ...أمة واعية على استقلال شخصيتها الثقافية، وتميز هويتها الحضارية، وهي تسخر في خدمة هذا المعنى كل وسائل تربيتها وإعلامها وتوجيهها، لم ا تعلم أن الثقافة هي أساس وجود واستمرار المجتمع. وإن وهنا في الأسس ليس موهن فيما سواها، وإن تضعضعاً في المقومات والمرتكزات ليس كمخلخل فيما عداها.
والصفحات التالية حاولت إبراز شمول هذه الثقافة وتميزها بخصائص فذة تجعلها لا تقبل المقايسة أو المقارنة بسواها من مناهج البشر الوضعية. فهذه الثقافة لا تعالج جانباً دون جانب، وإنما هي خطة حياة، وإطار كبير ينتظم في داخله كل صغيرة وكبيرة من أمور الناس والمجتمعات. وهل يتصور من المنهج الإلهي إلا أن يكون كذلك.
ولئن نظم هذا الدين للناس جانباً وترك جوانب، فإن ما ترك بغير تنظيم يوشك أن يأتي على الأول وينقضه من الأساس، فكان لزاماً أن يكون المنهج شاملاً لا يتناقض –لئن حدد للناس أمر العبادة، وترك لهم أمر المعاملات والتشريع فإنهم يوشك أن يفسدوا بأهوائهم عباداتهم ويذهبوا بأثرها نتيجة لإنمياع معاملاتهم وأخلاقهم، وما بقاء عبادة أو ما تأثيرها في أناس يعيشون عيش أهل الغاب تكالباً وتصارعاً واستماتة على لذاذات الحياة الدنيا.
ومما توقفت عنده هذه الصفحات أيضاً قضية التوعية بأعداء هذه الثقافة، بعد الوعي على مقوماتها وأصولها وخصائصها، وإنما كان هذا التوقف مهماً لما في كشف أساليب الأعداء من محافظة على سلامة البنيان وبقائه –فإن من لم يتنبه لعدوه، يوشك هذا العدو أن ينقض عليه ما هو فيه من نعيم واستقرار- فكان لزاماً إدامة التذكرة والتبصرة بأساليب الأعداء الذين منهم جحافل الاستشراق والاستغراب وكل أدوات وأجناد الغزو الفكري والثقافي التي هي قوارض أسس الحضارات والمجتمعات. إقرأ المزيد