تاريخ النشر: 01/01/1990
الناشر: دار العلم للملايين
نبذة نيل وفرات:يتناول هذا الكتاب تاريخ العرب بصورة مختصرة، حيث كان العرب يقطنون في شبه الجزيرة العربية، وهي شبه جزيرة واسعة في الجنوب الغربي من قارة آسية، تحدها من الشمال صحراء سورية، ومن الشرق الخليج الفارسي، ومن الجنوب المحيط الهندي، ومن الغرب البحر الأحمر.
وهذه الرقعة الواسعة من الأرض، التي تبلغ مساحتها ...ضعفي مساحة فرنسا في أوج عظمتها، تنقسم إلى عدة أجزاء أو أمصار، يختلف أحدها عن الآخر من حيث تربته ومناخه ومظهر سكانه، ويقع في شماليها القسم المؤلف من التلال، والذي كان يقطنه في الأزمنة القديمة الأوروبيون والمديانيون الذين ورد ذكرهم في التوراة، ثم يلي ذلك الحجاز.
ومن مدنه "المدينة" أو "يثرب"، كما كانت تسمى من الأزمنة القديمة، و"مكة" مسقط رأس النبي العربي، وميناء جدة، حيث يتنزل الحجاج المسلمون من البواخر إلى البر؛ ويمتد الحجاز من الشمال إلى الجنوب بين البحر الأحمر وسلسلة الجبال الممتدة من مضيق السويس إلى المحيط الهندي.
أما الزاوية الجنوبية الغربية من شبه الجزيرة تسمى بلاد اليمن، ويطلق اسم "تهامة" إلى سهول الحجاز واليمن، وهو يطلق أحياناً على القسم الجنوبي من الحجاز، وتقع حضرموت شرقي اليمن، على ساحل المحيط الهندي، بينما تقع عمان بعيداً إلى الشرق من حضرموت على الخليج المسمى بإسمها، أي خليج عُمان، وأما الأراضي المرتفعة التي تمتد من جبال الحجاز شرقاً إلى صحراء الأحساء والبحرين على الخليج الفارسي فتدعى بلاد نجد، وهي هضبة فسيحة ذات صحارى ومضائق جبلية انتشرت فيها مزارع خضراء تسمى بالواحات وتشكل عدداً كبيراً جداً من الملاجئ الأمنية في الصحراء.
وقد استوطن بلاد العرب هذه في مختلف الأزمنة أجناس مختلفة، ويقال إن أقدم من استوطن تلك البلاد كانوا من الأصل نفسه الذي ينتمي إليه الكلوانيون القدماء، وكانوا قد بلغوا شأناً عظيماً في الحضارة لا تزال آثاره ظاهرة في جنوبي الجزيرة، والمفروض أنهم بسطوا سلطانهم حتى على مصر وما بين النهرين، كما يظهر أنهم شيدوا قصوراً ومعابد ضخمة، واليهم يعزى بناء "سد فارب" الذي لا يزال قائماً حتى يومنا هذا بالقرب من عدن.
وإنما قضى على هؤلاء القوم القدماء قبيلة من الجنس السامي، نزحت من بلاد ما إلى الشرق من الغراب واستوطنت اليمن وبعض أنحاء حضرموت، ويقال أن تلك القبيلة كانت من سلالة قمطان أو "جوتان" الذي أطلق اسم أحد أولاده "يعرب" على تلك البلاد وسكانها، أما ملوك هذه الأسرة فيعرفون بــ "السبئيين"، نسبة إلى حفيد يعرب، عبد شمس، الملقب بــ"سبأ".
ولقد كان ملوك قحطان غزاة فاتحين اشتهر وأبناء المدن، واستمرت دولتهم في اليمن وأجزاء أخرى من الجزيرة العربية حتى القرن السابع الميلادي بالإضافة إلى ذلك، يعرف آخر أولئك الذين استوطنوا تلك المناطق بــ"الإسماعليين" نسبة إلى إسماعيل ولد إبراهيم الذي يقطن بالقرب من مكة، وانتشرت ذريته في الحجاز، فبنوا مجد الجزيرة العربية وعظمتها.
وكان سكان جزيرة العرب، وما يزالون يقسمون إلى قسمين: سكان المدن، وهم الحضر، وسكان الصحراء، وهم البدو والذي يبدو أن شمالي الجزيرة العربية وأواسطها لم تخضع لأي حكم أجنبي في أي وقت من الأوقات، غير أن اليمن وحدها خضعت لسلطة الأحباش فترة قصيرة من الزمن انتهت بطردهم على يد أحد رؤساء القبائل العربية "سيف بن ذي يزن"، بمساعدة ملك الفرس، فولى هذا عليها حاكماً فارسياً لقبه "المرزبان" واستمر حكم فارس مدة قرن أو أكثر، ولقد بقي كل من المسيحيين واليهود الذين استوطنت أعداد كبيرة منهم بلاد العرب على دينهم، ولكن العرب أنفسهم من معظمهم كانوا يعبدون الأوثان والنجوم؛ ولكن مع مجيء محمد صلى الله عليه وسلم أصبحت هذه البلاد تدين بدين الإسلام.
من هنا، يتابع المؤلف التاريخ لهذه البلاد، وهو يذكر بأن المعلومات المتوفرة عن التاريخ القديم لبلاد العرب هي مستقاة في معظمها من القرآن الكريم، ومن الروايات الشفوية التي كان من عادة العرب في جميع الأزمنة والعصور تناقلها من السلف إلى الخلف، والتي كان المؤرخون العرب يهتمون بجمعها بشكل دقيق، فضلاً عن أن الكتابات والنقوش التي اكتشفت في جنوبي اليمن، والرموز التي تم حلها منها، تثبت إلى حدٍّ كبير تلك المعلومات التي استقاها المؤلف عن الماضي من القرآن الكريم والروايات.
بالإضافة إلى إستعراضه للتاريخ القديم لبلاد العرب، تابع المؤلف التأريخ من بعثة محمد صلى الله عليه وسلم وما رافقها مستعرضاً سيرته صلى الله عليه وسلم في جميع مراحلها إلى حين وفاته ليتابع من ثم التأريخ لمن تعاقب على حكم بلاد العرب إبتداء من فترة الخلفاء الراشدين بكل تفاصيلها ثم الأمويون ومن بعدهم العباسيون، ليأتي التأريخ بشكل مفصل من حيث تناوله للحياة السياسية الإجتماعية والإقتصادية والثقافية، دون إغفال ما استجد من حروب وفتوحات وغزوات وإنقلابات...
في تلك الفترات، وليعقد فصولاً خاصة استعرضها فيها تاريخ عرب الأندلس خلال فترة الحكم الأموي مفصل وليستعرض أيضاً تاريخ العرب في أفريقية. إقرأ المزيد