التطريز الفلسطيني ؛ 'غرزة الفلاحي' التقليدية
(4)    
المرتبة: 395
تاريخ النشر: 01/01/2007
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
نبذة نيل وفرات:يعتبر التطريز جزءاً هاماً من حياة المرأة في القرية الفلسطينية، وهو فن شعبي ترثه وتنقله إلى بناتها ولأجيال القادمة من بعدها، وتستعمله لتزيين ثوبها التقليدي والكماليات الأخرى للباسها ولترتيب بيتها. ويلاحظ أن التطريز برسوماته وأنواعه قد خضع لتغيرات أساسية مع مرور الزمن، إذ نجد في القرن التاسع عشر والرابع ...الأول من القرن العشرين أن الأنماط والرسومات التطريزية كانت هندسية الشكل في المقام الأول.
أما في الثلاثينات فقد ظهرت مؤثرات جديدة غيرت في خصوصية التطريز التقليدي، مثل خيطان التطريز المصنعة في أوروبا التي صاحبها الكتيبات الخاصة بالتطريز الغربي، ووجدت كل طريقها إلى الأسواق الفلسطينية، فتسربت الرسومات الغربية مثل الأزهار والطيور والحيوانات إلى أثواب النساء التقليدية، وقد بان جلياً في الخمسينات، واستمر إلى يومنا هذا.
ويقال إنه كان بإمكان من يتواجد في سوق من السواق القديمة، حيث تتجمع النسوة من جميع أنحاء فلسطين، أن يميز المناطق التي تنتمي إليها بمجرد النظر إلى أثوابهن، وعلاوة على ذلك، فإن النسوة أنفسهم كن يذهبن إلى أبعد من ذلك -فقد كن لا يميزن المناطق المختلفة فقط، بل تتعداها معرفتهم إلى التمييز بين قرية وأخرى بعد أن يتفحص الرسومات والوحدات التطريزية وطريقة تنسيقها على الثوب، وهذه الوحدات هي المؤشر الهام لهوية القرية، فالمرأة تعرف هذه الرسومات جيداً، وترث هذه المعلومات من أنها وجدتها، إذ إنها تبدأ بتعلم فن التطريز من سن مبكرة حالماً تتمكن من الإمساك بالإبرة، ومن طفولها تنغرس فيها ضرورة نقل رسومات قريتها على أثوابها.
والغرض من هذا الدليل الذي بين يدينا هو نقل هذا التراث العريق لكل بيت، وتقديم مرجع قيم يوثق لهذا التراث وللرسومات التقليدية للتطريز الفلاحي الفلسطيني. ولإنجاز هذا العمل تم اختيار الفترة ما بين 1850 و1950، محلاً للدراسة، كما تم اعتماد مجموعة "وداد قعوار" للأزياء الفلسطينية والعربية مصدراً أساسيا لانتقاء النماذج والرسومات من التطويز "الفلاحي" المنفذة في هذا الدليل من بين أكثر من مائتي قطعة من المطرزات مثل الأثواب وأغطية الرأس ووسائد العروس ومحارم العريس وكل ما تعده الفتاة لزفاتها.
وتمثل هذه النماذج خمس مناطق من فلسطين هي مناطق يافا، رام الله، الخليل، غزة، بئر السبع، وسناء. وجميع هذه المناطق عرفت باستعمالها غرزة التطريز الفلاحي بشكل مكتف، أما باقي مناطق فلسطين فقد عرفت غرزاً أخرى مثل غرزة التحريرة أو التلحمية التي استعملت في مناطق القدس، وبين لحم، بشكل خاص.
أما بالنسبة لأسلوب الإعداد لهذا الدليل، فقد بذل مجهود خاص لنقل رسومات ووحدات التطريز، كما ظهرت على الثوب أو الوسادة أو غطاء الرأس. وحتى تكتمل صورة هذه النماذج في الذهن، وهي جوهر هذا الكتاب فقد ارتئى إعطاء بعض المعلومات العامة والموجزة عن التطريز الفلسطينى ماضيه وحاضره، كخلفية هامة تكسب هذا التطريز الرائع روحاً وواقعية.نبذة الناشر:يحق للفلسطينيين أن يفاخروا العالم بتطريز الأثواب النسائية على نحو متميز، يعبر عن شخصية متفردة برؤيتها للأشكال والألوان، بقدر ما هي متفردة برؤيتها للتجربة الإنسانية.
فهذا الفن الشعبي المتوارث منذ أقدم عصور الحضارة، والذي طورته كل قرية في فلسطين على غرارها الخاص، فيه من الرقة والرهافة والتنويع ما يدهشنا اليوم بأصالته، وهو في الوقت نفسه مستقي من ملاحظة دقيقة للطبيعة وأشكالها، لتحويرها بحيث تتلاءم وغرزى الإبرة مع ما كان ميسراً للمرأة محلياً من خيوط وأصباغ.
إنه بمجموعه يمثل فرحاً بالحياة، وإقبالاً عليها، وتجاوباً،حتى ليكاد يبدو و:انه وليد طقوس هي طقوس الخصب ورفض الموت والتهليل لقوى الانبعاث في الإنسان كما في الزرع والضرع.
ولذا، إذا ساور المرء الشعور، وهو يتفحص هذا السجل المصور الجميل، بأن شيئاً كاللهيب يتبدى دائماً من خلال الزخرفية وتراكبها، فما ذلك إلا لأن المرأة الفلسطينية ما نقشت وطرزت ثوباً لنفسها أ, لغيرها إلا وهي تحتدم حساً بروعة الوجود وغزارته. إن هذا التطريز فن أبدعه حب عارم لكل ما هو حي.
جبرا إبراهيم جبرا إقرأ المزيد