علاقات حرجة السعودية بعد 11 سبتمبر
(0)    
المرتبة: 8,428
تاريخ النشر: 01/10/2002
الناشر: رياض الريس للكتب والنشر
نبذة نيل وفرات:"إن المسافة بيننا وبين الولايات المتحدة تتسع، ويبدو أن إسرائيل وأنصارها في الكونغرس والمؤسسات الأميركية الأخرى نجحوا في جعل جريمة 11 أيلول/سبتمبر لصالحهم بعد أن ارتضى الأميركيون تحجيم مصابهم عندما سمحوا لأمثال بنيامين نتنياهو وأرييل شارون أن يساويا بين معاناة الأميركي الذي لم يحتل أرض غيره فتعرض لإرهاب لا ...يعنيه، ومعاناة مزعومة للإسرائيلي الذي احتل أرض غيره وطرده منها إلى مخيم بائس وسرق ماءه وأراضيه الزراعية وجعله يعيش مقهوراً في أرض امتلكها وأسس عليها حضارة وتاريخاً لآلاف السنين.
ورغم كل هذا التباين يصر الرئيس بوش على أن يقول "إن بلاده وإسرائيل تشتركان في نفس القيم"! هل احتلال أرض الغير من القيم الأميركية؟ هل احتلال أرض الغير من القيم الأميركية. المشكلة كيف يمكن أن نقول "وداعاً أيها الأميركي؟" كثيرة هي الرؤى والحقائق التي تستوقف القارئ في مقالات جمال أحمد خاشقجي في هذا الكتاب. والتي يقف حيالها مشفقاً حيناً، ومحبطاً أحياناً. إن أكثر ما يستوقفه في الفقرة السابقة، تداعيات وتأثيرات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر على علاقات بلادنا مع الولايات المتحدة، وقضايانا العربية المصيرية.
لقد كان ذلك الحدث زلزالاً مروعاً خلق واقعاً جديداً امتد أثره إلى كل قطر في الأرض. وليس هناك من سيكون بمنأى عن تداعيات أحداث ذلك اليوم: كانت بداية تلك التداعيات حرباً هوجاء دفع ثمنها الباهظ أبرياء لا يختلفون عن ضحايا تفجيرات نيويورك. حرب بين الآلة الحربية الهائلة وبين واحدة من أشد البلاد فقراً وتخلفاً! لقد طغى دويّ صوت المدافع وفلاشات الكاميرات في تلك الحرب التي دارت رحاها بين "طالبان" والقاعدة والقوات الأميركية والمتحالفين معها بدعوى مكافحة الإرهاب، على معركة لا تقل أهمية عن الواجهة العسكرية، وهي معركة كسب الرأي العالمي إلى جانب تلك القوة الغاشمة "فمن لا يؤيدنا فهو مع الطرف الآخر".
لقد استطاعت الولايات المتحدة استمالة الرأي العالمي إلى صفها، ليستيقظ العالم، وهو يشهد بزوغ عهد إرهاب الدولة، في محاولة القضاء على إرهاب التطرف والتشدد بـ"الحرب العادلة" التي وجهت قذائف نيرانها على جبال أفغانستان، وسهام اتهاماتها إلى الإسلام والمسلمين والعرب "ومحور الشر"! إن أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، شئنا أم أبينا، قد أحدثت شرخاً كبيراً في جدار العلاقات الأميركية-العربية عامة، والعلاقات الأميركية-السعودية على وجه الخصوص. ولا بد لنا أن نعترف أن تلك العلاقة بدت، في معظم مراحلها، وكأنها بين طرف قوي وطرف ضعيف، طرف يعطي كل شيء وطرف لا يعطي شيئاً.
حتى أننا أعطيناها مع التبرعات الوفيرة، زهرة شبابنا وقوداً لحربها الخفية للاتحاد السوفييتي في أفغانستان، مستقلة غيرتهم ونجدتهم لإخوانهم المسلمين هناك. أفغانستان التي أضحت اليوم بؤرة الإرهاب ومعقل الإرهابيين في نظر ساسة أميركا الجدد، في حين أن المصادر الأميركية الرسمية تؤكد أنها، أثناء تبنيها لجماعات الجهاد في أفغانستان ضد الحكم الأفغاني الموالي للسوفييتي، قد أنفقت 500 مليون دولار على أنشطة دعائية وثقافية تروّج للدفاع عن الإسلام الجهاد في سبيل الله ضد الكفار والملحدين والشيوعيين، وذلك إبان حكومة الرئيس كارتر ومستشاره للأمن القومي بريجنسكي... ناهيك عن بلايين الدولارات التي وظفت لأسلحة الدمار.
وكان الهدف الخفي، من كل ذلك، كما اعترف مؤخراً بريجنسكي نفسه، هو إغراق الاتحاد السوفييتي في المستنقع الأفغاني!!! وتساؤل: كم عدد الذين أدركوا حول تلك الخديعة، التي كشف عنها بريجنسكي من مئات ملايين المسلمين!! إن الإرهاب هو بعض الحصاد المر الذي جنته الولايات المتحدة وساعدت في تفريخه لتأتي اليوم، وتحاربه في معتقداتنا وحضارتنا، وحتى في مناهجنا الدراسية التي أضحت في قفص الاتهام.
وتبقى القضية الفلسطينية، التي أفرد لها الكاتب مساحة كبيرة في مقالاته هذه، هي الجرح النازف في وجدان عالمنا العربي، وما استشهاد فتاة في عمر الزهور، أو صبي في ربيع العمر، يقوم بعملية استشهادية إلا قمة المأساة الإنسانية المعاصرة التي تجعل الخيط الرفيع بين الحياة والموت مدعاة للتأمل الحزين والألم النبيل. فماذا يلوح في الأفق، حالياً بعد النكبة... والعكسة؟ وتأتي مجموعة هذه المقالات التي نشرت في صحف محلية وعربية وغربية قبل وبعد 11 أيلول/سبتمبر، لتضيء الظلام المحيط بنا فنتحسس موضع أقدامنا المرتعشة في هذا الظلام الدامس الذي خلفته تلك الأحداث بتسليط الضوء عليها ومناقشة آثارها وتداعياتها. إقرأ المزيد