تاريخ النشر: 01/09/2002
الناشر: دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:من مظاهر التواصل الحضاري لعروبة فلسطين تمسك أدباء هذا الوطن المرابط، مسلمين ومسيحيين، بتراثهم العربي الإسلامي، حيث يشكل الأندلس واحدةً من الحلقات الهامة في هذا التراث، بما قدمه للفكر والحضارة، من معارف وتجارب إنسانية غنيّة للتعايش العرقي، والتسامح المذهبي في ظل السيادة العربية الإسلامية، وخلاصة الرسالة التي يحولها النص ...الأدبي الفلسطيني المستد يحي الأندلس في ليل أوسلو البهيم؛ أنّ كلّ حبة تراب من فلسطين جديرة بالاستشهاد من أجلها، وأنّ الأوان لأصحاب سلطة الحكم الذاتي المحدود أن يستوعبوا الدرس الغرناطي المعاد، فيرعدوا ويدركوا أن لإدارة الشعب الفلسطيني كلمة، وأن لرفضه كلمات فصل، فيوحدوا خطابهم مع هذا الشعب.
وفي ظل المعطيات الجارية، يظل حضور الأندلس، في الأدب الفلسطيني، يتراوح بين صورة الأندلس الفاتح المتفتح، مدعاة للفخر، متمثلة في عملية الفتح ذاتها (29ه/711م) وفي بناء صرح الحضارة في قرطبة وإشبيلية وغرناطة، وما تقدمته هذه البلاد، في ظل السيادة العربية الإسلامية، من علماء ومفكرين وأدباء وساسة وقادة، وبين صورة أندلس الطوائف المغلوب على أمره، في ظل أشباه حكام، حرّكتهم أيدً خفية، من الخارج، إلى أن تمكنت الممالك الإسبانية الفرنجية، ومن ورائها أوروبا البابوية، في الاستيلاء على آخر حضارة للعرب المسلمين في شبه الجزيرة الأندلسية(897 – 1492)، وما سبق تلك النهاية، وما تبعها من عمليات انتقامية، جعلت من القضاء على مسلمي الأندلس وتراثها هدفها.
والأديب الفلسطيني لا يأخذ الأمور لماماً، ووطنه وشعبه هو المثال والقدرة، في تعايش الديانات وحماية المقدسات، لهذا ميّز بين معتنقي المسيحية، ومنهم إخوان له في الدم والوطن والمصير، وبين غلاة الفرنجة المتصلبين الأطلسيين المسؤولين عن نكبة شعبه وأمته، في فلسطين، وفي الأندلس:"ليس بيننا عيسوي أو مسلم واحدٌ نحن ألا فليعلموا/ ديننا أوطاننا فليفهموا إنا عرب تحاشينا الفتن".
وثمة صورة ثالثة لهذا الحضور في الأدب الفلسطيني تمثلت في طبيعة الأندلس الخلابة. وقد تمكن مفهوم الأندلس في نفوس الأدباء الفلسطينيين، حتى أصبح مصدر إلهام لهم، منه يستدعون انتصارات طارق بن زياد، أحد أشهر القادة العسكريين في عصره، إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق وأبرعهم؛ ويستدعون أيضاً قوة عزيمة عبد الرحمن الداخل، وهيبة عبد الحمن الناصر، وحنين ابن حمد يس الصقلي إلى وطنه، ومستمد من الحضارة الأندلسية ومصيرها المأساوي، عبر جسر (زمكاني)، يربطهم بواقعهم الفلسطيني المؤلم، في ظل واقع عربي ودولهم، لا يقل مأساوية، إن لم يزد، عن تلك الظروف، التي أدت إلى غروب شمس العرب عن الأندلس، الذي يتوجه إليه الشاعر، بعد خمسة قرون، ناعياً أندلس آخر:" وتطوفُ "وردةٌ" بين أشلاء المدائن والقبائل، آه يا أمي تعاجلك المآتم والنخيل وصوت أطلالٍ". ومن ناحية أخرى، يبدو أن اتفاقيات أسلو التي مثلت منزلقاً قاتلاً، في كتابات الأدباء الفلسطينيين المستدعية الأندلس، موازياً في خطورته، لمنزلق كامب ديفيد، إذ أن توقيعها قد تم بلا مرجعية وطنية لأكثر من ثمانية ملايين فلسطيني، يعيشون في الديار المحتلة وفي المنافي، ودون سند له إلا السند الإسرائيلي الصهيوني والغربي الأطلسي، ذي العقيدة السياسية الصهيونية، وهذا يعيد إلى الذاكرة تلك الاتفاقيات التي افتدى بها نفسه، دون مرجعية الغرناطيين، أبو عبد الله الصغير،مع الملوك الكاثوليك، ومثلث بداية النهاية، في ذهاب آخر الحوافر العربية في شبه الجزيرة الأندلسية.
هذا وتتفاوت النصوص الأدبية الفلسطينية المستدعية الأندلس، في سيرها أعذار الحدث التاريخي، لذلك فإن درجات استنطاقها وتفسيرها تعتمد على مقدار معرفة الدارس بالتاريخ الأندلسي، لأن الأديب لا يكتب بلغة التاريخ، وإنما و ، مما يجعل مهمة الدراسة والتحاليل تحتاج معرفة كافية، ليس فقط بالحدث التاريخي الأندلسي، وإنما أيضاً بملابساته وأبعاد استخدامه على صعيد الإبداع،وإنما و ، مما يجعل مهمة الدراسة والتحاليل تحتاج معرفة كافية، ليس فقط بالحدث التاريخي الأندلسي، وإنما أيضاً بملابساته وأبعاد استخدامه على صعيد الإبداع، وإنما و ، مما يجعل مهمة الدراسة والتحاليل تحتاج معرفة كافية، ليس فقط بالحدث التاريخي الأندلسي، وإنما أيضاً بملابساته وأبعاد استخدامه على صعيد الإبداع، كما أن ربط العنصر الأندلسي بالواقع الذي يعيشه الأدب الفلسطيني، يعطي الدارس مساحة أوسع في فهم النص وتفسيره. ضمن هذه المقارنة يأتي البحث حول استدعاء الأندلس في الأدب الفلسطيني الحديث، ويشمل الإطار الزمني للبحث ، القرون الثمانية لتاريخ الأندلس، والقرن العشرين من التاريخ الحديث.
أما الأطر المكاني فيشمل المساحة الجغرافية للأندلس (شبه الجزيرة الإيبيرية العربية المسلمة)، والوطن العربي. ومن هنا، تخرج من هذا البحث تلك الإشارات المتعلقة بالمدن الأندلسية، أو بالأندلس (كإقليم في إسبانيا الكاثوليكية والأطلسية) في فترات تخرج عن أطر القرون الأندلسية الثمانية،إلا ما تعلق منها، بمسلمي الأندلس،من مدحنين وموريسكيين، وبعد اكم التفتيش،باعتبارهما فصلاً مكملاً لفصول المأساة الأندلسية، فقد استدعى الأدباء هذه الظاهرة التاريخية، لِما رأوا فيها، من تماثل مع واقعهم المعيشي، ومن عنصر إبداعي خلّاق، أحسنوا استخدامه فكراً وأدباً.
يتابع الباحث هذا الحضور الأندلسي في الأدب الفلسطيني، بعد التعريف بمصادره،وتحديد إطاره، عبر عناصره التي استدعاهم الأدباء الفلسطينيون، في إطار مكونات عملهم الأدبي، ومصادر التي هي مصادر الأدب الفلسطينيون، في إطار مكونات عملهم الأدبي، ومصادر التي هي مصادر الأدب الفلسطيني، منذ أواخر العقد الأول من القرن العشرين، حتى اليوم، كما هي تلك المصادر التاريخية المغلقة بالعصريين العربيين، الأندلسي والحديث،ترفدها مصادر أخرى متنوعة اقتضاها البحث، وثم ذكرها في مكانها.
وأخيراً كلما استدعى الأديب الفلسطيني الطبيعة في الأندلس، عبق إبداعه بشذا سواحل فلسطين وجبالها وأنهارها وصحرائها، حتى إذا عرج على جراح ذلك الفردوس المنقود انتصبت منها فلسطين بشهدائها وجراحها ومعتقليها ولاجئيها وصامديها، في كتائب وسرايا، تحث الخطى، على درب التحرير والعودة. إقرأ المزيد