تاريخ النشر: 10/03/2013
الناشر: دار أخبار اليوم
نبذة المؤلف:خلال هذه الأيام منذ عامين، أجبر المصريون، للمرة الأولى فى تاريخنا الحديث، الديكتاتور الذى أهانهم وقمعهم وأذلهم طول ثلاثة عقود على الرحيل وخلعوه خلعاً. أعتبر نفسى سعيد الحظ، فقد كنت موجوداً فى ميدان التحرير بعد ظهر الخامس والعشرين من يناير 2011، وشاهدت بعينى شاباً يقف فى عرض الشارع الخالى بثبات ...مخيف، بينما مدرعة الشرطة والتى تستخدم خراطيم المياه لتفريق المتظاهرين تتقدم نحوه مسرعة. انتظر الشاب بهدوء حتى اقتربت المدرعة منه وكادت تدهسه، إلا أنه قفز إليها قفزة أسطورية، طار فى الهواء حقيقة وليس على سبيل المجاز، وهزم الوحش الذى كان يستعد لإطلاق خراطيم مياهه. وطوال الأيام، بل والساعات التالية، وحتى إجبار المخلوع على التنحى فى 11 فبراير، كان المصريون يهزمون عقوداً من الخوف والرعب والاذلال والنيل من الكرامة وإفساد الروح، تلال من سلاسل القمع والفقر والفساد المنظم أزاحها المصريون كل ساعة من أيام ثورتهم النبيلة حتى أجبروا الديكتاتور على الرحيل. لدى يقين أن أهم ما أضافته الثورة إلينا هو إلحاق الهزيمة بالخوف، واستبدال الجسارة والجرأة والخيال الجديد الشاب به، ومهما جرى، ومهما تعرضت الثورة المصرية للعثرات ومحاولات الاختطاف، إلا أن الحقيقة المؤكدة أننا هزمنا الخوف، ولن نسمح بالنيل من كرامتنا، ولن نتنازل أو نهادن فيما يتعلق بحريتنا. هذا الكلام ليس انشائياً على الاطلاق، بل أنا أعنى كل حرف فيه، فالملحمة الكبرى التى جرت فى كل ميادين مصر حتى خلع الديكتاتور، وبعده ايضا، هى إلحاق الهزيمة بالخوف. اما المتتالية القصصية فى المجموعة التى بين يدى القارىء فهى تتناول ايام الخوف والرعب السابقة مباشرة على الثورة، على هذا النحو أو ذاك، وتستلهم تراث الحركات الاحتجاجية ضد النظام السابق، فقد عاصرتها خلال العقد الأول من القرن الحادى والعشرين، مثل مشاهد المظاهرات والصدام والجنازات ، وما أثار دهشتى ان تلك المشاهد المكتوبة والمنشورة بين مارس 2007 و ابريل 2008، جرى تنفيذها وبعث الحياة فيها خصوصا خلال الاسابيع الأولى للثورة. نالت هذه المجموعة، قبل اندلاع الثورة بأيام قليلة، جائزة مؤسسة ساويرس الادبية لفرع كبار الادباء، وهو تقدير أعتز به من جانب لجنة رفيعة من أساتذتى وزملائى الذين منحنونى إياها. وبعد أيام قليلة من منح المجموعة تلك الجائزة، لم اشاهد بعينى قلاع الخوف وهى تتحطم بكل اقتدار الثورة السلمية وجبروتها وسموها الاخلاقى فقط، بل والأهم أن ما سبق لى أن كتبته على هذا النحو أو ذاك، قبل أربع سنوات كان يتحقق أمامى. لا أزعم أننى تنبأت بأحداث الثورة، لكننى استلهمت التراث الحى الذى كان يتشكل أمامى منذ تأسيس حركة كفاية تحديداً عام 2004، كل ما فى الأمر أننى شعرت أن المقدمات التى شهدتها بلادنا خلال العقد الأول من القرن الحادى والعشرين، كان لابد أن تقود إلى تلك الأحداث الأسطورية، على الرغم من أنه مهما جمح بى الخيال، فإن واقع الغضب والاحتجاج وإنزال الهزيمة بالخوف تجاوز كل خيال، وحلّق بعيداً يعانق المستحيل. كنا نعيش، خلال هذا العقد المشار إليه، بروفة متجددة للثورة كل يوم، حتى الانفجار المدوى فى الخامس والعشرين من يناير، وقصص هذه المجموعة، أو هكذا أتمنى، وتنال رضا القارىء فيما آمل. إقرأ المزيد