تاريخ النشر: 01/06/2002
الناشر: دار الساقي للطباعة والنشر
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:"يا لوحشة الحزن والضياع.. وذرفت عينه دمعاً. عاوده وجع الجوع مرة أخرى وراح يفتش في جيوبه مرة أخرى لعله يجد ثمناً لقرص خبز وقطعة جبن. راح يمارس رياضة الصمود في وجه الجوع. أخذ يفتش أدراج المكتب فلا يجد إلا أختاماً وأوراقاً بيضاء... وصور تذكارية وأشياء لم تعد تعنيه. في ...الدرج الصغير الأعلى حين فتحه وجد قلماً ذهبياً!! شعر بغيبوبة وذهول.. هو القلم نفسه، كيف نسيه أو تناساه؟! عمره أكثر من عشرين عاماً!! أهداه إياه شخص عزيز.. عزيز جداً بمناسبة النجاح. لكن بريق نجاحاته التجارية أنسته كل شيء حتى الناس الأعزاء. أخذ القلم فقبله ثم قبّله... لماذا ننسى الأشياء الجميلة في حياتنا؟ ولماذا كل هذا الحضور المدهش حين تخصب وتطفر الذاكرة مرة أخرى.. حين نقع صدفة عليها أو على ما يذكرنا بها؟ كيف لها أن تستحضر الأشياء بكل جمالها؟ وكيف تؤنبنا حدَّ الذبح؟ ماذا لو اتصلت بذاك الشخص الحبيب وقلت له بعد عشرين عاماً: مساء الخير؟ هل سيعرف صوتي؟ هل سيمتلك صوتي الجرأة على مواجهة صوته؟.. وضع القلم في جيبه وهبط السلم.. وقف أمام البقال وقال: أريد جبناً وخبزاً وتفاحتين، وضع له الأشياء في كيس قال: سأدفع لك الحساب غداً. سحب البقال الكيس بسرعة قائلاً: الفلوس قبل الخبز.. فكر... وضع يده على جيبه.. لمس القلم الذهبي: قال: هذا المنقذ... كاد يستسلم لكن شيئاً في داخله صرخ: لا.. أعاده إلى جيبه.. مشى في الطريق.. تمدد على فراشه البسيط في مكتبه، هناك حسرة كالحجر الثقيل تثقل على صدره، وغصة كالجمرة في حلقه.. حاول أن يخرجها بدموعه، ولكن لم يستطع ذرف دمعة واحدة.. للحزن قسوة حتى في البكاء!! للحزن مقدرة على سدّ منافذ الدمع! آه! يا للعجز.. أسند ركبتيه إلى صدره، و"تقرفص" في فرشاه ونام. في النوم رأى حلماً! رأى أمه تضعه فوق رجليها وتمسح على شعره بيدها وقد ألقمته ثديها، وراح يرضع يرضع... رضع حتى شبع لبناً لذيذاً كالعسل. أفاق من نومه شبعاً مسروراً.. ولكنه حين فتح عينيه باحثاً عن أمه لم يرَ إلا هيكلاً من الظلمة.. حينها بكى حتى غرق بدموعه في الظلام".
في قصصه متسع لبراءة الكلمة وللكثير من صدق العاطفة وللأكثر من الأحاسيس الإنسانية التي تتشبث ببقايا زمن إنساني على وشك الضياع. إقرأ المزيد