تاريخ النشر: 01/01/1994
الناشر: المكتب الإسلامي للطباعة والنشر
نبذة نيل وفرات:فالأمة مجموعة من البشر تحمل عقيدة واحدة، وتبقى هذه الأمة على مدار التاريخ ما دامت تعتقد تلك العقيدة، ويتمسك أبناؤها بها. ومن هذه العقيدة تنشأ العلامات المميزة للأمة، ومنها اللغة، والتاريخ، والعادات، والمفاهيم، والأخلاق، وهي التي تعطي للأمة هويتها. وإذا فقدت هذه الهوية ضاعت الأمة، وذابت شخصيتها.
وتتصارع الأمم بعضها ...مع بعض، وتتخذ كل أمة وسائلها كافة لتحقيق الانتصار على خصمها، وإذا كان السلاح أحد هذه الوسائل إلا أنه أكثرها خطراًن وليس لأنه يضيع الكثير من المال بالنفقات ولكن لأنه يسبب تهديم المنشآت الحيوية من معامل وسدود، ومشروعات وطرق، ويتلف المزروعات، ويهلك الحيوانات، وفوق كل هذا يسبب قتل الكثير من أبناء الأمة، وهم عماد حياتها، ووسيلة مجدها، وأساس بناء حضارتها. وبعد تحقيق النصر، والحصول على الفوز لا يلبث الخصم أن ينتفض، وتدب فيه الحياة من جديد، ويعود للدخول في الصراع مرة ثانية ما دامت الحياة تنبض فيه، فالروح المعنوية يمكن أن تنبعث تارة أخرى.. وهكذا يعود القتال، ويرجع الصراع بين الخصمين، لهذا عمل المخططون وسائل كثيرة لإضعاف الروح المعنوية لدى الخصم كي يخففوا من شدة أوار القتال، ويقللوا ما استطاعوا من خسائر الحروب، ومن ذلك محاولة إشغال الخصوم بعضهم ببعض بإيجاد الفرقة فيهم، وإيقاع الخلاف بينهم، ومنها نشر الفساد للالتفات إلى الشهوات، وترك الاستعداد للمواجهة، ومنها إذلال الخصم بالعمل على إفقاره، وإبعاده عن العلم، والضغط عليه كي يذل، ومتى شعر بالذل صعب عليه الوقوف في وجه الخصم، ومواجهته بل وجمل السلاح و... وهذا أمر شائع بين المخلوقات حتى أن بعض الحشرات لتضرب فريستها في موضع يجعلها في حالة شلل لا تستطيع معها المقاومة، وبعض تلك الحشرات تخدر فريستها بلدغة في مكان محدد.
ولا نعتقد أن أمة وجهت إليها السهام كما وجهت إلى الأمة الإسلامية، ولا أمة حقد عليها الأعداء كما حقد على الأمة الإسلامية، وما تلك السهام وتلك الأحقاد إلا غيظاً من الانتصارات الأولى التي حققها المسلمون على خصومهم ومنهم النصارى الذين تعنت حكامهم يومذاك فأبوا الحق، ورفضوا الخير، خوفاً من ذهاب دنياهم عنهم إذ كانوا يمرحون في حرمات الرعية، ويرعون في أعراضها، ويستبيحون أملاكها، وحقوقها، وقادوا شعوبهم إلى حروب لم تنته بقرون، وشحنت الكنيسة نفوس أتباعها بأحقاد وأحقاد، ظهرت في تلك الحروب الصليبية التي شنها نصارى أوربا على ديار المسلمين, وزادت تلك الأحقاد ونمت في النفوس الشريرة لصمود المسلمين أمام مستعمريهم صموداً لم يكن يخطر ببال الحاقدين مما ألهب غيظ الغزاة فهبوا بوحشية ينتقمون من المدافعين عن عقيدتهم، الحماة لأعراضهم، الذائدين عن ديارهم.
وما يحاول استعرضه هذا الكتيب هو تعداد المحاولات المتكررة لتحطيم المسلمين، من ثم بيان هوية الأمة المسلمة (الاسم واللقب، تاريخ الولادة والموطن)، والعلامات المميزة لهذه الأمة من (لغة وتاريخ وآمال وآلام وعادات وتقاليد) بعد ذلك تحدث الكتاب عن الضياع الذاتي لهذه الأمة من (نكبات، تزلف، جهالة، فوضى، الأشغال، واللهو، الغفلة والتبعية). إقرأ المزيد