الصليبيون في الغرب، ريمون الكتار
(0)    
المرتبة: 74,845
تاريخ النشر: 01/11/2001
الناشر: المكتبة الشرقية
نبذة نيل وفرات:إن جميع من تداولوا الحكم، وتسمّوا ريمون، غالباً ما تورطوا في مآزق مميتة شأن ريمون الثالث دي تريبولي، أحد الوجوه الأكثر غموضاً في الشرق اللاتيني، والذي تكلم العربية وتمرس بعادات محلية عديدة. فقد اختار التفاوض مع صلاح الدين بصفته وصياً على مملكة أورشليم الفرنجية، ونال منه هدنة مدتها أربع ...سنوات؛ وكان في الوقت عينه يفاوض الأمراء المسلمين والمناهضين لمليكهم، ليشف صفوفه. وجائز الافتراض أن سياسته المتناهية الدقة، كان مقدراً لها أن تغير مجرى التاريخ لو لم يتنكر لها سائر القاعدة الصليبيين، حيث قرروا أن ريمون ليس إلا جباناً، فخرقوا الهدنة لسلبهم قافلة حجيج في طريقها إلى مكة، ومنوا لتوهم بأقسى هزيمة في حطين، مما أكرههم على التخلي عن المدينة المقدسة وقبر المسيح. وبعد أيام من ذلك توفي الكونت دون عقب، وفقدت عائلته طرابلس.
وجه آخر لا يقل عنه تشويقاً وإثارة للجدل هو ريمون السادس دي تولور، ابن عمه ومعاصره، والذي يدور حوله الحديث في هذا الكتاب، إنما مأزقه كان أشد إيلاماً. "فالكفار" الذين أجبر على التنكيل بهم لم يكونوا "شرانقة" بل هم رعياها ورفاقه وأنسباؤه من أهل تولوز وبيزيه والبي وكركسون. استهوتهم عقيدة وصلت حديثاً من "الشرق"، وإذا صح التعبير، ضمن أمتعة بعض المسافرين: عقيدة الكتار. كان كان على ريمون أن يتصرف؟ هل ينصاع للبابا ويقيم المحارق.. أم هل ينصب نفسه مدافعاً عن هؤلاء التعساء مجازفاً باستعداء "المسيحية كلها"؟ اختار المداورة والتريث، حاول أن يكسب الوقت ويثير الشقاق في صفوف خصمه، وصولاً إلى الانخراط في صليبية موجهة في نهاية المطاف، ضده هو...
وفي هذا الكتاب غاص دومينيك بوديس، المؤلف، في عصر هذا التولوزي الكبير بحذاقته، بقدر ما غاص في اضطراب نفسيته، ليرسم مجدداً أمام عيني القارئ وجههه الحقيقي ويعيد الصوت والنبرة إلى عباراته المختقنة. حقبة نطئمن إلى اعتبارها بعيدة أشد البعد، خشنة، مظلمة، متوحشة، غريبة، غليظة لا إنسانية. وقد لا يمكن تجنب أيةٍ من ويلاتها في زمننا هذا الساطع الأنوار: لا الرشق بالرحم ولا المزعومة مباركة بين الحروب، لا النهب ولا النار ولا المدن المهدمة حتى الحضيض. كذلك لا أحد من الشخصيات الملحمية التي يحييها المؤلف: لا التروبادور المتحول إلى رجل متزمت، ولا الفرسان الذين حولتهم الظروف إلى لصوص أشرار، لا أحد من هؤلاء ينتمي إلى نوع مختلف، إلى بشرية مختلفة انقرضت اليوم. إنهم جميعاً المداهنون، التائهون، العاجون، المضطربون، يؤدون مثلث دورة الملهاة ذاتها على خشبة المسرح ذاتها، إنما بمنظر مختلف، وفوق رؤوسهم هذه "السماء نفسها، خاوية أحياناً ومعبأة أحياناً". إقرأ المزيد