الشيخ أحمد رضا والفكر العاملي
تاريخ النشر: 01/01/1983
الناشر: دار الآفاق الجديدة
نبذة نيل وفرات:شهدت السنوات الأخيرة، ولا سيما سنوات العقد السابع من هذا القرن، نزعة قوية للعودة إلى التراث اللبناني، على الصعيدين، الوطني العام والإقليمي المحدود. وقد قوي هذا الإتجاه، خلال الحرب القاسية التي عصفت بلبنان، لأسباب قد تتمحور حول سببين أو إتجاهين: طغيان النزعة الإقليمية، وطرح تحديد الهويّة اللبنانية في جذورها ...وأبعادها المتداخلة سياسياً ومذهبياً وثقافياً.
فإلى جانب المؤلفات العامة عن الأدب اللبناني أو الأدب العربي الحديث في البلدان العربية، أو الدراسة الأدبية المحصورة بفرد، أو الدراسات العامة في تاريخ لبنان، برزت إتجاهات إلى دراسة تاريخ المناطق اللبنانية أو المدن والقصبان في لبنان. وكذلك إلى البحث في تراثها الأدبي.
إلاّ أن عدد الدراسات الأدبية التي صبّت في تيّار هذا الإتجاه كان أكثرها من نصيب جبل عامل والأدب العاملي. فقد قذفت دور النشر بكتب كثيرة في هذا المضمار بعضها جديد وبعضها جدّد طبعه، وغدا تراث جبل عامل، بعد أن كان منسياً، تتبلور معالمه شيئاً فشيئاً.
ولا يضير هذا التراث أن يكون أقرب إلى التقليد المجدّد منه إلى التجديد الثائر، كما في بعض مناطق لبنان الأخرى، إذ أن جبل عامل ظلّ في منأى عن التأثيرات الغربية لأسباب سياسية - إجتماعية، وكان إتصاله بتراث الغرب يجري وتيداً حذراً.
في هذا الإطار تندرج دراسة الدكتور فايز ترحيني لسيرة الشيخ أحمد رضا ومؤلفاته. فللرجل في تاريخ الأدب العربي وتاريخ التراث اللبناني مكانة مرموقة تصل القديم بالجديد من خلال كوى - والتماعات، فقد كان الشيخ أحمد رضا، كسائر رجالات النهضة عندنا، يأخذ من كل علم بطرف جرياً على سنّة "الأدب" القديمة، ويزاوج بين الشعر والنثر، سالكاً مسلك المعجمات الوعر، كما فعل الروّاد اللبنانيون للنهضة العربية.
وقد تناول الدكتور ترحيني مناحي الشيخ أحمد رضا الثقافية في مؤلفه الحاضر وتتبّع معالمها بدقّة مستعيناً بالصُّوى التي زرعها أسلافه؛ وإذا كان الشيخ أحمد رضا اشتهر بمعجم "متن اللغة" أكثر مما اشتهر سواه من عطاء شعري ونثري، فإن الدكتور ترحيني يلاحظ تفرّده بذلك في بيئته العامليّة فيقول في مقدمة كتابه "لكن نشاط الشيخ اللغوي والمعجمي خرج عن إطار المعلمات العاملية إذ لم يتّسم الفكر العاملي بالمعلمة اللغوية - المعجمية، وإن عرف نزراً يسير منها"؛ أما في سائر مجالات عطاءاته فظل يجري مجرى القدامى مع محاولات لمسايرة تطورات عصره.
حاول صاحب هذا الكتاب الإحاطة بأهم نشاطات الشيخ أحمد رضا فألمّ بها دون الغوص فيها أحياناً، وفصّل بعضها أحياناً أخرى، وقد جاء ذلك مفيداً دالاًّ، وإن لم يحدّد الكاتب معيار الإيجاز والتفصيل لموضوعات دون سواها. وحبّذا لم توسّع في الكلام على فكر الشيخ الإصلاحي لأنّ من شان ذلك أن يُنبر طريقنا اليوم في مقاربتنا للشؤون السياسية والدينية والثقافية سواء في لبنان أو في البلدان العربية وبلدان الشرق الأوسط. إقرأ المزيد