تاريخ النشر: 01/01/1983
الناشر: دار الآداب
نبذة نيل وفرات:في خضم الأحداث الكبيرة التي تجتازها منطقتنا العربية، تتردد يومياً على سمع المواطن العربي كلمات "الحرب الشعبية" و"الكفاح المسلح" و"العمل الفدائي"... هذه الشعارات لم تصل إلينا إلا بعد أن تبنتها شعوب أخرى، ليس بأحرف كلماتها، بل بجبال التضحيات والدماء، والأخطاء والأرواح التي ذهبت سدى في المراحل الأولى، إلى أن ...اهتدى كل شعب إلى الشكل الذي يلائمه من هذه الشعارات.
كذلك لا بد هنا من الإشارة إلى ظاهرة تفشت عندنا مع انتشار هذه الشعارات، وهي انصراف عدد كبير منا إلى مطالعة تواريخ ثورات الحرب الشعبية المسلحة بقلم صانعيها... وقد أدى هذا في معظم الأحيان إلى انقسام إعجابنا بالتجارب، فأصبح هناك من ينادي بأفضلية التجربة الكوبية، أو التجربة الصينية، أو الفيتنامية... ومطابقة كل واحدة من هذه الثورات على ظروف واقعنا العربي.
ليس كتاب ريجي دويريه في هذا المجال حكماً بين هذه النظرات المختلفة. إنه كاستروي متعصب يعتقد أن التجربة الكاستروية تلائم معظم بلاد أمريكا اللاتينية. وليست قيمة الكتاب على كل حال محصورة في هذا المجال. أين تكمن قيمة الكتاب إذن؟
قبل هذا الكتاب، كان دوبريه قد التهم قراءة كل ما كتب حول الثورات المسلحة في قارتي آسيا وأميركا اللاتينية. ثم ذهب دوبريه يجوب أنحاء أمريكا اللاتينية، يستمع، ويناقش ويراقب. فوضع حصيلة هذه الجولات بحثين كبيرين أحدهما بعنوان "استراتيجية الثورة في أميركا اللاتينية" والآخر بعنوان "الكاستروية، المسيرة الكبرى لأميركا اللاتينية". ثم عاش دوبريه -كما يشرح في مقدمته- سنتين في هافانا، بقرب كاسترو وبقية أبطال ثورة كوبا، يناقشهم في كل مسائل الثورة المسلحة في أميركا اللاتينية.
وهكذا تأمن لريجي دوبريه إطلاع على تفاصيل حركة الثورة المسلحة في أمريكا اللاتينية عن طريق المعايشة، وصلتها بالثورات الآسيوية، عن طريق المناقشة والمطالعة، ولعل هذا لم يتأمن لأي مفكر معاصر آخر.
هذه هي نصف قيمة الكتاب. أما النصف الأخر فيكمن في المنهجية الفكرية الشديدة الحيوية التي ناقش فيها دوبريه وعرض ما يعرف من معلومات. فهو يشدد منذ مطلع الكتاب، وحتى صفحاته الأخيرة، على أن المقياس الأساسي لنجاح أية نظرية، هو نجاحها ف يميدان التطبيق، ويرفع بذلك شعاراً هاماً متحركاً هو شعار "الفعالية الثورية".. لذلك نراه يركز كثيراً على شرح المخاطر العملية لنسخ التجارب الثورية نسخاً آلياً، واستيرادها -كالبضاعة- من بلد إلى بلد... ولذلك نرى دوبريه، رغم إعجابه الشديد بنموذج الثورة الكوبية، فإنه يطلقه نموذجاً صالحاً للتطبيق في جميع أنحاء العالم، ولكن أقصة ما يقوله عن هذا النموذج إنه يلائم -في رأيه- ظروف معظم بلدان أميركا اللاتينية.
ورغم القيمة الفكرية الخطيرة للكتاب. الذي ينطلق من أسس ماركسية -لينينية إلى تحليل حركات الكفاح المسلح-، فإنه دوبريه في رسالته الشهيرة من سجنه في بوليفيا، يوصل بان كتابه ليس نهائياً، وأنه لو أعاد كتابته لأدخل عليه كثيراً من التعديلات على ضوء تجربة "الرفاق البوليفيين"، ويضيف أن من حق الذين يعيشون تفاصيل تاريخ معين، أن يكتبوا تحليلاً لهذا التاريخ..
إن أعظم ما يحتاجه المواطن العربي في مرحلة تكاثر شعارات الكفاح المسلح ومتفرعاته من حوله، هو أن يمسك بزمام منهجية فكرية معاصرة ودقيقة، تمكنه من إيجاد دربه وسط هذا الطريق الشائك، فلا يكون الاندفاع العاطفي هو دليله الوحيد في الطريق.
إن كتاب دوبريه في هذا المجال، هو أحد أخطر الكتب السياسية التي صدرت في القرن العشرين، يضاف إلى الأدب الماركسي معلماً عصرياً هاماً وشجاعاً من معالمه.نبذة الناشر:ريجي دوبريه: اسم يعرفه اليوم جميع المثقفين في العالم، لأنه رمز "المثقف المناضل" الذي يجمع العلم الواسع والفلسفة العميقة إلى النضال وروح التضحية. وقد وصف هذا الكاتب الفرنسي الشاب بأنه "فيلسوف الثوار ومهندس العقيدة وحرب العصابات في أميركا اللاتينية".
وهذا الكتاب: "ثورة في الثورة" هو حصيلة جلسات نقاش طويلة مع فيدبل كاسترو، ومحاولة لتحديد مبادئ الصراع المسلح والصراع السياسي في أميركا اللاتينية. وقد أثار ولا يزال يثير ضجة كبيرة في الأوساط اليسارية في العالم بالنظر إلى شخصية دوبريه الذي أعتقل في بوليفيا، بعد أن قابل الزعيم الكوبي ارنستو تشي غيفارا الذي قتل أخيراً في حرب التحرير في بوليفيا.
وقد حكم على مؤلف "ثورة في الثورة" بالسجن لمدة ثلاثين عاماً بتهمة أنه اشترك في الثورة وأعطى دروساً في الثورات لرجال العصابات، وعمل مع غيفارا قبل مقتله في بوليفيا، ولكن أفرج عنه أخيراً بعد توسط شخصيات عالمية ذات نفوذ. إقرأ المزيد