تاريخ النشر: 01/01/1989
الناشر: دار الفكر المعاصر
نبذة نيل وفرات:أبو بكر الطرطوشي عالم فقيه، زاهد، مؤلف، داعية، أندلسي المولد والنشأة والتعليم والثقافة، ثم كان مشرقي الرحلة، والتجوال والإقامة، فهو نتاج الثقافة العربية الإسلامية الشاملة التي تتشابك مقوماتها من أقسى المشرق إلى أقصى ديار الأندلس، وعصره يجمع قرنين هما الخامس والسادس، فهو ولد سنة 450 وتوفي على أرجح الأقوال ...سنة 520 مخلفاً وراءه تراثاً ضخماً في موضوعات شتى في أصول الفقه والخلاف والفقه والفقه المالكي خصوصاً، والسياسة الشرعية، والتاريخ والتفسير والحديث إلى غير ذلك من الأغراض. وقد بقي على عوادي الزمان، من هذه الكتب عدد قليل، ويعد سائر مؤلفاته مجهولاً: في خزانة من خزائن الكتب، أو هو في عداد المفقود.
والكتاب الذي بين يدينا يدخل ضمن كتب الدعاء وهو من كتب الطرطوشي المنسية أو شبه المنسية، وذلك لأنه لم يلق العناية اللازمة من المحققين، وبالتالية فالنسخة التي جاءت طي هذا المجلد تطبع لأول مرة مذيلة بتحقيق لطيف.
وبالعودة لمتن هذا الكتاب فنجد أن موضوعه العام هو الدعاء، وتركيز المؤلف فيه كان على الدعاء المأثور، وآداب ذلك الدعاء، وفي كيفية الدعاء، ما يدعي به، وفي الدعاء المستجاب، قال المؤلف في المقدمة تبيناً لمقاصده: إنه بين في كتابه أسرار الدعاء، وشروط الإجابة، وألفاظ الدعاء، وما أثر من الدعاء ومما ورد في دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعا بعض الأنبياء والمرسلين، وزاد ما دعا به الصالحون مما وصل خبره إليه.
وقسم المؤلف هذه الأغراض وما يتعلق بها على أبواب فجاء الكتاب في خمسة عشر باباً ومقدمة قصيرة، هذا ولم يخرج المصنف في كتابه هذا عن أسلوبه العام في مؤلفاته وهو الجمع بين الرواية، والدراية في أي موضوع يعالجه، وقد نبه ابن خلدون إلى هذا الجانب من أسلوبه حيث عرض لكتابه (سراج الملوك)، ولئن كان هذا الأسلوب يحدد من طبيعة العمل التأليفي ويرده إلى العمل التصنيفي كثيراً، لقد أحسن الطوطوشي في كتابه هذا حين لجأ إلى هذه الطريقة، فإن طبيعة الموضوع هي الدعاء وما ورد في شأنه وما ورد في شأنه، وما أثر من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ما أثر عن غيره من الأنبياء والرسل، ومن أدعية الصالحين.
وفي الكتاب غرض تربوي تهذيبي، إلى غرض آخر تعليمي، وهو كسائر كتبه، مؤلف لعامة الناس لكي يعرفوا من حقائق دينهم الحنيف ما لا يصح أن يجهلوه وعبارة الطوطوشي عبارة، سهلة ميسورة، قريبة إلى إفهام الخاصة والعامة، يكتب بلغة من يحاضر أو يلقي الدروس.
وفي الكتاب إشارات كثيرة تدل على أنه كان يلقيه على المستمعين أو يحاضر به في حلقات المسجد، ولم يعمد إلى السجع أو أساليب البديع والزخرفة التي غلبت على إنشاء ذلك العصر، ولم يتكلف في العبارة ولم يعقد في الإبانة عن مقامه. إقرأ المزيد