تاريخ النشر: 01/01/1997
الناشر: الشركة العالمية للكتاب
نبذة نيل وفرات:أبو فراس الحمداني هو "الحارث بن أبي العلاء سعيد بن الحارث الحمداني، يرجع نسبه إلى تغلب، ولد في العراق، وقيل في منبج، في حدود السنة 320 للهجرة، نشأ أبو الفراس يتيم الأب، غير أن سيف الدولة لم يشأ حرمانه من رعاية الأب، وحنان العائلة، فحمله معه إلى حلب، ليتمم ...تربيته، وهكذا نشأ نشأة صالحة، وخرج من بين يدي سيف الدولة فارساً مقدماً لا يهاب الشدائد عارفاً بأصول الحرب والطعان، قادراً على قيادة الجيوش، والثبات في ساحات الوعى، وهو بعد فتى طري العود.
وهكذا تغيرت حياته في بلاط سيف الدولة زوج شقيقته من أبيه، حيث الرفاه والنعيم، فاستمع لغناء القيان، وحدّث عن ذكريات حبه وذكريات مجده، وعرض بواكير قصائده، تلك التي كان ينزع فيها نزعة من يرى نفسه رب البيت وسيد الدار. وهكذا نشأ الفتى نشأة أدبية، فأخذه المربون بأسباب المعارف والعلوم، وبدت عليه النجابة منذ صباه، فأكبره سيف الدولة وأحبه وزاد عطفه عليه، وصحبه معه في الغزوات، ولما اشتد ساعده قلّده إمارة منبج وحرّان.
بعد الأحوال الحياتية الخصوصية، ومع النجاح في الحرب والأدب والوفاء، تأمنت لأبي فراس منزلة رفيعة في بلاط حلب. فهو المخول لحضور المجالس الأدبية والشعرية والعلمية، وهو نقطة ارتكاز ا لمحور الواقف في وجه المتنبي الذي حظي بمنزلة عظيمة عند سيف الدولة. وما كان أحد غيره ليتجرأ على الكيد لأبي الطيب، وتأليب العلماء عليه، ونقد شعره، واتهامه السرقات الأدبية، والنيل من مكانته العالية.
إذا ما كان أبو فراس رجلاً عادياً ولا شاعراً عادياً، بل غدا في بلاط سيف الدولة واحد من أكبر شعراء العربية، وأكبر شعراء بني حمدان. وطارت شهرته حتى طبقت الآفاق، وهكذا أهلت الحياة أبا فراس ليكون شاعراً قبل كل شيء. وقد كان كذلك فعلاً لكن بأصالة عربية قل نظيرها، وبعنفوان الفرسان الحقيقيين أصحاب الأنفة والكرم والوطنية.
ولأبي فراس شعر متنوع الموضوعات، جمعه بعد وفاته، أستاذه وصديقه ابن خالويه، واحتوى الديوان على أشهر الفنون التقليدية المعروفة، ما عدا المدح التكسبي. حيث أنه ما كان بحاجة إلى التكسب في شعره، وهو الأمير ابن الأمير وابن عم الأمير الذي قصده الشعراء. لذلك قصر شعره على أغراض نفسه، والمناسبات العارضة له، فجاء وجدانياً صافياً يتفجر من نفس أدبية، وامتاز عن غيره من الشعر الرائج، بتلك الوجدانيات الصادقة التي صدرت عنه صدوراً طبيعياً، بعد أن وقع في الأسر وذاق طعم القيود في سجن الأعداء، كما امتاز بالحنين والشكوى والعتاب، و الفخر والحماسة، والحكمة، والغزل، والوصف، والرثاء، وغيرها.
وعلى أي حال، إنك لواجد من ديوان أبي فراس الرقة، والأصالة، والطبعية، والخيال، والنفس الملحمي، وجمال التعبير، وسلاسة الأسلوب، ونبل الأخلاق، ولطائف الغزل، وعمق الأسى... وهو إلى ذلك عميق الإيمان، خالص الشعور، قوي الحجة، طلق اللسان، صافي العاطفة.
وقد جمع شاعرنا هذه الصفحات الحميدة في شخصية الشاعر التياه والأمير الأصيل، والفارس المناضل، فاستحق عن جدارة، ما قاله فيه الصاحب بن عباد: بدئ الشعر بملك، وختم بملك.
وإذا ما عدنا لما يضمه هذا الكتاب نجد أنه قد ضم بين طياته دراسة ومختارات، الدراسة تناولت كل ما يتعلق ببيئة أبو فراس الحمداني وفروسيته وعلاقته بالمتنبي، وشاعريته، والأحوال السياسية التي عاش فيها، أما المختارات فحرصت على إعطاء فكرة واضحة عن نتاج هذا الشاعر الفذ الذي امتاز عن أقرانه بموضوعات شعرية مهمة.
وحرص عند ترتيبها إتباع التسلسل الألفبائي للقوافي، كما وتم ترقيم القصائد ترقيماً تسلسلياً، وكذلك الأبيات الشعرية، بحيث تستقل القصيدة بأبياتها المختارة، وما احتاج منها إلى شرح تم شرحه في الحواشي تحت رقمه التسلسلي، مما يسهل الأمر على الطلاب والدارسي، والتلامذة، والمهتمين نمن الخاصة والعامة. إقرأ المزيد