تاريخ النشر: 01/01/1999
الناشر: المسار للنشر والأبحاث والتوثيق
نبذة نيل وفرات:"ما الذي يجمع بين "السفر" في صحراء والكهانة؟ ليس اللغة وحسب، بل السحر الذي يلازم منطق الصحراء الذي هو خلف المنطق. ففي الصحراء جهات تشير إليها أنجم السماء. وليست الطرق (أو الأطرقة) هي التي يسلكها المسافر لتفضي به، بل هو المسافر الذي يفضي بالطرق، إذ يخطها سعياً، إلى الجهات. ...ومن سحرها أيضاً أن كل شيء فيها عابر، كأنها وهي التجلي المطلق للوجود البدائي العاري، المجال المثالي لحكمة الزوال. حتى ما يضاف إليها من سعي البشر (المسافر) يتمثل في سراب، كغيره، وذلك أن الحقيقة الوحيدة في الصحراء هي السراب، والسراب هو ما تزينه العين الناظرة إلى بعيد لا يحد، فتحيل الرمل ماء. كل حقيقة عابرة زائلة، ومنها الطريق، فلا يحين ميقات الهبوب حتى تعاود الصحراء ترتيب مساحتها وتبتلع الرمال، في حيلة جيولوجية فاتنة، ما تركه العابرون من أثر. الرمال تلاقي الرمال فيمحى الأثر، ويحال الوجود إلىمصدره: العدم، فتستعيد السماء رعاية الجهاتويستعيد الخلاء سره وغموض دروبه. أما أن يسير المسافر في الصحراء مطرقاً، أي مخفيّ الرأس مسدل الجفنين، وأما أنيسرح ناظريه إلى أبعد المستطاع، ويقال أن المستطاع في الصحراء مسافة تفوق التصدر. ويطرق المسافر أما تعوذاً واستجماعاً للذات والتقوى لأن كل خلاء مسكون بالشيطان، وإما اتقاء "للهاجرة التي تصيب العين وتنفذ من العين إلى الروح" كما الصحراء تحمل رمالها، كذا نصوص كتاب الرمل تحمل معانيها متبعثرة في سطورها وبينها، في كلماتها ومعها، في مضامينها وبها، نصوص وعبارات وكأنها خواطر فيلسوف، وكأنها تنظيمات لغوي، وكأنها خيالات كاتب أبت إلا أن تحتل تلك المساحة على تلك الأوراق. إقرأ المزيد