تاريخ النشر: 01/01/1954
الناشر: منشورات الحكمة
نبذة نيل وفرات:الجمال هو جوهرة تعبير عن حياة غنية حرة متسقة منتصرة لا يكون الفعل أو الشيء جميلاً إلا بما يوحي إلينا من أفكار وعواطف نبيلة. الجمال تعبير عن الحياة وعلى الأخص عن حياة الروح، والحي لا يحن إلا إلى الحياة ولا يحب ولا يفهم إلا ما يظن أنه واجداً في ...الأشياء من نفسه، حتى ليعير أحياناً هذه الأشياء ذكاء من ذكائه، وعاطفة من عاطفته ونفساً من نفسه. فرق العقل في محاولاته بين الجمال والخير، أو هو على الأقل، فرق بين الشر والبشاعة، فلم يجعل أحدهما علة والآخر معلولاً. واصل التناسق والإلتواء الماديين على مستوى واحد كوسيلة من وسائل التعبير. وعلى كل فالواضح من التعريف الذي وصل إليه الفلاسفة الأصوليون أن الجمال كائناً بذاته، بل كائن بالنسبة إلى الله، وبالنسبة إلى الإنسان، على ضوء الحقيقة والخير، وإلا تساوى في الوجود الجمال والبشاعة. الجمال هو التعبير عن الجهد الدائم بغية التقرب من الكمال، من الله. ومن وجد الله فقد وجد الجمال. أما الشعر فله بالإضافة إلى حكاية الجمال حكاية أخرى، حكاية الشعر، حكاية عقل يغفو وحاضر يموت على نغم يرف هناك، حكاية إتساع الحياة في مواكب من الصور والأخيلة والأحلام والعاطفة. هناك حالة شعرية، هي الحالة التي تتعطل معها، إلى حدّ ما، القوى المدركة الواعية الحاسبة الراقمة المهندسة المتاجرة العاملة السائسة المتفلسة المتنطقة المبرهنة المستقرية المستنتجة المحظة المختبرة. حالة إنعتاق النفس في كل مشاغل الدنيا، وتكاثف الحياة الروحية إلى أقصى حدّ، والإستسلام للأحلام، والتأمل في الصور التي يبتدعها الخيال. فالشعر إنما يعتمد أول ما يعتمد الصور، متوجهاً إلى الخيال لا إلى العقل، الشعري حقاً في أثر ما هو الصور لا الأفكار. ولا يرد بأن هنالك من القصائد ما تستمد قيمتها من الفكر، وبأنها لا تقتصر على إستحثاث خيالنا، بل على إنارة تفكيرنا أيضاً. نعم إني لأعرف أبياتاً لا تمت إلى الخيال، ولا قيمة لها بجمال الفكر الذي تعبر عنه، ولكن لا يمكن أن يخطر ببال أن هذه الأبيات شعر، ولا أخطئ رأياً إذا أنا قلت أنها ليست شعراً. على قدر أهل الغرم تأتي الغرائم، وتأتي على قدر الكرام المكارم، وتعظم في عين الصغير صغارها، وتصغر في عين الكبير العظائم. أن كون الشاعر مفكراً في الوقت نفسه فلا أشوق ولا أمتع. ونضيف بأنه لا أشوق ولا أمتع من هذه الإحتفالية النثرية التي أطلقها صلاح لبكي ضمن هذه الدراسات التي وسمها بإسم " لبنان الشاعر ". حيث إستهلها بحديث عن بدء النهضة وعواملها وآثارها على الأدب والأدباء مبيناً فيما بعد سمات شعر جبران المصنف ضمن الشعر المهجري، معرجاً من ثم على تقديم دراسة وضمن آفاق الشعر المهجري حول الرابطة التعليمية متحدثاً بعد ذلك عن الرومنطيقية في الأعمال الشعرية اللبنانية وليقدم دراسة حول المدرسة الرمزية والبنايات الشعرية في الأعمال الشعرية أيضاً اللبنانية. إقرأ المزيد