تاريخ النشر: 01/09/2004
الناشر: دار مكتبة الحياة
نبذة نيل وفرات:"عبد الله بن المقفع" هو بن روزبة بن دازويه فارسي الأصل، ولد في البصرة (724-759م) ونشأ مجوسياً مستعرباً بين آل الأهتم الذين اشتهروا بالفصاحة والعلم، وقد أتقن اللغتين وآدابهما: الفارسية، لغة قومه، والعربية، لغة الدولة والبلاد التي نشأ فيها. ولما مات والده (المقفع) أخذ يتكسب بصناعة الكتابة، فكتب في ...خدمة آل هبيرة، عمال الدولة الأموية، وكان يومذاك في العشرين من عمره. وعندما انتقل الملك للعباسيين اتصل بأعمام المنصور، فكتب لعيسى أيام ولايته على "كرمان" وأدب بعض بني إسماعيل والي "الأهواز". على يد عيسى أعلن روزبة إسلامه، وسمي بعبد الله، وكني بأبي محمد.
في زمنه كان الخلاف على أشده بين مؤسسي الدولة العباسية. فقد خرج عبد الله بن علي على المنصور ابن أخيه، فأرسل له هذا جيشاً للقضاء عليه، وكان الجيش بقيادة أبي مسلم الخراساني، ففشلت ثورة عبد الله، وهرب ليلتجئ عند أخيه سليمان والي البصرة، فعزله الخليفة المنصور من ولايته، وولي مكانه سفيان ابن معاوية المهلبي.
طلب الخليفة تسليم عبد الله إليه، فرفض أخواه سليمان وعيسى ذلك إلا بأمان منه يمليان هما شروطه. ولما رضي المنصور كتب الأمان ابن المقفع-وكان كاتباً عندهما-فشدد وبالغ في شروطه خوفاً من غدر المنصور، فتقم المنصور عليه، وراح يتربص الفرص للإيقاع به. وبالإضافة إلى نقمة المنصور، كان سفيان الوالي الجديد يحقد على ابن المقفع لاستخفافة به وتندره عليه، وسخريته الدائمة منه. ومن صفات ابن المقفع أنه كان جريئاً صريحاً في إعطاء رأيه. انتقد سير الحكم في البلاد، فزاد حقد المنصور عليه وبدأ يدبر المكايد لقتله.
اختلفت الروايات حول الطريقة التي قتل بها ابن المقفع، ولكن الثابت منها أنه دخل دار سفيان في بعض مهام تخص مولاه عيسى بن علي، ولم يخرج منها، وقد أشيع بعد موته بأنه كان زنديقاً لا يؤمن بالدين، ولكن كتبه لا تشير إلى شيء من ذلك مات وهو في السادس والثلاثين من عمره. وصفه بعضهم بأنه أذكى العجم المستعربين وأفصحهم، كريم الخلق، سخي اليد، شديد الوفاء، ومما يذكر عنه أنه كان يضحي بنفسه في إحدى المرات، لتخليص صديقه عبد الحميد بن يحيى، الذي كان يطارده العباسيون لولائه للأمويين.
كان ابن المقفع متمكناً من اللغتين الفارسية والعربية وقد ترجم من الفارسية إلى العربية وأجاد في الترجمة ونقل كثيراً من الكتب، ضاع أكثرها، وما وصل إلينا منها يشير إلى أنه كان يتصرف في الترجمة، فيزيد وينقص كما يشاء. وتلاحظ ذلك بوضوح في كتاب كلية ودمنة، ففيه عبارات تدل على أنها كتبت بعد ظهور الدين الإسلامي، مع العلم أن بيدبا الفيلسوف، واضح الكتاب باللغة الهندية، كان برهميا عاش في الهند منذ عشرين قرناً أو أكثر على الأرجح.
ولعل الحالة السياسية المضطربة، التي كانت تسود البلاد في زمن المنصور الطاغية الذي يشبه، من حيث طغيانه، دبشليم كانت من الدوافع الكبرى لابن المقفع على ترجمة الكتاب، وقد سمي "كليلة ودمنة" من باب تسمية الكل باسم الجزء، نسبة إلى ثعلبين شقيقين يقومان بدور كبير في أحد أبوابه. وقد انتشر الكتاب انتشاراً واسعاً. ويعد بحق أول كتاب عربي في الأخلاق لما فيه من نصائح وتوجيه بطريقة المثل المعقول غالباً على ألسنة البهائم. وشغف به العرب حتى قام منهم من نقله ثانية ومن عارضه، كما فعل سهل بن هارون، أحد كتاب المأمون حين ألف كتاب "ثعلة وعفرة" الذي فقد. كما نظمه البعض شعراً. وتلك الكتب فقدت جميعاً ولم يبق إلا ذكرها إلى جانب كتاب كليلة ودمنة الذي قل أن تخلو منه مكتبة الآن. إقرأ المزيد