تاريخ النشر: 08/11/2022
الناشر: دار المقتبس
نبذة نيل وفرات:يقول عبد الرحمن بن حسن الجبرتي في مقدمة كتابه : " أين كنت اسودت أوراقاً في حوادث آخر القرن الثاني عشر وما يليه من أوائل القرن الثالث عشر الذي نحن فيه جمعت فيها بعض الوقائع إجمالية وأخرى محققة تفصيلية وغالبها ممن أدركناها وأمور شاهدناها . واستطردت في ضمن ذلك ...سوابق سمعتها ومن أفواه الشيخة تلقيتها ، وبعض تراجم الأعيان المشهورين من العلماء والأمراء المعتبرين وذكر لواقع من أخبارهم وأحوالهم ، وبعض تواريخ مواليدهم ووفياتهم فأحببت جمع شملها وتقييد شواردها في أوراق منسقة النظام ، مرتبة على السنين والأعوام ليسهل على الطالب النبيه المراجعة ، ويستفيد ما يرومه من المنفعة [ . . . ] . وعليه يمكن القول أنّه ما من شك أن الجبرتي قد استغرق في عمله هذا ليله ونهاره واستمر يبحث عن مصادره ومراجعه وبدأ يدوّن الأسماء ، وكان من الطبيعي أن يبدأ بالمشايخ ومن كان منهم شيخاً للأزهر ومشايخ آخرين ، من كان أبوه يطلق عليهم الطبقة العليا ثم الطبقة التي تليها ممن اشتهروا بالعلوم الفقهية والعقلية والنقلية والشعر والأدب والخطابة ، وغير ذلك ، كما شرع يدوّن أسماء الأمراء ومَن بلغ منهم مشيخة البلد ومّن شاركهم في الحكم . وقد استعان الجبرتي في عمله هذا بكل مَن اعتقد أن عندهم عوناً ، ومن هؤلاء صديقه المشهور إسماعيل الخشّاب الذي التحق شاهداً بالمحكمة وكان من المشهورين بالعلم والأدب في عصره . وقد كان الجبرتي دقيقاً لا يكتب عن حادثة إلا بعد أن يتأكد من صحتها ، وقد يدرج التدوين حتى يحيط بالمصادر التي تصححها سواء بالتواتر أو بالشهادة . ومجمل القول ، فإن عبد الرحمن بن حسن الجبرتي هو مؤرخ كبير عاصر الحملة الفرنسية على مصر ، ووصف تلك الفترة بالتفصيل . وعليه ، فإن في هذا الكتاب بجانب الآثار في التراجم والأخبار ، حيث يعدّ مرجعاً أساسياً لتلك الفترة الهامة ، كما اتسم بالوعي القومي والموضوعية في تتبعه لتلك الفترة الهامة في تاريخ مصر والوطن العربي . وإلى ذلك ، فإن الجبرتي هو عبد الرحمن بن حسن برهان الدين الجبرتي . ولد بالقاهرة عام 1756 م وتوفي فيها يوم 18 يونيو / حزيران عام 1825 . جاءت أسرته من قرية جبرت قرب ميناء زيلع على البحر الأحمر، وهي منطقة كانت تابعة لنجاشي الحبشة ، وعُرفت بالتقوى البالغة لسكانها . وفي نهاية القرن السادس عشر الميلادي هاجر جده السابع ليصبح شيخاً لرواق الجبرتية في الأزهر الشريف ، وهو منصب كان ينتقل في ذلك الوقت من الإبن إلى الإبن ، وقد كان معلم عبد الرحمن الجبرتي الأول هو والده حسن الدين برهان الذي كان مرجعه الأول في تعلّم الحساب والفلك وعلم الفلك والتقويم وغيرهم من العلوم . عاصر عبد الرحمن الجبرتي فترة انحلال النظام العثماني ، وكذلك عاصر مجيء الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت عام 1798 م كما عاصر تولي محمد علي باشا حكم مصر لتبدأ مرحلة جديدة من تاريخ مصر لعلّ أهمها التىغييرات العديدة التي حدثت في البناء الاقتصادي والإجتماعي لمصر حيث أخذ على عاتقه تدوين العصور المهمة في نقاط التحوّل في تاريخ مصر الحديث . هذا وإن قيمة الجبرتي تكمن في كونه شديد الملاحظة لكل الأحداث التي حدثت في مصر إبّان فترة المماليك والعثمانيين ، وأيضاً سنوات الحملة الفرنسية ، وإلقائه الضوء على أحرج فترة في تاريخ مصر والتي فيها تأسست قواعد كثيرة من الفكر المصري وأوجه متعددة من الشخصية المصرية . إقرأ المزيد