تاريخ النشر: 05/04/2022
الناشر: دار المقتبس
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:محمد رشيد بن علي رضا ولد سنة (1856 - 1935م) في قرية القلمون وهي قرية تقع على شاطئ البحر المتوسط من جبل لبنان، وتبعد عن طرابلس الشام بنحو ثلاثة أميال وكانت وفاته بمصر سنة (1354هـ / 1935).
ويعتبر محمد رشيد رضا مفكراً إسلامياً من رواد الإصلاح الإسلامي الذين برزوا مطلع ...القرن الرابع عشر الهجري، وبالإضافة إلى ذلك كان صحافياً وكاتباً وأديباً لغوياً، وهو أحد تلاميذ الشيخ محمد عبده.
أسس مجلة المنار على نمط مجلة "العروة الوثقى" التي أسسها محمد عبده، ويعتبر حسن البنا أكثر المتأثرين برشيد رضا، وقد اتخذ محمد رشيد رضا من قريته الصغيرة "القلمون" ميداناً لدعوته الإصلاحية، فكان يلقي الدروس والخطب في المسجد بطريقة سهلة بعيدة عن السجع الذي كان شائعاً في الخطب المنبرية آنذاك، ويختار آيات قرآنية بأسلوب رائع تنعكس آثاره على الحاضرين، مبسطاً مسائل الفقه، محارباً البدع التي كانت شائعة بين أهل قريته.
وكان يذهب إلى الناس في تجمعاتهم في المقاهي التي اعتادوا الجلوس فيها لشرب القهوة والنارجيلة، ولم يتوان عن ذلك وصولاً إلى وعظهم وحثهم على إقامة الصلاة.
وقد أثمر هذا الأسلوب المبتكر، وعكس ذلك من خلال إقبال الكثير منهم على أداء الفروض والإلتزام بالشرع والتوبة والإقبال على الله تعالى.
كما عمد إلى توعية النساء وإرشادهم إلى دينهن الحنيف وإقامة العبادات والورع من خلال إرسال من يدعوهن حيث كن يدعوهن إلى دروس خاصة بهن، وجعل مقر الدروس والتدريس في دار الآسرة، حيث كان يلقي عليهن دروساً في الطهارة والعبادات والأخلاق، وشيئاً من العقائد.
هذا وقد عاش الشيخ محمد رشيد رضا فترة تعدّ من أخصب فترات تاريخ الشرق العربي بأحداثها السياسية وتقلباتها الفكرية، ولم يكن خلالها الشيخ شخصاً عادياً، بل كانت إسهاماته الفكرية ومواقعه السياسية التي وضعته بين طائفة المصلحين والإسلاميين في القرن العشرين، وقدم له إسهامات فكرية متميزة من خلال مؤلفات تميز بها.
ولعلّ سلسلة رحلاته تفصح عن كل ما يتعلق بالشيخ رضا على جميع الأصعدة: الدينية، الثقافية، الإجتماعية، السياسية، وهذا مؤلفه: المرحلة الأوروبية، الذي استطاع عبره التعبير عن نظرته إلى المجتمع الأوروبي ونقده؛ إلى جانب ذلك فإن هذا الكتاب يمثل ثمرة من ثمرات ثقافته التي تميزت بالشمولية، دون أن تخلو مؤلفاته عامة وكتابه هذا من حسِّي نقدي: سياسي أو اجتماعي أو أو أو، حسب مقتضى الحال، وما جاء في مقدمة هذا الكتاب أبلغ دليل: "كادت أوربة تسود العالم الأرضي، وتستبد جميع شعوب البشر، وتسخّرها لخدمتها، لولا أن تفلّت جلّ العالم الجديد في غربي الكرة (أميركة) من قبضة يدها، وتلاه الشعب الياباني في شرقيها، فساوى الشعوب الأوروبية في العلم والصناعة والنظام، واتقان فنون الحرب وآلات القتال، ووسائل الثروة وتدبير المال.
وأما سائر بلاد المشرق من آسيوية وأفريقية فكانت خاضعة خانعة لدول الإستعمار الأوروبية على تفاوت بينها في هذا الخضوع، فمنها ما يعدّ ملكاً خاصّاً لهن، ومنها ما يسمى التصرف فيه حماية أو احتلالاً، ومنها ما يسمى مناطق نفوذ سياسية أو اقتصادية أو امتيازات دولية، دع النفوذ العلمي الذي سيطروا فيه على الأفكار بتأثير مدارسهم وانتشار لغاتهم وبث مطبوعاتهم، والنفوذ الديني الذين سيطروا فيه على القلوب والأرواح ببعثاتهم الدينية، وما أنشئ لها من المدارس والمستشفيات والأندية، وما يطبع لها من الكتب والصحف المنتشّرة، ولا تنس في هذا المقام تأثير تجارتهم وسياحهم، ولا تأثير عاداتهم وأزيائهم، ولا أتحامى ذكر تأثير بغاياهم وفواجرهم، في إفساد الأخلاق، وحاناتهم ومقامرهم في استنزاف الأموال [...].
وإلى ذلك يجب ألا يغيب عن الأذهان مقتضى رحلته الأوروبية التي كرّس لها كتابه هذا إذ يقول في معرف انتقاده إلى من كانوا يتوجهون برحلاتهم إلى الدول الأوروبية، منتقداً أغراضهم التي عرضها: فترى الناس يرحلون إليها من جميع أقطار الأرض أفداداً وثُباتٍ، وأكثرهم يبتغون بالرحلة إليها التمتع بمشاهد عمرانها واحتساء كؤوس لذاتها... ومنهم من يؤمها للإستشفاء... ومنهم من يهاجر إليها لطلب العلوم الكونية... ومنهم من يتسلل إليها للقيام بأعمال سياسية، ولعلّ أقلّ زائريها من ينوي تكميل عقله وتجاربه بالإختبار والإعتبار بما يرى ويسمع، وأرجو أن أكون من هذا القليل، وإن كان المحرك لهذه الرحلة والداعي إلى جعلها في الزمن الذي وقفت فيه إلى المكان الذي كان جلّها فيه ليس إلا لخدمة السياسة لوطن المولد والتربية.
ذلك بأن الحزب الإتحاد السوري - وهو أحد الأحزاب السياسية التي كنت من مؤسسيها والعاملين فيها - قد قرر برأيي وموافقتي أن يدعو الأحزاب السورية الإستقلالية إلى عقد مؤتمر سوري في مدينة (جنيف) من بلاد (سويسرة) - حيث تمتع جمعية الأمم - لأجل المطالبة بحق سورية في الحرية والإستقلال الصحيح المطلق من كل قيد ينافيه [...]. إقرأ المزيد