أبو البقاء الرندي ؛ شاعر رثاء الأندلس
(0)    
المرتبة: 75,316
تاريخ النشر: 08/12/2021
الناشر: دار المقتبس
نبذة نيل وفرات:شاعر رثاء الأندلس ، أبو البقاء الرندي . . هو صالح بن يزيد بن صالح بن موسى بن علي بن شريف النّفري ، من أصل رُنْده ، ويُكنّى أبا الطيب ، وهو ينتسب إلى قبيلة نفرة ، وهي من قبائل البربر ، وينتمي إلى مدينة رُند . ونقل عن ...إبن سعيد في ( المغرب ) أنّها إحدى معاقل الأندلس الممتنعة ، وقواعدها المرتفعة ، وقد كانت في أيام الدولة المروانية في منطقة ثورة عمر حفصون . ودار حولها خلاف ، ونشبت معارك في أيام ملوك الطوائف حتى حصلت في يد بني عبّاد ، وبقيت رُندة في جملة دولة غرناطة الإسلامية الباقية على أواخر أيامها . ولد أبو البقاء الرندي في محرّم سنة إحدى وست مئة ، وتوفي عام أربعة وثمانين وست مئة . قال إبن الخطيب : نقلت من خط صاحبنا الفقيه المؤرخ أبي المحاسن بن الحسن . قال أنشدني الشيخ الراوية الأديب القاضي الفاضل أبو الحجاج . . . ، قال أنشدني القاضي الفاضل أبو القاسم بن الوزير : قال : أنشدني شيخي الأديب أبو الطيب صالح بن أبي خالد يزيد بن صالح بن شريف الرندي لنفسه لتكتب على قبره : " خليليّ بالود الذي بيننا إجعلا . . . إذا متُّ قبري عرضةٌ للترحّم / عسى مُسْلِمٌ يدنو فيدعو برحمة . . فإني محتاجٌ لدعوة مسلم [ . . . ] . تلقى الرندى علومه واستكمل ثقافته في مدينة رُندة . وعندما تنقّل وترحل عن بلده كان قد ثبت على قدمٍ في العلوم والفنون راسخةٍ حتى عرف له معاصروه فضله ومكانته . وقد كانت للرندي رحلات وأسفارٌ إلى أنحاء الأندلس الباقية في عصره ، وأكثر رحلاته وأسفاره كانت إلى الحاضرة " غرناطة " . فقد نقل لسان الدين أنّه كان كثير الوفادة على غرناطة والتردد إليها يستوفد ملوكها ، وينشد أمراءها . وكانت له رحلة أو أكثر إلى المغرب . تنوّعت جوانب الرندي واهتماماته ، وتعددت ، فهو كما ظهر من تراجمه ومما ترك من مؤلفات . . كان أديباً ، فقيهاً ، مشاركاً ، وامتدت اهتماماته لتشمل معظم جوانب الثقافة الأدبية والدينية لعصره . فقد كان شاعراً ، وأديباً ، ومؤلّفاً ، وناقداً . ومن جهة ثانية كان فقيهاً ، محدّثاً فرضيّاً ، مقدماً في رجال القرن السابع المعدودين - فهو - وعلى الرغم من تعدّد إتجاهاته ، واتساع نتاج معارفه ومواهبه ، كان ذو مكانة خاصة في معظم تلك الجوانب التي طرقها . أما شخصيّته ، فتجمع لدى الدارس من أخبار الرندي ومما يجده في كتبه صورة واضحة تقريباً لأخلاقه وتديّنه ، ومكانته في عصره ، وعلاقاته بمعاصريه ، واتجاهاته . وكانت الأوصاف التي أسبغها عليه إبن الزبير ، وإبن عبد الملك المراكشي ، وإبن الخطيب كافية لإعطاء صورة الأديب الفقيه الشاعر ، ذي المكانة المرموقة في عصره . ففي ترجمة إبن الزبير له أنّه كان بالجملة معدوداً في أهل الخير ، وذوي الفضل والدين ، وعند إبن الملك أنّه كان خاتمة الأدباء بالأندلس ، بارع التصرّف في منظوم الكلام ومنثوره ، فقيهاً ، حافظاً ، فَرَضيّاً متغنّناً في معارف شتى ، نبيل المنازع ، متواضعاً ، مقتصداً في أحواله . وقد كان الرندي ممّن يستطيع أن يحسن الصلة بينه وبين أهل الفكر ، وأصحاب الدولة بين الأمراء والحكّام والوزراء المتنفذين ، ومَن كان في ساحتهم . وساعده علمه وشاعريته على تقريبهم له واستشارهم من شعره . وإلى هذا ، فقد اشتهر أبو البقاء ( أو الطيب ) الرُّندي بقصيدة رثى بها الأندلس ، أو هو رثى - على وجه الدقة - المدن والبلدان والحصون والمناطق التي سقطت لزمانه ، في جملة الإستغلاب العارمة ؛ وهي قصيدة مؤثّرة مشجية ، اندفع الشاعر مع حماسته الوطنية والدينية ، فيكن ما ضاع من ديار قومه ، واستنهض الهمم لاستردادها ، وحرّض على القتال والجهاد . وكان لأوصاف الأسرى ، والنسوة المسبّيات ، والمغلوبين على أمرهم من المسلمين في القصيدة الأثر البعيد في التأثير في القارىء والسامع . . فكانت قيمة القصيدة مستمدّة مما فيها من عاطفة جيّاشة ، ومما سرد صاحبها من أخبار محزنة ، وممّا صاغ من عبارة ، ومما أثار من حماسة . وكانت المعلومات عنه قليلة . لم يكن الرندي في الحقيقة شخصية مغمورة في زمانه ، بل كان شاعراً بارزاً ، وأديباً وفقيهاً ومحدّثاً ، كما أسلفنا ، وعرف عنايته ، وتأليفه في علم الفقه ، والفرائض ، والحديث ، وغيرهما من العلوم الشرعية ، بالإضافة إلى جوانب أدبية مختلفة . وهو يُعدّ واحداً من نقّاد الأندلس المتأخّرين . وكتابه " الوافي في نظم القوافي " خير شاهد . فالقارىء إذن أمّا شخصية أندلسية مرموقة المكانة . وما يشتمل عليه هذا الكتاب هو دراسة عن الرندي الأديب ، الشاعر ، الناقد ، على أمل أن تُجلي هذه الدراسة بعض الغموض الذي أحاط به عند المعاصرين ، من خلال دراسة جوانبه تلك دراسة تبيّن أثره ومكانته في الحركة الأدبية في الأندلس ، وتقرّ به بذلك إلى القارىء ، وتكون إسهاماً في العناية بالأندلس وبالآثار العربية الأندلسية . إقرأ المزيد