تاريخ الجنسانية 4 ؛ اعترافات اللحم
(0)    
المرتبة: 5,525
تاريخ النشر: 19/05/2021
الناشر: دار التنوير للطباعة والنشر
نبذة الناشر:سنة 1984، قبل موت ميشال فوكو بفترة وجيزة، ظهر الجزءان الثاني والثالث من تاريخ الجنسانية، وتوقف عمله على بقية الأجزاء، وأخيراً، وبعد عمل استمر لثماني سنوات ظهر هذا الكتاب، وهو الجزء الرابع من هذا الكتاب.
إن التحوّل من الإتيقا اليونانية - الرّومانية إلى الإتيقا المسيحية - التي هي موضوع الجزء الرابع ...- لا يجب أن نبحث عنه جهة القانون والمنع والتحريم، بل نلتفت جهة ممارسات الذّات وتقنيات تشكّلها وكيفيات بناء مؤسّسات تقشّفها وزهادتها ورهبنتها إنطلاقاً من البنى الكنسية في نوعية فهمها للجنس والرغبة والمتعة زواجيّاً أو خارج الزّواج، وبناء خطاب صارم في التوبة والتعميد والطّهارة والعذرية، كلّ ذلك من خلال التمفصل الذي عماده الإعتراف واللّحم.
ففوكو جعل الإعتراف سبيلاً لا غنى عنه لإنتاج القول الحقّ وقول الحقيقة، إلى درجة يمكن القول معها إنّا أصبحنا "مجتمعاً إعترافياً إلى حد الشّذوذ".
إنّ الذات المعترفة يمارس عليها الإعتراف إغراء لا رادّ له في سبيل الحقيقة إلى درجة التضحية بالذّات، فالإعتراف يحرّر من حيث هو قول للحقيقة.
إنّ رغبة الفرد في معرفة حقيقة ذاته تجعل الإعترافات تتوالى للذات وللآخرين المفترض فيهم قدرة إطلاعنا على حقائقنا، بفضل ما يملكونه من قدرة على فهم وتفسير إعترافاتنا، فمن الإعتراف المتمحور حول الجنس نقول حقيقة الجنس ليخبرنا الجنس عن حقيقتنا، فكما قام "علم" لــ "الجنون" يُظهر حقيقته حتى لا نخسر حقيقتنا، قام "علم" لــ"الجنس" يقول حقيقته لنرى فيها حقيقتنا.
حقيقة الذات في الآخر الذي يعرف، المعرفة في الذات لما لا تعرفه هي ذاتها، لذلك يعود فوكو إلى الأصول التي سينبني عليها الإعتراف الكنسيّ، نعني إلى آدم وحوّاء وإعترافهما بإرتكاب الخطيئة وإلى قتل قابيل لهابيل دون إعتراف بجرمه وتلك معصية أشنع من فعل القتل، إذ عدم الإعتراف وقاحة إزاء الرّبّ لا تُغتفر.
لذلك عرّبنا ما نحن بسبيله بإعترافات اللّحم الذي لا يمكن أن تقوله لفظة الجسد أو الجُسدان أو البدن، وهو ما يشهد له قول يوحنّا كاسيانوس الذي يتحدّث عن العيش في الجسد مع تحريرنا من اللّحم، نعني "الخروج من اللحم مع البقاء في الجسد". إقرأ المزيد