تاريخ النشر: 16/09/2020
الناشر: شركة الأعلمي للمطبوعات
نبذة نيل وفرات:إن الإنسان بفطرته عاش الكمال المطلق، ويتبع هذه الفطرة فطرة أخرى هي الإنزجار عن النقص؛ أي نقص كان، وعلى أساس هاتين الفطرتين الأصلية والتبعية، يحاول الإنسان من خلال ما يعتقده أنه كماله، أن يرسم لنفسه الأهداف والغايات التي ينشد الوصول إليها... إذ هناك للإنسان خصائص أساسية ميزته هذا الموجود ...الحيّ عن باقي موجودات هذا العالم، فهو موجود مفكّر أولاً، وعاشق للكمال المطلق ثانياً، لكن ما هو الطريق للوصول إلى الغاية التي يرجوها الإنسان... تلك الغاية التي يحصل عندها الإطمئنان القلبي والنفسي الإنسان.
تلك الغاية التي يحصل عندها الإطمئنان القلبي والنفسي للإنسان، وقد شهدت الحضارة الإنسانية في أدوارها المختلفة أن القافلة البشرية انقسمت إلى فئتين، الفئة الاولى: أن يكون لهذا العالم مبدأ ومنتهى وهذه الفئة عاشت مشكلة الضياع واللاإنتماء... وهي المشكلة التي عبّر عنها السيد محمد باقر الصدر "أنها تعيق حركة الإنسان في تطوره عن الإستمرار الخلاّق المبدع الصالح، لأن مشكلة الضياع تعني بالنسبة إلى الإنسان أنه صيرورة مستمرة تائهة لا تنتمي إلى مطلق يسند إليه الإنسان نفسه في مسيرته الشاقة الطويلة المدى، فالتحرك الضائع بدون مطلق، تحرك عشوائي كريشة في مهب الريح تنفعل بالعوامل من حولها ولا تؤثر فيها "أما الفئة الثانية فإنها لم تقبل مثل هذا الجواب وأخذت تبحث عن المبدأ والمنتهى والطريق المستقيم الموصل إلى الغاية، وهؤلاء هم العلماء الواعون الذين كانوا يتمتعون بالإستعداد الكافي للتفكير الجاد في هذه التساؤلات وقدّموا للبشرية أجوبة متعددة عن ذلك.
وهذه الإجابات هي التي كونت الأسس المنطقية لأنواع الرؤية الكونية التي يزخر بها قاموس الحضارات البشرية، ونعني بالرؤية الكونية: النظام الفكري والعقائدي الذي يحدد سلوك الإنسان في الحياة في مختلف المجالات، ويمكن تقسيم هذه التساؤلات إلى ثلاثة أقسام: 1-معرفة الوجود، 2-معرفة الإنسان، 3-معرفة السبيل، ففي مجال معرفة الوجود يقع البحث عن بعض المواضيع التي نؤهل لكسب رؤية عامة عن الكون والوجود بقطع النظر عن الظواهر الخاصة، لينضح لنا: أهذا الوجود مساوٍ للمادة وظواهرها المتنوعة، أم ليست المادة إلا جانباً من جوانب الوجود؟... وعلى الغرض الثاني، هل ثمة رابطة بين عالم المادة وما وراءها؟...
إن الجواب على هذه التساؤلات يؤدي إلى معرفة الله سبحانه وتعالى، وفي مجال معرفة الإنسان، يقع البحث عن حقيقة الإنسان، ماهيته، مثاله...
تساؤلات تقود إلى إجابات حول معرفة المعاد، وأما في مجال الثالث فيقع البحث عن مواضيع تربط مبدأ الإنسان بمعاده وتبين دور الخالق في هداية الإنسان نحو سعادته الأبدية، وبفضل الإجابات الموضوعية لتلك الأسئلة سوف نصل إلى نتيجة فحواها أننا نملك سبيلاً مضمونة لمعرفة المنهج الصحيح للحياة الفردية والإجتماعية.
إذن فالآيديولوجيات أي الأفكار والقواعد القانونية والأخلاقية التي تتعلق بسلوك الإنسان مباشرة والتي تحتوي على عبارة "ينبغي أن تفعل كذا" و"لا ينبغي أن تفعل كذا"، أو "يجب أن تفعل كذا"، و"يمنع أن تفعل كذا" تنبثق جميعاً من الرؤى الكونية.
هذا وإن هناك مدارس ومسالك مختلفة وجدت على مسرح الفكر الإنساني لتكوين هذه الرؤية أو تلك، انحصر الحديث في متعلقاته في هذا البحث في المقام الأول، وهو الذي يمثل السبيل للوقوف على حقائق الأشياء، وهنا اختلف الفلاسفة والعرفاء والمتكلمون فيما بينهم، حيث اختار كل فريق طريقاً ومنهجاً للوصول يختلف عن الآخر، فتعددت الرؤى واختلفت؛ من فلسفية وكلامية وعرفانية.
وعليه، فقد اشتمل هذا البحث أيضاً على دراسة اشتملت على قسمين تم البحث في القسم الأول منها وبشكل مفصل ما يبين للقارئ تفاصيل هذه المدارس التي وجدت على مسرح الفكر الإنساني في تاريخه الطويل، ثم بيان ما هو الحقّ الذي لا بدّ أن يُتّبع؛ لأن الحق أحقّ أن يتبع، ولكن ما لا يدرَك كلُّه لا يترك جلُّه، ولهذا اقتصر الباحث في دراسته هذه على ما ذكر إجمالي لأصول هذه المدارس الفكرية والعقائدية، والمدارس التي شملتها هذه الدراسة هي خمس: 1-المدرسة المشائية: الخلفيات والمكونات العامة، 2-المدرسة الكلامية؛ الوظائف والمسار العام، 3-المدرسة العرفانية؛ المكونات والإتجاهات والخط العام، 4-المدرسة الإشراقية؛ عقلانية لا تتقاطع مع البيان والعرفان، 5-الحكمة المتعالية؛ مشروع للتوفيق بين البرهان والقرآن الكريم والعرفان.
ثم اتبع بذلك بدراسة يبين فيها الباحث الفوائد المترتبة على البحث الفلسفي، هذا بالنسبة للقسم الأول من هذه الدراسة: أما القسم الثاني فقد تم تخصيصه لتقديم قراءة مفصلة في فلسفة الشيرازي المعروف بـ "صدر المتألهي" فيما شمل المحاور الآتية في ماهية وأركان وأبعاد وهذه الفلسفة: 1-مدرسة الحكمة المتعالية؛ المنهج والمحتوى، 2-مسائل الوجود، 3-نظرية الحركة الجوهرية في كلمات الشيرازي، 4-الآثار المترتبة على الحركة الجوهرية، 5-التوحيد والعلم الإلهي، 6-نظرية المعاد الجسماني في مدرسة صدر المتألهين، 7-نظرية العلم والعالم والمعلوم (العاقل والمعقول)، 8-الحركة الجوهرية ومباحث النفس.نبذة الناشر:لكي يتّضح الدور الأساسي الذي ينهض به البحث الفلسفي في حياة الإنسان على مختلف مستوياته وطبقاته على مرّ التاريخ الإنساني الطويل، لا بدّ من الوقوف - ولو قليلاً - للتعرّف على بعض خصائص هذا الموجود الحيّ وما امتاز به عن الموجودات الحيّة الأخرى التي تشاركه في كثير من الخصوصيات.
ومن هنا فلا بدّ من البحث في النقاط التالية:
١-بيان حقيقة الإنسان وفرقه عن سائر الموجودات.
٢-بيان المشكلة الأساسية التي يعاني منها الإنسان.
٣-بيان الحاجة إلى تكوين رؤية كونية.
٤-مقدمة منهجية. إقرأ المزيد