الحديث بإفريقية من القرن السادس إلى القرن الثامن الهجري
تاريخ النشر: 01/07/2019
الناشر: دار المالكية للنشر
نبذة نيل وفرات:إن الإشتغال بالسُّنّة النّبويّة يُعدّ من فضائل الأعمال وأقرب القربات إلى الله سبحانه وتعالى لما فيها من بيان لكتابه العزيز، ولإختصاصها بكثير من أحكام شرعه الحنيف، لذلك انبرى الآلاف من علماء هذه الأمّة - في كلّ جيل - للتّشرّف بخدمتها، مبلّغين للنّاس كافّة حديث رسول الله صلى الله عليه ...وسلم ومميّزين للصّحيح من الضّعيف حتّى لا تلتبس على النّاس أمور دينهم.
وكان للسّلف الصّالح اليد الطّولى في جمع الأحاديث وحفظها وتدوينها وتمييز صحيحها من سقيمها، والذّبّ عنها لإنتحال المنتحلين وتحريف المحرّفين ووضع الوضّاعين ممّا لم يحدث مثله في أمّة من الأمم لرسالة من رسالات أنبيائها، ولا يخفى ما في ذلك من حكمة إلهيّة بالغة في حفظ رسالة الإسلام من كلّ تحريف؛ لأنّها خاتمة الرّسالات جميعاً.
ومن أهمّ الوسائل المستعملة عند المحدّثين في عملهم، علم الرّجال لمعرفة أحوالهم، والجرح والتّعديل، فضلاً عن بقيّة فنون مصطلح الحديث، وكلّها مفاتيح لدخول غمار هذا العلم، وكلّها محكّ يبيّن معدن الحديث الخالص من المغشوش، ولا يُنكر فضل الأجيال الأولى في هذه العلوم إلا جاحد، ولا ينتقص من قدرها إلا حاقد.
وبعد الأطوار الأولى التي مرّت بها السُّنّة، والمتمثّلة في تقييدها، ثمّ جمعها وتدوينها فتصنيفها وتبويبها، جاء طور التأليف المتقدّم في مناهجه والمُتعلّق بتمحيص متون السّنة وأسانيدها، ثمّ تلا ذلك طور جديد - لا يُنكَر فضله في هذا المجال، وإن كان أكثر إرتكازه على جهود سابقيه - وإمتاز هذا الطُور بالجمع بين المؤلّفات السابقة، ووضع الشّروح عليها، والإستنباط منها، والتّذييل عليها، وحفظ أسانيد الكتب إلى مؤلّفيها، وطلب العوالي والمسلسلات والإجازات وتسجيل معاجم الشّيوخ والرّحلات. إقرأ المزيد