فصحى التراث في لهجة تهامة عسير ؛ بحث في تاريخ دلالة الألفاظ وتطورها
(0)    
المرتبة: 20,246
تاريخ النشر: 19/06/2019
الناشر: مؤسسة الإنتشار العربي
نبذة نيل وفرات:لا يخفى على دراس اللغة المعنى الذي تدلّ عليه لفظة " تهامة " ، فكلّ ما ولي مكة من أرض اليمن يسمى تهامة ، ويُقال إن مكة من أرض تهامة ، والنسب إليها " تهامي " بفتح التاء قديماً ، وكسرها عند أهلها ، وعند الجمع يقال ( تَهَمة ...) و ( تيهان ) . وفي اللغة : أتهم الرجل ، إذا صار إلى تهامة ، والمتهام الكثير الإتيان إلى تهامة . ويُقال إن التاء والهاء والميم أصل واحد ، يدلّ على شدّة الحرّ وركود الريح ، وبذلك سميت تهامة . وعن السبب في تسمية عسير ، قيل إنه إسم رجل يسمى عسير ، وول آخر ، هو وعورة جغرافية المنطقة ، لا سيما قبل تعبيد الطرق . وتقع تهامة في بطون جبل السروات غرباً ، حيث يحدّها شرقاً جبال السروات ، وغرباً البحر الأحمر ، وشمالاً : محافظة القنفذة ، وجنوباً منطقة جازان . من هنا ، فقد اختص هذا الكتاب بدراسة لهجة هذه المنطقة : " تهامة عسير " ، في عدد من الألفاظ الشائعة ، الذائعة على ألسنة أبنائها ، وقد غض الباحث الطرف عن ألفاظ كثيرة عرضت له أثناء البحث ، كونها تختص بقبيلة أخرى ، ولا تقسم بدورها قاسماً مشتركاً . هذا وقد جاءت دراسة هذه الألفاظ وفق منهجين من مناهج الدراسة اللغوية ؛ هما : المنهج الوصفي ، والمنهج التاريخي .
فأما المنهج الوصفي ، فإن دراسة اللهجة في ألفاظها وتراكيبها كما هي عليه اليوم ، تستدعي دراسة في النواحي : الصوتية والعرفية والدلالية . وأما المنهج التاريخي فهو لبيان العلاقة الوثيقة مع فصحى التراث في بعض الظواهر اللغوية .، ولأجل هذه العلاقة بين اللهجات على اختلافها والفصحى ، كانت هناك مقارنة بين الألفاظ قديماً وحديثاً ، فكانت النتيجة ثبات بعض الألفاظ في دلالاتها وأصواتها وصيغتها الصرفية ، وقسم آخر من الألفاظ شهد تغيّراً في الظواهر السابقة أو في بعضها . كما أخذ الباحث بالمنهج التقابلي في المقابلة بين الألفاظ في مستويين من مستويات اللغة هما : الفصحى القديمة ، واللهجة في تهامة عسير . وعليه ، فقد تضمن الكتاب أربعة أقسام . تناول الأول منها الألفاظ التي وافقت فصحى التراث لفظاً ومعنىً ، بينما تضمّن القسم الثاني دراسة حول الألفاظ التي وافقت الفصحى القديمة : لفظاً دون معنى. وجاء القسم الثالث حول الألفاظ التي حدث في بنيتها تغيّر مع دلالاتها على شيء معين . وتم تخصيص القسم الرابع للألفاظ التي حلّت محلها ألفاظ أخرى ،من الدلالة على شيء معين . هذا ، وقد كان اهتمام الباحث منصبّاً على بيان الدلالة المعجمية ( العامة ) أولاً ، ثم الدلالة السياقية ، من خلال السياقات المختلفة التي قد يختلف فيها مدلول اللفظ عما كان عليه في المعجم . ويشير الباحث إلى أن الألفاظ موضع الدرس في هذا الكتاب لا تشمل كل ما ورد في اللهجة ، ولن تكون كذلك ، إذ أنه يؤكد أن هناك الكثير من الألفاظ التي لم تأتي هذه الدراسة على ذكرها ، إذ أنها دراسة إنتقائية لبعض الألفاظ الشائعة في كل القبائل على وجه التقريب ، مشيراً ، كما ذكرنا سابقاً ، إلى أنه إذا ما وجد ألفاظاً في قبيلة دون أخرى ، عمد إلى إهماله ، أضف إلى ذلك أن كثيراً من هذه الألفاظ قد بدأ طريقه إلى الإندثار ، بسبب لغة التحضر والتمدن التي يعيشها أبناء القبائل . ومن المفيد التنويه بأن المادة المدروسة ، كما يذكر الباحث ، كانت من البيئة البدوية لهذه القبائل . وأخيراً ، أمل الباحث أن تجد هذه اللهجة حظها من البحث والدراسة ؛ إذ أنها تعدّ مادة خصبة للدرس اللغوي ، فهي كغيرها من اللهجات العربية إرثٌ ثقافي لهذه اللغة الخالدة ، وهي بحاجة إلى من يصلها بأصولها وجذورها القديمة . إقرأ المزيد