الراسخون في العلم ؛ مدخل لدراسة ماهية علم المعصوم وحدوده ومنابع الهامة
(0)    
المرتبة: 67,305
تاريخ النشر: 06/02/2019
الناشر: دار المحجة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:استقاضت الروايات والأحاديث الشريفة في بيان علم النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم والأئمة المعصومين عليه السلام، وأن علومهم هي علوم القرآن الكريم، وأن ما هو موجود في القرآن الكريم وما فيه وما تضمنته آياته الكريمة موجود بعينه عند النبي صلى الله عليه وسلم والأئمة.
وهذا أدنى ما يمكن فهمه ...من حديث الثقلين - الذي سيأتي البحث التفصيلي فيه في ثنايا هذا البحث - فضلاً عمّا صرّحت به الآيات المباركة، كما في قوله تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194)﴾... [ سورة الشعراء ].
وإذا ما أريد كتابة علم النبي صلى الله عليه وسلم في كتاب فسيكون هو القرآن الكريم، وإذا ما أريد تجسيد علم القرآن الكريم في شخص هو النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم.
وهذه طائفة من الروايات التي تشير إلى علم النبي صلى الله عليه وسلم، فضلاً عن إثبات أفضلية المطلقة، ثم إثبات ذلك إلى وصيَّة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ثانياً، في الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "ما جاء به عليه السلام أخذٌ به وما نهى عنه أنتهي عنه، جرى له في الفضل مثل ما جرى لمحمد صلى الله عليه وسلم، ولمحمد صلى الله عليه وسلم وآله الفضل على جميع من خلق الله عزّ وجلّ، المتعقّب عليه في شيء من أحكامه كالمتعقّب على الله وعلى رسوله، والمرادّ عليه في صغيرة أو كبيرة حدّ المشرك بالله.
كان أمير المؤمنين عليه السلام باب الله الذي لا يؤتى إلا منه وسبيله الذي من سلك بغيره هلك، وكذلك يجري لأئمة الهدى واحداً بعد واحد..." عن يزيد بن معاوية عن أحدهما عليهما السلام في قوله الله عزّ وجلّ: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾... [آل عمران: آية 7]. فرسول الله صلى الله عليه وآله أفضل الراسخين في العلم، قد علمه الله عزّ وجلّ جميع ما أنزل عليه من التنزيل والتأويل، وما كان الله تعالى لينزل عليه شيئاً لم يعلّمه تأويله، وأوصياؤه من بعده يعلّمونه كله، والذين لا يعلمون تأويله إذا قال العالم فيهم بعلم، فأجابهم الله بقوله: ﴿يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾... والقرآن خاص وعام، ومحكم ومتشابه، وناسخ ومنسوخ، فالراسخون في العلم يعلمونه".
ومن الأبحاث المهمة التي يمكن الوقوف عليها من خلال حديث الثقلين بيان مقدار علم أئمة أهل البيت عليهم السلام، حيث بين الحديث ذلك بوضوح وصراحة، واعتبر أنهما - أي القرآن الكريم والأئمة" - لن يفترقا حتى يروا الحوض"، فالوقوف على علم أهل البيت يمكن معرفته من خلال الوقوف على ما في القرآن الكريم، وعلى ما عند النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم من علم، وحيث أن أهل البيت وعلى رأسهم النبي صلى الله عليه وسلم لا يفارقون القرآن ولا يفارقهم القرآن، فإن علمهم هو علم القرآن الكريم، وكلّ ما في القرآن من علم فهو عند أئمة أهل البيت فضلاً عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهكذا العكس؛ فإن ما عند أهل البيت من علم فهو موجود في القرآن الكريم، وهذا مقتضى عدم المفارقة بين القرآن الكريم وأهل البيت عليهم السلام من حيث العلم، فكما لا يفترقان عملاً وسلوكاً، كذلك لا يفترقان علماً، ويبقى السؤال الأهم - بعد التسليم بأن ما في القرآن الكريم من علم موجود بعينه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم - هو: كيفية إثبات ذلك للأئمة المعصومين عليهم السلام؟...
من هذا المنطلق يأتي هذا البحث الذي يهدف إلى إثبات التسلسل الآتي: أن ما هو موجود في القرآن الكريم ثابت موجود عند النبي صلى الله عليه وسلم، وما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من علم ثابت عند الأئمة المعصومين عليهم السلام بمقتضى الأدلة التي يسوقها المؤلف في بحثه هذا للتأكيد على التلازم والترابط الوثيق بين البحث في علوم النبي صلى الله عليه وسلم والأئمة المعصومين، وبين البحث في علوم القرآن الكريم ومراتبه ومضامينه وبعض الأبحاث المتعلقة بذلك.
وعليه، فقد عمد المؤلف إلى الدخول في أبحاث علم أئمة أهل البيت بحيث يكون البحث في علوم القرآن الكريم ومضامينه ومراتبه مقدمة البحث في علم النبي صلى الله عليه وسلم والأئمة المعصومين عليهم السلام. إقرأ المزيد