في صحبة العربية ؛ منافذ إلى لغة وأساليب
(0)    
المرتبة: 17,388
تاريخ النشر: 07/01/2019
الناشر: دار الجديد
حمّل iKitab (أجهزة لوحية وهواتف ذكية)


نبذة نيل وفرات:يقول المؤلف في مقدمة كتابه :
لم أدرج نفسي يوماً في معشر اللغويين بمعنى الحرفة وقلّما تكرّم غيري عليّ بهذا الإدراج أو فَطِنَ إلى إمكانه . كثيراً ما سمعت الإشادة بالعربية التي أكتب بها : بألقٍ ما يجدها القارئ أو السامع ممتازة به أو بمثانة في سبك الكلام .... هذا مدعاة سروري غالباً . ولكنه قد يغيظني أيضاً حين أشتم فيه صرفاً للنظر من الفكرة والحجّة ؛ أي ما يسمى المضمون . وهو في كل حال ، حكمٌ يتعلق بالأسلوب ، أي بالمعجم وبأبنية الكلام وسياقته . والأسلوب يَسِمُ الكاتب وقد وُجد من قال أنه هو الإنسان ، ولكنه لا يثمر اللغوي . فلهذا الأخير شأنٌ آخر . فنٌ أو علمٌ آخر . ما كان هذا التجاهل الإجمالي لنسبتي إلى حرفة اللغويين ليضيمني أو يؤذيني إذ كنت أنا نفسي شريكاً فيه ، وهي شركة بقيت على ما يشبهها في كل باب من أبواب الكتابة طرَقْته ، درست الفلسفة في الجامعة وبقيت متربصاً على أعتاب الفلسفة . ودرّسْت علم الاجتماع عقوداً ولم أحتسب نفسي في زمرة أهله . واشتغلت بالنقد التاريخي لأعمال فورحيتا وجرّبت نفسي في أعمال تنسب إلى التاريخ عادة وبقي طمعي في الإنتساب إلى هذه المهنة أيضاً محفوفاً بالتردد والشك .. الخ . هذا كله مع أن أعمالاً تحثُ إلى هذه الصنائع ( وإلى غيرها مما لم أذكره ) بوشائج متنوعة تكاثرت بمرّ الأعوام . ولكنها تكاثرت موزّعة بين حقول لعلها أفرطت في التكاثر ، وهي أيضاً ، فلم ينل كلٍّ منها سوى القليل نسبياً من العناوين . ثم إن ما يسمى الأسلوب بقي شاغلاً متصدراً في معظم الأعمال [ ... ] مع هذا الضياع المهني ، وحين اضطر الكاتب البحث عن صناعة للإنتساب إليها بلا تحفظ ؛ بعد أن أعياه لإنتساب الوطيد على هذا أو ذاك من فروع للمعارف التي زاولها تدريساً وتأليفاً .. غير أنه لم يجد سوى الأدب بمعناه الأصلي في التراث العربي ، يدرج فيه جملة أعماله ، فكان الكتاب هذا وليد هذا الخيار الأدبي ، وإن يكن بعض هذا الذي أدرجه سياسةً أو تاريخاً أو بحثاً لغوياً مثلاً .. . فيما بعضه الآخر شعر أو خواطر مثلاً . وهذه أهم المسائل التي تضمنتها هذه النصوص : 1- في اللسانيات العامة : حيث اجتهد ، مستهدياً بأمثلة من مواد المعجم العربي ومن حروف أمنيته ، في تفنيد مبدأ استوى ، مع فرديناند دوسوسور ، ركناً للسانيات المعاصرة ، وهو مبدأ تحكمية العلامة اللغوية أي استبعاد كل دورٍ للمدلول ، وهو التصور ، في تعيين الذالّ ، وهو اللفظ بما هو سلسلة صوتية . 2- في مسألة العربية والحضارة العصرية : إشكالية كفاءة اللغة العربية الذي يدور حولها سجال ، لاستيعاب الجديد أيّاً يكن ، باعتبار اتساع ما يفتحه لها آفاق النحو الرحبة اعتمادها الإشتقاق بأوزانه الكثيرة أصلاً تكوينياً لها ، فضلاً عن إمكان النحت وعن إمكان التعريب ، حيث يرى للمساحيل في النحت والتعريب فضلٌ ما على مجرد الإشتقاق . وكان للكاتب رؤية عرضها في مقالته هذه . 3- وكان هناك طرح آخر تمحور حول المبارزة المتمادية ما بين الفصحى والعاميات ، حيث رصد في مقالته ما سماه " جلاء الفصحى عن مناطق المشافهة ، ولم يُستثنى من هذا الجلاء منابر كانت بالأمس حِكراً على الفصحى بينها منابر التدريس ومنابر الخطابة ، بما فيه تدريس اللغة نفسها ، وبما فيها من خطابة سدنه الدين الذين يُعدّون ذخراً للفصحى وحصناً للفصاحة . 4- وما دام قد ذكر تعزيز الفصحى ، وتيسير تعلمها ، فقد أبرز فداحة العيب الذي خلّفه في الكتابة العربية استبعاد ما يسمى " الحركات " أي الصوائت القصيرة من النصوص العربية المطبوعة . مبيّناً بأن هذه ضربة أنزلها بالعربية اعتبار الكلفة التجارية وطلب السرعة في الإنجاز . 5- السلطة اللغوية : وقد كان قد تناولها في مقالة قصيرة وفي مواضيع متفرقة من أعمالٍ أخرى . ولكنه وبعد قراءته لخبر مفاده أن مجمع اللغة العربية في القاهرة ، يبتغي من السلطة العامة أن تقرّ تشريعاً يعاقب بغرامات فادحة ، بل بالحبس أيضاً من تسوّل له نفسه الكتابة بالعامية في الصحف وسائر وسائط الإعلام والإعلان ... وفي ترجمة المسلسلات المتلفزة أيضاً .. فكان له رأيه الذي بيّنه في هذه المقالة بأن الإصلاح اللغوي ، أيّاً كان يُقترحُ ولا يُفْرَض وأن عليه أن يساير الجاري في الإستعمال ملتزماً في ما يقول به حدود السائغ الممكن ، معقّداً بكون الإستعمال ستبقى كلمته هي العليا أطاع دواعي الإصلاح أم عصياً .. هذا على كل حال ، شرط موجع لإقبال مراكز الأعلام والتعليم والنشر على الإصلاح المراد ، إذ منها ، لا من الأفراد ينطلق الإصلاح وينتشر . 6- بقيت للكاتب ، من المواضيع التي تناولها في مجموعته هذه ، إشارة أخرى إلى الأسلوب ، أي ممارسة اللغة والمعارف المتصلة بها ، ممارسة شخصية في الكتابة ، هذا جعله يتناول دراسة حول كلام الأغاني عند زياد الرحباني ، وأخرى وضعها بالفرنسية ، تطرق فيها لأسلوب غسان تويني في كتاباته . نبذة الناشر:«... وَذاكَ أَنَّنا بِتْنا نَعِيشُ فِي عالَمٍ مَصْنُوعٍ وَأَنَّنا قَلَّما صنَعْنا مِنْهُ شَيْئًا… وَأَنَّ المَعْرِفةَ بهَذا العالَمِ تَسارَعَ نُمُوُّها تَسارُعًا فاحِشًا وَأَنَّ نَصِيبَنا مِنْ هَذا النُمُوِّ زَهِيد. وَالذِينَ يَصْنَعُونَ هَذا العالَمَ وَما يَتَقَصّى أَشْياءَهُ وَبِناهُ مِنْ مَعارِفَ يَتَوَلوُنَ، بِلا مُزاحَمةٍ تُذْكَرُ، تَسْمِيةَ تِلْكَ الأشَياءِ وَعَناصِرِ هَذِهِ المَعارِف. يُسَمُونَها بِلُغاتِهِمْ فَتَتَلَقَّفُ عامِّيّاتُنا أَسْماءَ ما يَبْلُغُنا مِنْها بتِلْكَ اللُغاتِ وَتَحْمِلُنا عَلى الرَطْنِ بِها مُخْتارةً تَعْريبَ اللَفْظِ الأَجْنَبِيّ بِلا اكْتِراثٍ، فِي الأغْلَبِ، لأُصُولِ هَذا التَعْرِيبِ وَمُهْمِلةً ما قَدْ يُتِيحُهُ اعْتِمادُ الاشْتِقاقِ وما يَقْتَرِحُهُ اللُغَوِيُون. فَإنَّ العامِّيّاتِ تَهْضُمُ الحِجارةَ وَإنَّ سَطْوةَ الحَضارةِ الغالِبةِ لا يَعْسُرُ عَلَيْها أَنْ تَجْتاحَ سُلْطةَ لُغَوِيٍّ يَطْلُعُ بِفَتاوى قَلَّ أَنْ تَسْتَوْقِفَ أَحَدًا.» إقرأ المزيد