مشكلة تاريخ الثقافة الإسلامية
(0)    
المرتبة: 63,438
تاريخ النشر: 14/12/2018
الناشر: دار الوراق للنشر
نبذة الناشر:لن أتطرق هنا إلى الخلاف القديم حول ما إذا كانت البشرية تشكّل وحدات تاريخية متكاملة أم إننا ، حسب مفهوم هردر ( Herder ) : فيلسوف وشاعر الماني كبير ( 1744 – 1803 م ) لا نستطيع أن نرى منها ونفهم حقاً إلا " شذرات " متفرقة . كما أنني ...لن أتحدث عن أن المفهوم الجديد للهومانية ( الإنسانية ) لا يشترك إلا بالإسم مع المفهوم القديم الكلاسيكي العلمي الذي له معان عديدة صارت مستهلكة لكثرة الإستعمال . بل إنني سأقتصر كلياً على مجال الدراسات الإسلامية محاولاً أن أبيّن أين يهدد الموقف الجديد الرامي إلى التوحيد ثقافياً بأن يضيّق حقل النظر التاريخي بطريقة غير جائزة بدلاً من أن يوسعه .
فالمشاكل التي يصعها الشرق الأوسط المستفيق من كبوته أمام حاضرنا القلق لا تقتصر بأي حال على مشاكل السياسة والإقتصاد وحدهما . بل إننا لا نجد في جميع هذه الظواهر المقبضة غالباً سوى الوجه الخارجي لتحول داخلي أكثر عمقاً تتعرض له الشعوب الإسلامية الشرقية منذ عدة أجيال . إن المتطلبات الثقافية للزمن الحاضر والتي تشمل حقاً العالم بأسره تلزمنا ، وعلى الأخص نحن المستشرقين الغربيين ، أخذ هذه الفكرة العظيمة على محمل الجد ودعمها بكل ما لدينا من قوى . وطالما تتجلى هذه الإنسانية الجديدة – أو الأصح : الأكثر جدّة – في المقام الأول في ضوء الأخذ والعطاء الحالي المثمر من المنتوجات والإنجازات الثقافية ، سنعترف أيضاً بكل الرضى بما يترتب علينا نتيجة ذلك من التزامات ، إلا أن هذا لا ينطبق كلياً على النظر إلى الماضي ودراسته ، فهنا توجد مؤثرات مريبة لا بل وخطيرة للموقف الجديد البشري العام الذي يعمّم التناقضات ويمحوها في الوقت نفسه . فالدعوة إلى العودة إلى الماضي وإلى تجديد وإحياء الإرث الثقافي الإسلامي تجد اليوم أقوى صدى في بلدان إسلامية عديدة من المغرب وحتى باكستان وإندونيسيا " البعث – والتجديد – والنهضة " : هذه ليست مجرد عبارات كفاحية وشعارات نضالية للحاضر والمستقبل بمعنى إحياء اليقظة الآسيوية . بل إنها ترمي أيضاً إلى إدخال صورة الماضي في الجدل الدائر حالياً بين الغرب والشرق . إقرأ المزيد