اليوم الموعود بين الفكر المادي والديني
(0)    
المرتبة: 116,521
تاريخ النشر: 01/01/2009
الناشر: دار التعارف للمطبوعات
نبذة الناشر:كانت الكتب الثلاثة السابقة من موسوعة الإمام المهدي عليه السلام، متكفلة لتاريخ الإمام المهدي من وجهة النظر الإمامة، مع محاولة إعطائها صيغة متكاملة وخالصة من الشوائب. ابتداء بميلاده ومرورا بغيبته، وانتهاء بظهوره ودولته، مع إعطاء السمات العامة للبشرية اللاحقة للظهور إلى قيام الساعة.
وقد انتهت هذه الجنبة من التاريخ من خلال ...هذه الكتب الثلاثة. وسيكون من المنطقي، طبقا لمنهجية البحث عن الفكرة المهدوية... الشروع بالاستدلال على صحة هذه الفكرة، ومحاولة دفع ما يحتمل أن يكون مانعا عن الالتزام بوجوده ووجود دولته.
ومن المنطقي أن يبدأ الاستدلال من اعم المنطلقات، لنصل إلى اخصها بالتدريج، من خلال كتب هذه الموسوعة. إن أعم المنطلقات بالنسبة إلى هذه الفكرة هو محاولة إثبات صحة الفكرة القائلة بوجود المستقبل السعيد للبشرية من زاوية مادية صرفة، بغض النظر عن أي دين... ليكون للحديث الديني مجال آخر خلاله.
هل يوجد للبشرية مستقبل عادل، يسود فيه الرفاه وتخيم فيه السعادة على ربوع البشرية، وترتفع فيه المظالم والأنانيات عن الناس، وتترك العداوات والاعتداءات ويعم السلام الحقيقي الكامل كل الأرض المعمورة.ام إن هذا اليوم لن يوجد، بل من المحتوم على البشرية أن تبقى في خبط وشماس وتلون واعتراض وقلاقل ومظالم، ما دام لها وجود على البسيطة. لأن هذه الحركة الظالمة الدائبة، من خصائص النقص البشري لا يمكن فكاكها عن البشر.
هذا سؤال مهم وأساسي، قد يلقيه الفرد على نفسه، أو يسمعه من غيره فيهز رأسه يائسا من الجواب، لأن المستقبل مما لا يمكن الإطلاع عليه بحال من الأحوال، والمستقبل وحده هو الكفيل بإعطاء الجواب. ولا نستطيع ونحن في الماضي- بالنسبة إلى تلك الحقبة من الدهر- أن نعطي الجواب الحاسم بحال.
وقد يهز فرد آخر راسه من هذا السؤال مستغربا من مجرد إثارته، لأنه يرى من اليقين الذي لا شك فيه أن البشرية، سوف تبقى على هذا الحال تجر مشاكلها ومظالمها ما دام لها وجود. فإن الأوضاع الحاضرة كلها تدل على ذلك المستقبل، بأي حال.
بل إن الطبيعة البشرية ذات الأنانية أو العامل الجنسي أو الاقتصادي او غيرها هو السبب في هذه الحركات الظالمة، وهو مواكب للبشرية إلى نهايتها، إذن، فلابد ان يبقى الظلم مواكبا مع البشرية إلى نهايتها، ولا يمكن ان يوجد لها أي مستقبل سعيد.
وكلتا هاتين الفكرتين لها درجة من الأهمية والوجاهة. إلا انه مما يؤسف له إ إ... ان عددا من المفكرين في العالم على مختلف المبادىء والمشارب استطاعوا استشفاف المستقبل، والتنبوء بوجود المستقبل السعيد، واوضحوا القرائن والدلائل على ذلك.
إنك لو سألت الماركسية عن ذلك لأجابت بكل ثقة واطمئنان بنعم.
ولو سألت الأديان عامة والأديان الثلاثة الكبرى منها وخاصة الإسلام، لأجابوا بصوت واحد: نعم، بكل تأكيد.
من هذه الزاوية المشتركة سيكون منطلق البحث.
-3-
تنبأت الماركسية بالمستقبل السعيد، من زاوية النظرية العامة التي وضعتها لتفسير التاريخ، المسماة بالمادية التاريخية، التي جعلت خاتمة مطافها ذلك المستقبل.
وتنبأت الأديان، بهذا المستقبل من زاوية البرهنة على وجود قائد معين منقذ للبشرية من المظالم ومخلص لها من المشاكل... وقد سماه الإسلام بالمهدي.
والنتيجة بينهما واحدة، وهو الجزم بوجود المستقبل السعيد. وهذه هي نقطة القوة الرئيسية.
ومن هنا عرضنا للآراء الماركسية عرضا مفصلا، لنرى أنها بعد أن كانت مصيبة بنبوئتها هذه، فهل هي قد توصلت إليها بمقدمات برهانية صحيحة أو غير صحيحة.
وهنا لابد من الالماع، إلى ان الحديث ليس عن نقد الماركسية ككل... ليستلزم ذلك عرض كل شاردة وواردة في الفكر الماركسي. فإن موضوع الكتاب ليس هو ذلك. وإنما المهم النظر إلى الماركسية من زاوية هذه النبوءة ليس إلا... مع التأكد من سلامة او عدم سلامة المقدمات التفصيلية التي انتجتها.
فكان هذا هو القسم الثاني من الكتاب.
واما القسم الأول، فهو قسم مختصر، يراد به التأكيد على أن الاتجاه المادي عموما بصفته ماديا، لا يمكنه استنتاح وجود المستقبل السعيد بأي حال... سواء من زاوية (علمية " او من زاوية (قانونية ما. وإنما انفردت الماركسية من بين المذاهب المادية الحديثة بهذه النبوءة باعتبار فهمها الخاص للمجتمع والتاريخ.
وبعد أن يتم نقد الماركسية، ويثبت عدم صمود ماديتها التاريخية تجاه النقد. ينقدح السؤال من جديد: هل فشلت النبوءة إذن؟ أم... كلا... فإن هناك أدلة من نوع آخر يمكن إقامتها عليه ، تلك هي ادلة الدين... الذي يثبت وجوده بنفس الطريق الذي تثبت به الماركسية فشلها.
إن الدين يمكن أن يعطى البديل الصالح للمادية التاريخية الماركسية، ويملأ كل الفجوات التاريخية والاجتماعية التي حاولت الماركسية ملأها، والتي لم تحاول.
بل إنه يزيد عليها بكثير... إنه يرى أنه وجود المستقبل السعيد نتيجة لتاريخ البشرية ككل، ووجود البشرية ككل نتيجة لظواهر وأهداف كونية عامة إذن فالمستقبل السعيد يمت بصلة إلى الأهداف الكونية نفسها... وسينتج
هذا المستقبل البشرى نتائج كونية حاسمة. ولن ينتهي الحديث عند مجرد النبوءة بوجوده، كـما انتهى حديث الماركسية.
إن البشرية ليست إلا رحلة طويلة من رحلات الكون الكبرى،
وظاهرة من ظواهره، وليس مستقبلها السعيد بكل تفاصيله سوى محاولة لتركيز الأغراض الكونية.
أما انه كيف يكون ذلك، وما هي مقدماته، وما هي صفاته وما هي نتائجه، فهذا ما يشرحه لك " التخطيط الإلهي العام لتكامل البشرية في القسم الثالث من هذا الكتاب، بكل تفصيل.
ونحن بعد أن أعطينا في الكتابين السابقين من هذه الموسوعة، زاوية من الاستدلال على الفهم الامامي لنظرية المهدي، أمكننا ان نستعين بهذا الفهم أحيانا لملأ بعض فقرات هذا التخطيط العام.
واعطينا من خلال هذا التخطيط تفسيرا كاملا للبشرية بماضيها وحاضرها ومستقبلها إلى حين فنائها. وحاولنا من خلال الحديث المقارنة مع النتائج الماركسية التي عرفناها في القسم الثاني. وهنا أمكننا ان نتوصل إلى مناقشات اعمق وأوضح مما سبق. إنها مناقشات جديدة تماما لأنها منطلقة من نظرية متكاملة وجديدة تماما... هي نظرية التخطيط الالهي.
إن هذه النظرية، معروضة ايضا في الكتابين السابقين. إلا أنها عرضت في هذا الكتاب بشكل يختلف في المقدمات والتفاصيل والنتائج... كما هو مشار إليه في داخل هذا الكتاب، ولا يخفى- ايضا- على قارىء هذه الموسوعة ومن هنا حل لنا هذا المقدار من التكرار.
فهذا هو العطاء الذي يمكن ان يحصل عليه من خلال هذا الكتاب.
إن طريق التوصل إلى النتائج الكاملة، دائما، هو تلاقح الأفكار والسعي في سبيل النقد البناء. والحقيقة بنت البحث.
ومن هنا يود المؤلف، بكل انفتاح، تلقي النقد البناء المخلص من
كل ناقد من ماديين ومتدينين، عسى ان يتمكن من ملأ الفراغات التي تركتها جوانب النقص البشري في بحثه... لو كان. لعلنا نتوصل من ذلك إلى القناعة بالنتائج الرئيسية الكاملة. إقرأ المزيد