تاريخ النشر: 19/04/2018
الناشر: منشورات الجمل
نبذة نيل وفرات:رحلة في أعماق الذات... الكون... الأشياء... تلك هي إعترافات ولعنات سيوران... تأخذه نفسه إلى حيث لا مكان... لا زمان... حيث تسبح أفكاره منعتقة من جاذبية الإنتماء... منصهرة في بوتقه اللاوجود فعندما يكتب من المؤكد أنه لن يكون هو سيوران... فما يصدر عنه ليس سوى ذائقة فعلت بفلسفة لطيفة للوجود ...بكل دقائقه...
وللإنسان بكل ضوائقه وإستشفافاته... تحت سخط يقول تتوهج العيون فجأة في حالة الإعجاب كما في حالة الجسد، كيف نميز هذه من تلك في عيون من لا ثقة لنا فيهم..." و "قلت لأحد المحللين النفسانيين الأمريكان إني وقعت وقعة كادت تؤدي بحياتي في مزرعة إحدى الصديقان، حيث كنت استشرس في كعِبِ دور المشذِّب المحترف امام بعض الأغصان لشجرة سيكوا... لم يكن إحرارك على معاندة تلك الشجرة لأجل تشذيبها، بل كان عقاباً لها على أنها قد تدوم أكثر منك، كنت ساخطاً عليها لأنها قد تعيش بعدك وكانت رغبتك السرية أن تنتقم منها وأن تسلبها أغصانها... كلام قد يقرفك نهائياً من كل شرح عميق... "كتبي... أثري... كم تبدو ضمائر الملكية مثيرةً للضحك... فسد كل شيء منذ كفّ الأدب عن أن يكون خالياً من التوقيع، تاريخ الإنحطاط يعود إلى أول ألف...
"لا شيء يضايق إستمرارية التفكير مثل الإحساس بالحضور الملحّ للدماغ، ربما كان ذاك هو السبب الذي جعل المجانين لا يفكرون إلا في شكل ومضات... "الخداع لا يتزامن مع الألم البدني، ما إن بعض هيكلنا العظمي عن نفسه حتى نُسْحَبَ إلى أبعادنا الطبيعية، إلى اليقين الأكثر قهراً، الأكثر تخريباً... "نموت منذ الأزل وعلى الرغم من ذلك لم يفقد الموت نضارته... ثمة يكمن سرر الأسرار...
في ربيع 1937 كنت أتجول في حديقة مستشفى الأمراض العقلية بسيبيو في ترانسلفانيا حين دنا مني أحد "المقيمين"، تبادلنا بعض الكلمات ثم قلت له: "الجميع على ما يرام هنا"، أجابني: "طبعاً... من المفيد أن يكون المرء مجنوناً، "ولكنهم في نوع من السجن على أي حال؟"... "هو كذلك إن شئت، لكننا نعيش فيه دون أي مشاغل، علاوة على أن الحرب تقترب كما تعلم، وهذا المكان آمن، إنهم لا يقصفون مستشفيات المجانين، لو كنت مكانك لسعيت إلى أن أحجز فيه على الفور"... غادرته مضطرباً مندهشاً، وحاولت أن أعرف المزيد عنه، قيل لي أنه مجنون حقاً، مجنوناً كان أم لا، لم يقدّم لي أحدٌ نصيحة أعقل من تلك في حياتي كلها...
"تائه في هذا العالم الأسفل، كما كان في وسعي، دون شك ان أتوه في أي مكان... الكلام يسدّ عجز كل الأدوية ويشفي في أغلب الأمراض، الثرثار لا يرتاد الصيدليات... أكبر طرافة للحب، طرافته الوحيدة انه يجعل السعادة غير منفصلة عن الشقاء...".
"إستمرار الفرحة الغامرة أكثر من اللزوم يصيّرها أقرب إلى الجنون من الحزن الشديد، الذي يبرر بالتفكير، وحتى بالملاحظة البسيطة، بينما يصدُر تطرّف الفرحة عن شيء من الإختلال... إذا كان من المقلق أن نكون فرحين لمجرّد كوننا أحياء، فإن من العادي في المقابل أن نكون حزانى حتى قبل أن نشرع في التمتمة...".
"سينقرض الإنسان، كانت تلك حتى الآن قناعتي الراسخة، في الأثناء غيرت رأيي: يجب أن ينقرض... آراء؟... أجل... قناعات؟... كلاّ... تلك هي نقطة إنطلاق الفخر العقلي... "بعد أن لغوتُ لساعات، ها أنا فريسة الفراغ... الفراغ والخزي... أليس من عدم اللياقة أن تعرض أسرارنا على الملأ، أن نقول ذاتنا بذاتها، أن نحكي وأن نحكينا، في حين أنّ أكْمَلَ لحظات حياتنا هي تلك التي عرفناها خلال الصمت، خلال إدراك الصمت؟...".
"حذار من المفكرين الذين لا تعمل عقولهم إلا إنطلاقاً من الإقتباس... "لو طلب مني أن ألخص بأكبر قدر من الإيجاز رؤيتي إلى الأشياء، وأن اختر لها في العبارة الأكثر إقتضاباً، لوضعت عوضاً عن الكلمات علامة تعجب هكذا!... نهائية...". إقرأ المزيد