تاريخ النشر: 07/12/2017
الناشر: دار الولاء للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:" أبشر يا ولدي ، فيوم القيامة سوف أواسي الزهراء عليها السلام وهذه أعظم لحظة أقف فيها أمامها أواسيها بالحسين عليه السلام . إليّ يا بُني أرسلت عبر تلال عامل ووهاد البقاع قبلات جهادك الطويل ضدّ عدوّنا التكفيري فقبلتها منك هدية وزغردتُ لها فرحاً . ولا ، لن ...أبكي تحسّراً ، مضير آل محمد إن موعدنا الجنة " . . هكذا زفّت أم جواد فلذة كبدها الأول ، فقد تسابقت حسناوات جنوبنا في توزيع أبنائهن الذين تدافعوا نحو الشهادة . أم جواد رقصت في زفة عرسه ونثرت الأرز والياسمين في زفّ شهادته . لقد كان عريساً جديداً ، لم يمضِ على عقد قرانه سنة ، لقد كان إحساسي صادقاً يومها ، إحساس الأم لا يخيب ، " كان قلبي حاسسني يمّي إنك شهيد " . تتوزّع صورة جواد في جميع أرجاء المنزل ، في هذا المدخل عُلّقت له صورة كبيرة مواجهة للباب . لقد كان وسيماً جداً ، لا تزال عيناه ترافقان كلّ مَن يدخل ويخرج إلى المنزل ، وكأنّه يبتسم ويقدّم له التحية ويستقبل ويودّع ويحيّي مع كل سلام . ولا تزال أم جواد ، وبعد مضيّ عام على استشهاده ، تقف أمام هذه الصورة تُصبِّحه وتُمسّيه كل يوم ، ولا زالت تطبخ طعامه المفضّل ، وقد جعلت من عتاده وبزّته وسلاحه وحذائه مزاراً ، ومن عبق ملابسه اليومية عطراً لها ، ولا يزال بعضٌ من شعره معلّقاً في ذيل المشط ، فقد كان جواد مشهوراً بشعره الناعم البنّي المتوسط الطول ، والذقن الخفيفة ، والعينين العسليتين . ذات صباح ، بدأ جواد يتحضر لموعد ، إرتدى بذّته العسكرية ، وضع شارته وانتظر صديق دربه " علي " . كانا ذاهبين سويّاً لتوديع صديقهما ونقله من أديم الأرض إلى جنته . قبل خروجه من المنزل ، لحقت به ، لقد نسي قلادته وسِبحته التي لا تفارقه أبداً ، ناولته إياهما وقالت بصوتٍ عالٍ : " الله ييسّر طريقكن يِمْي " فإذا به يردّ عليها مع ضحكة عالية : " عقبالنا يمّي ، بدنا بس دعواتك ياحجّة [ . . . ] حكاية من حكايا الزمن الأصيل . . تتوسّدها صفحات هذا الكتاب بقلمٍ يخطّ ربما حكاية صاحبته التي زفّت عريسها إلى عرس الشهادة . . . ففي سبيل الحب لا زال هناك أوفياء . . يوم قررت ناي ترسيخ حكايا حقيقية عن عالم " الحب والجهاد " لم نكن نعلم أن هذه القصص هو بحرٌ هائجٌ سنتلاطم أمواجه في باطنها وجوفها ، لم تكن تدرك أن حقيقة عثورها على ذاتها تحتاج إلى أن ترتّب موعداً معه . لقد بحث في ذلك العالم الواسع ؛ عالم العلاقة المرتبطة بين الحب والمقاومة ، عند استقرار روحها في روحٍ أخرى وعن النساء اللواتي اكتسبن جنّة أبديّة ، فكانت كلما سمعت قصة ، احتدم بها المال واصطدم الصمت بالصمت ، ففكرة الخلد من نساء مثلهن تبدو فكرة مرعبة . . هنّ القادرات على جعل ما بداخلنا يصحو ، من بعد إغفاءة قد مضى عليها من اليأس ما قد مضى وانقضى ، فإن الله حين خلق الحب أودعه جلّه في صدورهن ، فالله وحده يعلم ما خفي في قلوبهن ، يحملن الحب كما الخشوع في داخلهن ، فبيّن حكايا خسارة الزوج ، الإبن ، الحبيب الشهيد ، واكتساب جنّة أبديّة تولد ألف قصيدة عاطفية ، لقد أحببن جميعاً حبيباً أحبهن ، حبيباً لا يحب أن يرجع . . ولكنه يشتاق . قررت ناي أن تبدأ بتلك الصابرة ، المجاهدة ، المقاومة ، الجميلة جداً ، المتأنفة بالكبرياء : بأم جواد . . هي تلك المرأة التي أنجبت رجلاً تزيّن بالورد ، لبس الراية المفضلة ، وتوشّح باللون الأصفر ومضى ملاكاً مبتسماً ملوّحاً لها من جنّته منتظراً لقاءاً قريباً . . . إقرأ المزيد