لقد تمت الاضافة بنجاح
تعديل العربة إتمام عملية الشراء
×
كتب ورقية
كتب الكترونية
كتب صوتية
English books
أطفال وناشئة
وسائل تعليمية
متجر الهدايا
شحن مجاني
اشتراكات
بحث متقدم
نيل وفرات
حسابك لائحة الأمنيات عربة التسوق نشرة الإصدارات
0
القدس إيمان وجهاد
5.10$
6.00$
%15
الكمية:
القدس إيمان وجهاد
تاريخ النشر: 01/01/1987
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
النوع: ورقي غلاف عادي
نبذة نيل وفرات:طبع هذا الكتاب مرتين في حياة واضعة الأديب الكبير المرحوم عباس محمود العقاد، ولما نفذت الطبعة الثانية تفضل السيد شريف عبد الرحمن الأنصاري صاحب المكتبة العصرية في صيدا وبيروت بتحمل عبء الطبعة الثالثة لهذا الكتاب حرصاً منه على توفير الفوائد الأدبية والعلمية والدينية التي تنطوي عليها آثار العقاد، وحثاً ...للأجيال الحاضرة والقادمة على ورود ومناهل المعرفة التي تبدو غزيرة ثرارة في جميع ما أبدعته قريحة هذا الأديب العبقري العملاق.
وهو لا يرمي من عمله هذا تقديم هذا الكتاب "حياة المسيح" ولا يرمي إلى تلخيصه، ولا إلى شرح ما تضمنه من آراء وأفكار وأبحاث، لأن قارئ العقاد يفترض فيه أن يؤخذ بسحر بيانه، فيستغرق في تتبع أفكاره حتى يبلغ نهاية المطاف، دون أن يشعر بالحاجة إلى شرح أو بيان؛ وكل ما نبغيه من هذا التقديم هو ذكر لبعض النماذج في التحليل والتعليل والتصويب، وهي الأمور الثلاثة التي يلحظها القارئ في كتب العقاد جميعها، ويشعر معها بقوة الحجة التي لا يجد العقل مناصاً من التسليم بها والركون إليها.
وأول ما تناوله بالتحليل والتعليل تلك الظاهرة الفريدة في العالم الإنساني، ظاهرة دعوة النبوة التي قادته المقارنة الطويلة بين الديانات إلى التأكيد بأن منشأها الأول هو مدن القوافل؛ ويعلل ذلك بأن هذه المدن مثل: أور، وبعلبك، وبيت المقدس، ومكة، ويثرب، ومدين، ومحلات الطريق في جنوب فلسطين وشمال الحجاز، كانت بيئات وسطى بين الحضارة والبداوة، فلا هي متحضرة تحضراً كاملاً، ولا هي متبدية في مجمل جوانب الحياة فيها؛ وتبعاً لذلك فهي لا تعول، كمدن الحضارة، على نظام الدولة في تشريع الحقوق، ولا على سنة الثأر والغلبة، كما هي الحال في بداوة الصحراء وإنما هي وسط بين الطرفين، وفي حاجة إلى تقرير الحقوق، لتسقيم المعاملات المتشابكة، ويطمئن الطارقون ذهاباً وإياباً، ويرتدع المتعطشون إلى المال والمتعة العارضة، ويوضع حد لأولئك الذين يبغون الغلبة عن طريق المكر والخداع؛ ولهذا كانت مدن القوافل تتطلع إلى مصدر للهداية غير مصدر الشريعة الحكومية، وغير مصدر النقمة والثأر، ألا وهو مصدر الهداية النبوية التي ستجد لها دعامة قوية من حماية النفوس في البادية، وشعورها بقيمة العهد ورباط الأمانة.
وهناك ظاهرة أخرى تستلفت النظر، وهي كثرة الأنبياء بين بني إسرائيل حتى وجد منهم في العصر الواحد نحو أربعمائة نبي كما جاء في سفر الملوك الأول، ويرى العقاد أن هؤلاء الأنبياء الكثر يختلفون كثيراً عن كبار الأنبياء مثل إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم في أن هؤلاء الأنبياء الكبار أقدموا على أمور صعبة وشاقة، وشقوا بدعوتهم طرقاً لا يسهل تذليلها، من مثل تحطيهم آلهة، وتسفيه أحلام، وتغير عقائد؛ فضلاً عن أن الفترة بين نبي وآخر كانت تطول حتى تبلغ مئات السنين مما يدل على أن ظهور الأنبياء حادث جلل لا يتكرر في عمر الإنسان مرتين.
في حين أن أحوال النبوءة في بني إسرائيل تخالف الصورة التي يقدمها إلينا كبار الأنبياء من حيث الدعوة التي يقومون بها؛ والصدام الذين يتعرضون له، والفترة التي تفصل بين نبي وآخر؛ وخير ما يحدد مهمة الأنبياء بين بني إسرائيل، ويعين مكانهم بين عامة الشعب وخاصته قول النبي "محمد" صلوات الله عليه: "علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل"، مما يدل على أن عمل النبي في شعب إسرائيل لا يتجاوز عمل العالم الفقيه في الأمة الإسلامية، بل ينحصر في تأييد العقائد والمبادئ التي جاء بها الأنبياء الكبار السابقون إبراهيم وموسى ويعقوب، والتنديد بكل من يخالف السنن التي رسموها ودعوا إليها، فما كان النبي من هؤلاء صاحب رسالة تدعو إلى إنقلاب جذري في حياة الناس وعقائدهم، وإنما هو حارس شريعة ورسول إصلاح.
وتصدى العقاد في كتابه لمبحث عويص، وقضية هامة هي قضية الشك في وجود السيد المسيح، فقد ظهرت في القرن الثامن عشر مدرسة الشك المطلق في مقررات العلم القديم ووقائع التاريخ المتواتر، وذهب كتاب هذه المدرسة إلى الشك في وجود الأنبياء والمرسلين فشكوا في بوذا وإبراهيم وموسى وعيسى، وسرى شكهم إلى الأدب فشكوا في شخصية هوميروس، وفي شخصية شكسبير، ومن لم يتناولوا شخصيته بالشك قصروا شكهم فيه على ما نسب إليه وما نشر بإسمه، وطغت نزعة الشك هذه على كثير من كتاب القرن التاسع عشر وظهر فيه كثير من الكتب التي فند فيها أصحابها أقوال المؤرخين ورجحوا أن السيد المسيح شخصية من شخصيات الخيال، وشمل شكهم ما ذكره يوسفوس المؤرخ اليهودي في تاريخه عن "عيسى القديس" زاعمين أن هذه العبارة أضافها أحد القراء المتأخرين ليسد بها النقص الذي شعر به من عدم الإتيان على ذكر المسيح.
وهنا تبدو مزية العقاد الكبرى في البحث والإستقصاء والتصويب، فيورد جميع ما رد به المؤرخون وعلماء اللاهوت على أولئك المشككين مدعوماً بالحجج الساطعة والبراهين الجازمة التي تنفي كل شك وتكشف الغشاوة عن وجه اليقين، وأبدى عجبه وإستغرابه لأمر المنكرين لوجود المسيح الذين لم يكلفوا أنفسهم تفسيراً معقولاً لكثرة عدد المسيحيين وإنتشارهم في مختلف بقاع الأرض بعد جيل واحد من عصر الميلاد، وهل يعقل أن يكثر كثرة هائلة، وفي مدة قصيرة، الأتباع والمؤمنون برجل موهوم لا مكان له إلا في مسارح الخيال؟
ويقف العقاد في فصل "آداب حياة" عند الأقوال التي جاءت على لسان السيد المسيح في مجال التوصية والوعظ فلا يرى فيها ما ينكر أو يستغرب إذ الغرض الذي يرمي إليه المسيح منها تطهير النفس وتنزيهها أولاً حتى يبلغ التطهير أعمق أعماقها، واجتثاث ما تنطوي عليه من جذور الشر وبذور الفساد ثانياً، وذلك مثل قوله: "من أخذ منك رداءك فأعطه قميصك مع الرداء" و"لا تقابلوا الشر بالشر، ومن لطمك على خدك الأيمن فحول له خدك الأيسر، ومن سحَّرك ميلاً واحداً فاذهب معه ميلين" و"أحبوا أعداءكم، باركوا لأعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، واغفروا لمن يسيء إليكم".
ولا شك أن السيد المسيح قصد المعاني ولم يقصد الحروف، فإذا حث الناظر إلى امرأة نظرة إشتهاء على فقء عينيه فإنما يعني ما نعنيه نحن عندما نهدد الثرثار بقطع لسانه إذا لم يعمد إلى السكوت، هذا إلى أن هذه الوصايا كانت موجهة إلى تلاميذ المسيح ورسله المتجردين لنشر الدعوة، وكل دعوة تحتاج من دعاتها إلى مثل التضحيات التي انطوت عليها تلك الوصايا، أما غير التلاميذ والرسل من أبناء الدنيا الذي يعملون لأنفسهم ولمن يعولونهم فيكفي أن يعملوا بروح هذه الوصايا، ويبالغوا في تهذيب نفوسهم وتطهير قلوبهم وضمائرهم، وأن ينكروا الجمود على الحروف والنصوص كما كان ينكره السيد المسيح.
ومما تناوله المؤلف بالتعليل تسمية المسيح بالمعلم، ومناداته بهذا اللقب سواء من قبل تلاميذه أو خصومه، أو من ليسوا تلاميذ له ولا خصوم، وقد حملهم على تلقيبه بهذا اللقب ما لمسوه في كلامه من علم واسع بالكتب والأسفار، وبديهة حاضرة في الإستشهاد بها وتوضيح مراميها.
وقد أشارت الأناجيل إلى أنه كان يرتل المزامير ويحفظ كتب أرميا وأشعيا وحزقيال وما أثر عن موسى، ويرجح بعض المؤرخين معرفته باللغة اليونانية التي كانت شائعة في عصره بين أبناء الجليل، إلا أن معرفته بها كانت معرفة مخاطبة ولم تكن معرفة دراسة، ومن المحقق أنه كان يعرف العبرية الفصحى التي كانت تدرس بها كتب موسى والأنبياء، وأنه كان يعرف الآرامية ويتقنها إتقان البلغاء فيها، وإلى جانب هذه الثقافة الدينية واللغوية الواسعة كانت تتوفر فيه قدرة فائقة على كسب النفوس وإجتذاب الأسماع وإفحام ذوي المكابرة والعناد، ناهيك بضرب الأمثال بأسلوب أخاذ ترتاح إليه الخاصة وتأسر ألباب العامة؛ كل هذه تتوجه شخصيته المهيبة ووقاره الرزين، فاجتمعت فيه كل مزايا العلم الروحي، والهادي المرشد الأمين.
أما لقب "المسيح" ومعناه الممسوح بمثل الدهن وبالبركة لمن ينصب كاهناً أو نبياً أو ملكاً فقد لقب به عيسى عليه السلام لأنه جاء في العصر الذي كان يأمل فيه الناس ظهور مسيح أي رسول إلهي هاد يقضي على سلطان الغالبين، ويهدي الخراف الضالة؛ وقد اشتد هذا الأمل على أثر دخول فلسطين في حوزة الدولة الرومانية سنة خمس وستين قبل الميلاد، وكان المؤمنون بالرسالة المسيحية من طوائف اليهود ينتظرون مسيحاً مخلصاً هادياً، إلا أنهم كانوا لا يدينون برسالة عيسى بن مريم عليها السلام.
نبذة الناشر:منذ الاحتلال الإسرائيلي الغادر للقدس الشريف عام 1967 والمدينة العربية تئن تحت وطأة احتلال عسكري شرس يتهدد المدينة المقدسة بالتهويد، ويعمل على محو مآثرها العربية وتدمير مقدساتها الدينية، الإسلامية منها والمسيحية، وسلخها عن واقعها العربي والإسلامي العريق، وتحويلها إلى مدينة معراة من ماضيها العتيد، وهو ما حلمت به الصهيونية منذ أن كانت.
لقد انتزعت القدس اغتصاباً، فما فعل العالم لردها إلى سابق عهدها المجيد، وما صنع العرب للحفاظ عليها من كيد المعتدين!!
في هذا الكتاب توثيق بالمعلومات والتطورات والجهود الإسلامية والعربية التي بذلت ومازالت لإنقاذ أولى القبلتين وثالث الحرمين من براثن الاستعمار الإسرائيلي البغيض.
فإلى الإنسان المسلم في العالم العربي الكبير...
وإلى الإنسان المسيحي الذي يتلفت بقلبه وإيمانه نحو مهد المسيح...
وإلى كل مفكر شريف يؤمن بالحرية والسلام...
يتوجه هذا الكتاب لاستنهاض الهمم وإثارة العزيمة للعمل على صيانة القدس من التهويد، وهي المدينة العزيزة على قلب كل إنسان يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله.

إقرأ المزيد
القدس إيمان وجهاد
القدس إيمان وجهاد

تاريخ النشر: 01/01/1987
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
النوع: ورقي غلاف عادي
نبذة نيل وفرات:طبع هذا الكتاب مرتين في حياة واضعة الأديب الكبير المرحوم عباس محمود العقاد، ولما نفذت الطبعة الثانية تفضل السيد شريف عبد الرحمن الأنصاري صاحب المكتبة العصرية في صيدا وبيروت بتحمل عبء الطبعة الثالثة لهذا الكتاب حرصاً منه على توفير الفوائد الأدبية والعلمية والدينية التي تنطوي عليها آثار العقاد، وحثاً ...للأجيال الحاضرة والقادمة على ورود ومناهل المعرفة التي تبدو غزيرة ثرارة في جميع ما أبدعته قريحة هذا الأديب العبقري العملاق.
وهو لا يرمي من عمله هذا تقديم هذا الكتاب "حياة المسيح" ولا يرمي إلى تلخيصه، ولا إلى شرح ما تضمنه من آراء وأفكار وأبحاث، لأن قارئ العقاد يفترض فيه أن يؤخذ بسحر بيانه، فيستغرق في تتبع أفكاره حتى يبلغ نهاية المطاف، دون أن يشعر بالحاجة إلى شرح أو بيان؛ وكل ما نبغيه من هذا التقديم هو ذكر لبعض النماذج في التحليل والتعليل والتصويب، وهي الأمور الثلاثة التي يلحظها القارئ في كتب العقاد جميعها، ويشعر معها بقوة الحجة التي لا يجد العقل مناصاً من التسليم بها والركون إليها.
وأول ما تناوله بالتحليل والتعليل تلك الظاهرة الفريدة في العالم الإنساني، ظاهرة دعوة النبوة التي قادته المقارنة الطويلة بين الديانات إلى التأكيد بأن منشأها الأول هو مدن القوافل؛ ويعلل ذلك بأن هذه المدن مثل: أور، وبعلبك، وبيت المقدس، ومكة، ويثرب، ومدين، ومحلات الطريق في جنوب فلسطين وشمال الحجاز، كانت بيئات وسطى بين الحضارة والبداوة، فلا هي متحضرة تحضراً كاملاً، ولا هي متبدية في مجمل جوانب الحياة فيها؛ وتبعاً لذلك فهي لا تعول، كمدن الحضارة، على نظام الدولة في تشريع الحقوق، ولا على سنة الثأر والغلبة، كما هي الحال في بداوة الصحراء وإنما هي وسط بين الطرفين، وفي حاجة إلى تقرير الحقوق، لتسقيم المعاملات المتشابكة، ويطمئن الطارقون ذهاباً وإياباً، ويرتدع المتعطشون إلى المال والمتعة العارضة، ويوضع حد لأولئك الذين يبغون الغلبة عن طريق المكر والخداع؛ ولهذا كانت مدن القوافل تتطلع إلى مصدر للهداية غير مصدر الشريعة الحكومية، وغير مصدر النقمة والثأر، ألا وهو مصدر الهداية النبوية التي ستجد لها دعامة قوية من حماية النفوس في البادية، وشعورها بقيمة العهد ورباط الأمانة.
وهناك ظاهرة أخرى تستلفت النظر، وهي كثرة الأنبياء بين بني إسرائيل حتى وجد منهم في العصر الواحد نحو أربعمائة نبي كما جاء في سفر الملوك الأول، ويرى العقاد أن هؤلاء الأنبياء الكثر يختلفون كثيراً عن كبار الأنبياء مثل إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم في أن هؤلاء الأنبياء الكبار أقدموا على أمور صعبة وشاقة، وشقوا بدعوتهم طرقاً لا يسهل تذليلها، من مثل تحطيهم آلهة، وتسفيه أحلام، وتغير عقائد؛ فضلاً عن أن الفترة بين نبي وآخر كانت تطول حتى تبلغ مئات السنين مما يدل على أن ظهور الأنبياء حادث جلل لا يتكرر في عمر الإنسان مرتين.
في حين أن أحوال النبوءة في بني إسرائيل تخالف الصورة التي يقدمها إلينا كبار الأنبياء من حيث الدعوة التي يقومون بها؛ والصدام الذين يتعرضون له، والفترة التي تفصل بين نبي وآخر؛ وخير ما يحدد مهمة الأنبياء بين بني إسرائيل، ويعين مكانهم بين عامة الشعب وخاصته قول النبي "محمد" صلوات الله عليه: "علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل"، مما يدل على أن عمل النبي في شعب إسرائيل لا يتجاوز عمل العالم الفقيه في الأمة الإسلامية، بل ينحصر في تأييد العقائد والمبادئ التي جاء بها الأنبياء الكبار السابقون إبراهيم وموسى ويعقوب، والتنديد بكل من يخالف السنن التي رسموها ودعوا إليها، فما كان النبي من هؤلاء صاحب رسالة تدعو إلى إنقلاب جذري في حياة الناس وعقائدهم، وإنما هو حارس شريعة ورسول إصلاح.
وتصدى العقاد في كتابه لمبحث عويص، وقضية هامة هي قضية الشك في وجود السيد المسيح، فقد ظهرت في القرن الثامن عشر مدرسة الشك المطلق في مقررات العلم القديم ووقائع التاريخ المتواتر، وذهب كتاب هذه المدرسة إلى الشك في وجود الأنبياء والمرسلين فشكوا في بوذا وإبراهيم وموسى وعيسى، وسرى شكهم إلى الأدب فشكوا في شخصية هوميروس، وفي شخصية شكسبير، ومن لم يتناولوا شخصيته بالشك قصروا شكهم فيه على ما نسب إليه وما نشر بإسمه، وطغت نزعة الشك هذه على كثير من كتاب القرن التاسع عشر وظهر فيه كثير من الكتب التي فند فيها أصحابها أقوال المؤرخين ورجحوا أن السيد المسيح شخصية من شخصيات الخيال، وشمل شكهم ما ذكره يوسفوس المؤرخ اليهودي في تاريخه عن "عيسى القديس" زاعمين أن هذه العبارة أضافها أحد القراء المتأخرين ليسد بها النقص الذي شعر به من عدم الإتيان على ذكر المسيح.
وهنا تبدو مزية العقاد الكبرى في البحث والإستقصاء والتصويب، فيورد جميع ما رد به المؤرخون وعلماء اللاهوت على أولئك المشككين مدعوماً بالحجج الساطعة والبراهين الجازمة التي تنفي كل شك وتكشف الغشاوة عن وجه اليقين، وأبدى عجبه وإستغرابه لأمر المنكرين لوجود المسيح الذين لم يكلفوا أنفسهم تفسيراً معقولاً لكثرة عدد المسيحيين وإنتشارهم في مختلف بقاع الأرض بعد جيل واحد من عصر الميلاد، وهل يعقل أن يكثر كثرة هائلة، وفي مدة قصيرة، الأتباع والمؤمنون برجل موهوم لا مكان له إلا في مسارح الخيال؟
ويقف العقاد في فصل "آداب حياة" عند الأقوال التي جاءت على لسان السيد المسيح في مجال التوصية والوعظ فلا يرى فيها ما ينكر أو يستغرب إذ الغرض الذي يرمي إليه المسيح منها تطهير النفس وتنزيهها أولاً حتى يبلغ التطهير أعمق أعماقها، واجتثاث ما تنطوي عليه من جذور الشر وبذور الفساد ثانياً، وذلك مثل قوله: "من أخذ منك رداءك فأعطه قميصك مع الرداء" و"لا تقابلوا الشر بالشر، ومن لطمك على خدك الأيمن فحول له خدك الأيسر، ومن سحَّرك ميلاً واحداً فاذهب معه ميلين" و"أحبوا أعداءكم، باركوا لأعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، واغفروا لمن يسيء إليكم".
ولا شك أن السيد المسيح قصد المعاني ولم يقصد الحروف، فإذا حث الناظر إلى امرأة نظرة إشتهاء على فقء عينيه فإنما يعني ما نعنيه نحن عندما نهدد الثرثار بقطع لسانه إذا لم يعمد إلى السكوت، هذا إلى أن هذه الوصايا كانت موجهة إلى تلاميذ المسيح ورسله المتجردين لنشر الدعوة، وكل دعوة تحتاج من دعاتها إلى مثل التضحيات التي انطوت عليها تلك الوصايا، أما غير التلاميذ والرسل من أبناء الدنيا الذي يعملون لأنفسهم ولمن يعولونهم فيكفي أن يعملوا بروح هذه الوصايا، ويبالغوا في تهذيب نفوسهم وتطهير قلوبهم وضمائرهم، وأن ينكروا الجمود على الحروف والنصوص كما كان ينكره السيد المسيح.
ومما تناوله المؤلف بالتعليل تسمية المسيح بالمعلم، ومناداته بهذا اللقب سواء من قبل تلاميذه أو خصومه، أو من ليسوا تلاميذ له ولا خصوم، وقد حملهم على تلقيبه بهذا اللقب ما لمسوه في كلامه من علم واسع بالكتب والأسفار، وبديهة حاضرة في الإستشهاد بها وتوضيح مراميها.
وقد أشارت الأناجيل إلى أنه كان يرتل المزامير ويحفظ كتب أرميا وأشعيا وحزقيال وما أثر عن موسى، ويرجح بعض المؤرخين معرفته باللغة اليونانية التي كانت شائعة في عصره بين أبناء الجليل، إلا أن معرفته بها كانت معرفة مخاطبة ولم تكن معرفة دراسة، ومن المحقق أنه كان يعرف العبرية الفصحى التي كانت تدرس بها كتب موسى والأنبياء، وأنه كان يعرف الآرامية ويتقنها إتقان البلغاء فيها، وإلى جانب هذه الثقافة الدينية واللغوية الواسعة كانت تتوفر فيه قدرة فائقة على كسب النفوس وإجتذاب الأسماع وإفحام ذوي المكابرة والعناد، ناهيك بضرب الأمثال بأسلوب أخاذ ترتاح إليه الخاصة وتأسر ألباب العامة؛ كل هذه تتوجه شخصيته المهيبة ووقاره الرزين، فاجتمعت فيه كل مزايا العلم الروحي، والهادي المرشد الأمين.
أما لقب "المسيح" ومعناه الممسوح بمثل الدهن وبالبركة لمن ينصب كاهناً أو نبياً أو ملكاً فقد لقب به عيسى عليه السلام لأنه جاء في العصر الذي كان يأمل فيه الناس ظهور مسيح أي رسول إلهي هاد يقضي على سلطان الغالبين، ويهدي الخراف الضالة؛ وقد اشتد هذا الأمل على أثر دخول فلسطين في حوزة الدولة الرومانية سنة خمس وستين قبل الميلاد، وكان المؤمنون بالرسالة المسيحية من طوائف اليهود ينتظرون مسيحاً مخلصاً هادياً، إلا أنهم كانوا لا يدينون برسالة عيسى بن مريم عليها السلام.
نبذة الناشر:منذ الاحتلال الإسرائيلي الغادر للقدس الشريف عام 1967 والمدينة العربية تئن تحت وطأة احتلال عسكري شرس يتهدد المدينة المقدسة بالتهويد، ويعمل على محو مآثرها العربية وتدمير مقدساتها الدينية، الإسلامية منها والمسيحية، وسلخها عن واقعها العربي والإسلامي العريق، وتحويلها إلى مدينة معراة من ماضيها العتيد، وهو ما حلمت به الصهيونية منذ أن كانت.
لقد انتزعت القدس اغتصاباً، فما فعل العالم لردها إلى سابق عهدها المجيد، وما صنع العرب للحفاظ عليها من كيد المعتدين!!
في هذا الكتاب توثيق بالمعلومات والتطورات والجهود الإسلامية والعربية التي بذلت ومازالت لإنقاذ أولى القبلتين وثالث الحرمين من براثن الاستعمار الإسرائيلي البغيض.
فإلى الإنسان المسلم في العالم العربي الكبير...
وإلى الإنسان المسيحي الذي يتلفت بقلبه وإيمانه نحو مهد المسيح...
وإلى كل مفكر شريف يؤمن بالحرية والسلام...
يتوجه هذا الكتاب لاستنهاض الهمم وإثارة العزيمة للعمل على صيانة القدس من التهويد، وهي المدينة العزيزة على قلب كل إنسان يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله.

إقرأ المزيد
5.10$
6.00$
%15
الكمية:
القدس إيمان وجهاد

  • الزبائن الذين اشتروا هذا البند اشتروا أيضاً
  • الزبائن الذين شاهدوا هذا البند شاهدوا أيضاً

معلومات إضافية عن الكتاب

لغة: عربي
طبعة: 2
حجم: 24×17
عدد الصفحات: 272
مجلدات: 1

أبرز التعليقات
أكتب تعليقاتك وشارك أراءك مع الأخرين