تاريخ النشر: 01/01/2001
الناشر: مركز دراسات الوحدة العربية
نبذة نيل وفرات:من هو اليهودي؟ وما هي هوية دولة إسرائيل؟ سؤال أزلي أبدي، أجاب عنه اليهود دوماً بطمسه، وأجابت عنه إسرائيل بالهروب منه أو تزييف النقاش حوله، وتلقى من الأجوبة المتكاثرة والمتناقضة ما يندّ عن الحصر. وما يزال هذا السؤال بلا جواب حق حتى اليوم! لأن الجواب الحق قمين بأن يضع ...موضع التساؤل الصهيونية وتعدد منطلقاتها وتناقض أصولها، فضلاً عما صاحبها من تزييف ومرواغة وكذب على الواقع، وأن يفضح بالتالي التهافت المعنوي للوجود الإسرائيلي، وهو تهافت كفيل بأن يقضي على ذلك الوجود في وقت عاجل أو آجل. والأطروحة التي يمكن الخلوص إليها في هذه الكلمة هي أن دولة إسرائيل ملتقى لصراعات قديمة وحديثة، من كل نوع، تمزّق وجودها وتجعلها دوماً كياناً قابلاً للتفجر من داخله، وأن هذه الصراعات ليست عارضة أو طارئة، بل هي كما يقول الفلاسفة "محايثة" لليهودية والصهيونية، ودولة إسرائيل، تقيم في صلبها جميعها. إنها صراعات باطنية وخلفية لا يجدي فيها العلاج، ولا شفاء منها إلا بالعدول من منطلقات الصهيونية ومنطلقات النزعات الدينية المزيفة، ومنطلقات الادعاءات الإثنية والعرقية والقومية المصطنعة.
من واقع هذه الحقائق يأتي بحث هذا الكتاب حول إسرائيل وهويتها الممزقة يتناول من خلاله الكاتب الحديث، عن التناقضات الأصيلة والطريفة، التي رافقت الحركة الدينية اليهودية منذ ولادتها، ومن بدايات القرن الثاني عشر بوجه خاص، والتي رافقت الصهيونية منذ مخاضها حوالي عام 1850، ولا سيما بعد ظهور كتاب دولة اليهود عام 1896 بقلم هرتزل، والتي اشتهرت وازدادت تناقضاً وشقاقاً بعد ظهور الدعوة الصهيونية، وقبل ولادة دولة إسرائيل، والتي حمي وطيسها خلال العقود الثلاثة التي سبقت قيام إسرائيل، وصبت كلها أخيراً في الكيان الصهيوني المصطنع الذي لم يستطع حتى اليوم أن يمتص تلك التناقضات، بل ازدادت فيه واشتد أوارها بعد قيام دولة إسرائيل عام 1948، وبعد حرب حزيران عام 1967، بوجه خاص، وبعد حرب تشرين الأول 1973، وما تزال نارها مشتعلة قبل مفاوضات السلام وبعدها، الأمر الذي يدل على أنها تناقضات صميمية أزلية لا تزول إلا بزوال مسبباتها.
من هنا يبدو اتساع مساحة البحث في هذا الموضوع على إطلاقه، وهذا أجبر الكاتب على الاكتفاء بإشارات سريعة إلى جذور تلك التناقضات ومعالمها البارزة، مصطنعاً لغة أشبه ما تكون بلغة البرقيات. ويمكن الإشارة إلى أبرز عناوين التناقضات الذاتية اللدنية التي حملتها المسألة اليهودية عبر تاريخها الطويل، والتي جعلها الكاتب عناويناً كبرى في بحثه هذا: التناقضات في صلب الديانة اليهودية عبر التاريخ. التناقض في صلب الدعوة الصهيونية، التناقضات بعد ولادة دولة إسرائيل وحتى اليوم. ويمكن القول بأن هذا التقسيم الثلاثي المعتمد للتناقضات يهدف إلى تبسيط دراسة المشكلة. فتبين التناقضات التي أتى المؤلف على ذكرها تداخل كبيرة وأخذ وعطاء متبادل، وجميعها تأتلف وتلتقي في خاتمة المطاف لتكون القنبلة الموقوتة التي قد تؤدي إلى انفجار الكيان الإسرائيلي. إقرأ المزيد