تاريخ النشر: 01/01/2014
الناشر: بيت العلم للنابهين
نبذة نيل وفرات:كبحرٍ، أو كبحور هي اللغة العربية في كمّ مفرداتها، بل هي كالمحيط الهادر في معانيها، وهي من أجل اللغات وأرقاها، بل هي أم اللغات، لا تجاريها لغة في الجمال والرقي والبلاغة، وسعة المفردات التي لها وقعها في النفوس، يعشها القلب، وتستسيغها الروح، وترتاح لذبذباتها الأبدان، وتطرب لسماعها الآذان، إن ...نُضّدت في نثرٍ أو شعرٍ عزمت أجمل الألحان، ورسمت أحلى الصور، وخطّت أروع البيان، وإن ما يميزها عن غيرها من اللغات أن الكثير من مفرداتها لها معانٍ كثيرة.
فالعين، مثلاً، لها سبعين معنىً، ذلك كما لفت إليه الشاعر الكرباسي في كتابه هذا، الذي ضمّنه عرضاً قيّماً عن اللغة العربية ومفرداتها ومعانيها، وجذور حروفها، وما يتصل بها من أرقام عربية حيث وجد في بحثه أنها والأرقام الاجنبية واحدة من حيث ا لبناء، مستشهداً على ذلك بأمثلة محددة.
وإلى هذا، وبالعودة إلى عنوان الكتاب، "الإيناس بلآلئ الجناس"، فإن تعريف الجناس هو التشابه في اللفظ مع إختلاف المعنى، وهو الموضوع الذي شكل المحور الأساسي في هذا الديوان، نظماً وبحثاً في المقدمة القيّمة التي أسهب فيها الشاعر بالحديث عن الجناس، معدداً أنواعه، مبيّناً مبانيه، فالجناس نوعان لفظي ومعنوي، ولكلْ منها فروع شتّى، ضارباً أمثلة على ذلك من آيات القرآن الكريم، وأبيات من الشعر العربي القديم والحديث، متطرقاً إلى تاريخ الجناس الذي يبدأ برأيه منذ العصر الجاهلي، أما الشكل الذي وضع هذا الكتاب لأجله فبدأ برأيه في عهد الحاكم العباسي هارون الرشيد، ليتطور ويظهر في حلته هذه في القرن الحادي عشر الهجري، لتظهر بعده الخاليّات في القرن الثاني عشر الهجري، والذي كان له نصيبه من التعليق في مقدمة هذا الكتاب.
من هنا، يمكن القول بان الديوان الذي تضمنه هذا الكتاب أراده الشاعر نظماً في موضوع محدد هو "الجناس" فقط، إذ إن القارئ سيلحظ قوانينه التي هي عبارة عن مفردات متشابهة اللفظ، متعددة المعنى، وهكذا جرى النظم على كل حروف اللغة العربية، بالفتح تارة، وبالضم أخرى، وبالكسر ثالثة، أو بالتسكين، هادفاً لإيضاح معنى الجناس أولاً، والإيناس ثانياً، ولإظهار سعة اللغة العربية وعظمتها ثالثاً.
وأما ميَّزة هذا الديوان، فهي أنه من أدب الطريق، كما يحلو للشاعر الكرباسي أن يسميه؛ لأنه كان ينظم قصائده وهو متنقل بين بيته ومكتبه ليقدم حجة للناس للإستفادة من الوقت المهدور، فالوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك.
وأخيراً يمكن القول بأن ديوان الجناس هذا يُعتبر فتحاً أدبياً وشعرياً لم تجُدْ به قرائح الشعراء منذ فجر التأليف إلى اليوم، ويعدُّ رائعة لا نظير لها أُفرِدَ للجناس – وخصَّ منه المشترك اللفظي، بقصائد قاربت الخمسين قصيدة اشتملت قوافي كل واحدة منها على ألفاظ متّحدة رسماً، ومختلفة معنًى، استطاع الشاعر بما أوتي من إلهام وشغفٍ بالشعر، أن يسمو عبر تجربته الشعرية في غالب الأحايين بالذّوق، وإستخدام الخيال، في نسج الصورة الفنية، والربط بين أبعادها الفكرية والجمالية. إقرأ المزيد