تأثير الصعود الصيني في مستقبل الهيمنة الأمريكية
(0)    
المرتبة: 26,402
تاريخ النشر: 08/06/2017
الناشر: بيسان للنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:تعدّ الصين بمقومات قوتها القومية من أهم القوى الدولية الصاعدة، فهي الأكبر في العالم من حيث السكان، وصاحبة أسرع معدل نموّ في العالم وبنسبة تجاوزت (8.38%) سنوياً، كما تعد الصين في الوقت الحاضر من أبرز اللاعبين الدوليين في القطاع الصناعي، إذ أصبحت قادرة على إنتاج كل شيء، وبأرخص الأسعار، ...وباتت تلقب بـ (مصنع العالم)، فضلاً عن ذلك، فالصين أضحت اليوم تمتلك أكبر احتياطي نقدي في العالم، إذ وصل هذا الاحتياطي خلال عام 2014 إلى ما يزيد عن (4) تريليون دولار، بعد أن كان هذا الاحتياطي في عام (1978) صفراً، كما أصبحت أكبر قوة تجارية في العالم متجاوزة الولايات المتحدة الأمريكية، إذ فاق حجم التبادل التجاري السنوي وللمرة الأولى (4.16) تريليون دولار.
كل هذه المؤشرات مكنت الصين من أن تحتل المرتبة الثانية كأكبر اقتصاد عالمي، متجاوزة دولاً صناعية تربعت على هذا المركز لعقود طويلة ولا سيما اليابان وألمانيا، وإذا ما قورنت الصين بالولايات المتحدة من الناحية الاقتصادية، فإن الصين قد تمكنت من تحقيق نمو اقتصادي مطرد في السنوات الأخيرة، حتى أن حجم الاقتصاد الصيني الذي لم يكن ليتجاوز (6.7%) من حجم الاقتصاد الأمريكي عند انهيار الاتحاد السوفييتي في أوائل التسعينات من القرن المنصرم، وصل إلى ما يربو على نصف حجم الاقتصاد الأميركي. ويرى عدد من المراقبين أنه إذا ما استمرت معدلات النمو في البلدين على وتيرتها الحالية، فمن المرجح أن تزيح الصين الولايات المتحدة الأميريكة عن قمة النظام الاقتصادي الدولي في غضون عقدين من الزمن، بحسب الكثير من الاقتصاديين.
ومن جهة أخرى يميل الميزان التجاري بين واشنطن وبكين لمصلحة الأخيرة بصورة كبيرة، مكنها من امتلاك الكثير من الأصول في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، فضلاً عن تحققها بكل المزايا تقريباً، التي تؤهلها لاعتلاء مركز القوة العظمي، إذ يوجد لديها شعب يتمتع بتماسك وتجانس كبيرين، وثقافة كونفوشيوسية تدعم ذلك، ومستوى تربية وتعليم يزداد رقياً يوماً بعد يوم ليضاهي نظراءه في أكثر الدول الغربية تقدماً، ومستوى تكنولوجي يسير على وتيرة تطوريه مرتفعة جداً، وقوة عسكرية ضخمة تدعمها أسلحة متطورة تقليدية ونووية، اذ كشفت الصين مؤخراً الضوء عن امتلاكها ثاني حاملة للطائرات، فضلاً عن إنتاجها طائرة قاذفة لا يكشفها الرادار (شبح)، فضلاً عن انتاجها صواريخ مضادة للسفن والتي يطلق عليها الخبراء (قاتلة حاملة الطائرات) بسبب مداها الذي يصل إلى (900) ميل ودقة عالية في إصابة الأهداف، وسرعة عالية تبلغ عشرة أضعاف سرعة الصوت وميزتها الخاصة انها تصقف حاملة الطائرات عن بعد، ما يعني أنها قادرة على حرمان الولايات المتحدة في الوصول الأمن إلى المياه الدولية بمسافة (11.200) ميل قرب السواحل الصينية، وتالياً فإن لها القدرة على تهديد أقوى القطع البحرية.
يضاف إلى ذلك النمو الزائد في قدرات الصين في مجالات الحروب الالكترونية والفضاء، الذي يعد من أبرز البرامج الفضائية تقدماً في آسيا. وعليه فإن كل المتغيرات تشير إلى أن ثمة متحدياً ومنافساً استراتيجياً للولايات المتحدة الأمريكية، قد ظهر على الساحة العالمية يعمل على تغيير بنية النظام الإقليمي والدولي خلال المتسقبل المنظور.
من هنا تأتي أهمية هذه الدراسة التيتنطلق أشكاليتها وتتمحور حولا لدور الصيني في النظامين الإقليمي والدولي لجهتي عاملي الاستمرار والتغيير. فالصين دولة استقطبت أنظار العالم بسرعة نموها وازدهار صناعتها وعزوها للفضاء وتطور ترسانتها العسكرية، فضلاً عن دورها السياسي الجديد من خلال دبلوماسية الحضور السياسي في التدخل لتقديم الحلول حول مشاكل النظام الدولي بشكل عام والنظام الإقليمي بشكل خاص. لذا فإن من أهم المشكلات التي أصبحت تثيرها قضية الصعود الصين هي مسألة اليهمنة الأميركية، وقد صار هذا الاحتمال هاجساً قوياً يقضي مضاجع الساسة في الولايات المتحدة الأميركية بشكل عام، والعالم الغربي والآسيوي بشكل خاص.
لذا لم يكن غريباً أن يندفع قسم كبير من الباحثين والأكاديميين، لاسيما الباحث في هذه الدراسة لتقصي ومراقبة لسلوكيات الصينية الخارجية في محاولة لاستنتاج توجهاتها في هذا الشأن. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الدراسة تهدف إلى تقويم قدرات الصين المتنامية وتياتها المستقبلية، وعرض الجدل حول تأثير هذا الصعود في القارة الآسيوية والنظام الدولي. كما تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على مسار العلاقات الصينية الآسيوية والدولية وتطورها وتعاظم دورها في مجال الاستثمارات الاقتصادية والسياسية والعسكرية، ثم استشراف مستقبل الهيمنة الأميركية في النظام الدولي. إقرأ المزيد