تاريخ النشر: 06/06/2017
الناشر: دار الإعصار العلمي للنشر والتوزيع
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة الناشر:ما هو التأويل؟ ومن أين يبدأ في الخطاب الأدبي؟ وأين ينتهي؟ وعلى أي القواعد يقوم؟ أهو بحث في المعنى؟ أم هو بحث فيما اتصل به؟ أ هو شرح وتفسير؟ أم هو تحليل عميق؟ أم هو بحث في طبقات النص، بدءًا من حاضره ومنتهياً عند غائبه، بصرف الملفوظ إلى معناه المراد ...حقيقة، بما يتعين عند المؤول؟ أم هو بعد في المذهب وصرف للملفوظ عما أريد به زمن التلفظ لاحتماله ذلك، بحكم احتواء النطق معناه ومعنى ناطقه، واستناد التأويل على الدليل الصارف؟.
كان مدار التأويل أول الأمر – عند العرب وعند الغربيين – على الخطاب الديني ثم تحوَّل إلى كلام البشر شعراً ونثراً، ليسري عليهما ما سرى على الأول. فإن كان هذا هو الحال قديماً، فهل يختلف حديثاً؟ أم هل يثبت على ما كان عليه؟ والمحدثون يصرفون الهمم إلى النظام الذي يتأسس عليه النص، ليكون التأويل بحثاً في كيفية أداء المعنى كما هو حال البنيوية، أو تتبعَ ظاهرةٍ أسلوبية تسري على مجمل النص، وتختص به دون غيره كما هو في الأسلوبية، أو تعييناً للرسالة بعدّ النص خطاباً كشأن سيميائية التواصل، أو توسيعا للدلالة وإحاطةً باحتمالات القصد كما هو في سيمياء الدلالة، أو وقوفا على ترجيح يتوافق مع ثقافة المبدع وثقافة مجتمعه على أساس سيمياء الثقافة.
إن التأويل بصورة مجملة بحث في إدراك قصد المتكلم، وهو بذلك الفهم الذي ينطبع في الذهن على وجه التخييل عند المؤول من بعد فعل المحاكاة عند المتكلم. ولما كان المؤول متعدداً، وكانت المدارك مختلفةً والظروف متغيرة؛ فإن فهم القصد لا يتم بنفس الصورة كما كان زمن التلفظ عند جملة المؤولين، فضلا عن كونه مكتوباً وانقطع عن قائله، مما يبيح التعدد والاختلاف في فهمه.
وبناءً على السالف، تكون آليات التأويلِ التحليلَ والقراءةَ والتكرارَ، وكل منها مستقل بذاته، من غير انفصال تام، فلا يخلو بعضها من وجود بعض، فإذا كان التحليل والقراءة آليتين تعدّد بهما العمل النقدي، فإن التكرار يتخللهما؛ فهو يُعدُّ خاصيةً شعريةً في العرف السائد، واعتماده دون غيره – آليةً – بفعل القصد فيه، يصنع الموازاة والتماثل شكلاً، كما يصنع من حيث التردّد دلالةً ما، تتضافر مع غيرها لتحقق المراد من القصد، لولا ذلك ما ترددت وما فرضت وجودها في الانفعال الشعري. وتجري هذه الآليات على حدود التأويل أفقياً وبالتناسب؛ فالتحليل والقراءة للمفصل، والتكرار للحر، وفي كل حد تتعين المستويات عمقا من المعنى الأول إلى المعاني العميقة للنص، والمسألة قائمة على انفتاح الدلالة]....[، فكل قراءة تأويل، تبدأ من حيث انتهت سابقتها، تثبتها وتدعمها وتعيد إنتاجها، أو تنسفها وتعيِّن غيرها.
ولذلك يُعَنوَن البحث بـ: (النص والتأويل)، وقد بُنِيَ على فصلين:
الفصل الأول الموسوم بـ: (حقيقة النشاط التأويلي): يناقش مفهوم التأويل في الوحي، وفي عرف علماء الإسلام تنظيرا وإجراءً عمليا، كما يناقش ارتباطه بالبيان والفهم، جامعًا بين النص الديني والخطاب الشعري قديماً، ليهتمَّ البحث عند المحدثين بوسائط التأويل وآلياته، مع الخروج إلى مفهومه.
الفصل الثاني الموسوم بـ: (مسار الترجمة من النقل إلى التأويل): يناقش مفهوم النص وخصائصه ومميزاته اللسانية، ليخرج إلى ثنائية المقابل والمعادل اللغويين على مبدأ الثنائيات، ويكون الناتج نصين ولغتين ومعنى واحداً.
لقد جاء إدراج هذا الفصل هنا لارتباط الترجمة بالنصوص والنشاط التأويلي والأسس اللسانية، فالترجمة تأويل من حيث التصور والمفهوم، تقوم على التحليل والقراءة والفهم والتقويم، بما يؤسس لتلاشي الحدود بين الاختصاصات، ويعمل على تكاملها منهجياً ومعرفياً، وبخاصة إذا كانت مشاكلها تجد في الفكر اللساني حلولا لها، أو تجد إسهامات جديرة بالأخذ بها، ويكفي القارئ أن يتصفح هذا العمل، ليدرك ما يصبو إليه.
وما هذا البحث إلا وسيلة لفتح مجالات للتأويل وإعماله في الخطاب الأدبي، لما فيه من أنس تراثي أخاذ، ومدٍّ منهجي معاصر، بمنهج استقصائي تحليلي ينحو إلى بيان وتوضيح ما استغلق فهمه، وصعب مناله، وإن كنت قد بذلت فيه جهداً، فإنني أحتسبه وأحتسب جهد من أعانني فيه وعليه عند الله. إقرأ المزيد