التصوف والطرق الصوفية في العصر العثماني المتأخر ؛ دراسة في وجود الطرق وانتشارها ونفوذها الديني والاجتماعي والسياسي
تاريخ النشر: 27/03/2017
الناشر: بيسان للنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:لقد اعتاد القارئ أن يسمع بالتصوّف من خلال الدراسات الفلسفية اللاهوتية، ومن هذا المنظور فقد أشبعت هذه المادة دراسةً وبحثاً على أنها بحث فلسفي له منهجيته الخاصة ومصطلحاته ورموزه، وله مدارسه ورجاله.
وقد احتل التصوّف في الإسلام حيزاً مهماً من هذه المادة، واختلفت نظرة الباحثين فيه بين مؤيد ومعارض، بين ...مُغالٍ في التأييد وبين متهَمِ بالخروج على قواعد الدين والزندقة، وكثرت الأبحاث لدى كل فريق، ولكل حجته ومنهجيته، حتى ليضيع القارئ العادي في الوصول إلى الحقيقة.
إذا كان التصوّف في الإسلام قد بدأ تعفُّفاً، فزهداً، فتنسُّكاً، فانعزالاً عن الدنيا، فإن ما عرفه العالم الإسلامي في القرن السادس الهجري / الثاني عشر الميلاد من بدايةٍ لظهور الطرق الصوفية حَريٌّ بالتوقف عنده وسَبْر أغواره.
وإذا كان بعض الباحثين قد ربط نموّ هذه الطرق بحدثين مهمين تعرّض لهما العالم الإسلامي، وهما إندلاع الحروب الصليبية، وإتجاه الأندلس نحو الضياع، معتبراً ذلك نتيجة طبيعية تحدث في أعقاب الكوارث والنكسات، حيث يتساءل المسلمون عن سرّ هزيمتهم وإنحدارهم وما حلّ بهم، فيرى البعض منهم أن السرّ في ذلك هو إبتعادهم عن الله تعالى وإقبالهم على المعاصي، وأن الخلاص لا يكون إلا في الرجوع إلى الله عزّ وجلّ والمحافظة على حدوده والإبتعاد عما نهى عنه، وهذا التفكير يتفق مع النزعة الصوفية.
بينما ذهب بعض الباحثين في تفسير إشتداد التيار الصوّفي في المغرب العربي إلى إرتباطه بروح الجهاد التي فرضتها الأحداث، لقرب المغرب من مركز الهجوم الأوروبي على الأندلس، ما جعل سكانه أكثر إحساساً بالخطر، وتالياً أكثر حماسة في العودة إلى الله تعالى؛ وهذا ما يفسر أن عدداً من شيوخ الطرق الصوفية الكبرى كانوا من المغرب العربي.
ومهما تعددت التفسيرات والتأويلات فالطرق الصوفية ظهرت وانتشرت في العالم الإسلامي ولا يزال بعضها حتى اليوم، ولا مجال لتجاهلها أو إنكارها أو إسدال الستار عليها، فقد شغلت قسماً كبيراً من الناس نتيجة لإختلاط أصحابها والعاملين فيها بالطبقات الشعبية، إن لم يكونوا مركز الثقل فيها.
وهذه لمحة عن أهم المصادر التي عدت إليها في هذه الدراسة: وثائق غير منشورة: بعض الوثائق الألمانية للمستشرق Von Max Oppenheim قام بترجمتها لي الأستاذ المشرف، إجازات ببعض الطرق الصوفية من مخطوطات المكتبة الظاهرية في دمشق، في التصوف الإسلامي: كتاب اللُّمع في التصوّف لأبي نصر الطوسي (378هـ/ 988م) وهو من أقدم الكتب التي تتحدث عن التصوّف، يحتوي على تعريفات لعدد من شيوخ التصوّف. إقرأ المزيد