مجالس العلم والمناظرة بالمغرب والاندلس على عهد المرابطين الموحدين
(0)    
المرتبة: 33,335
تاريخ النشر: 01/01/2014
الناشر: دار ابن حزم
نبذة نيل وفرات:إن الحياة العلمية في أي عصر ترتبط إرتباطاً مباشراً بمدى إهتمام قادته بالعلوم، وكلما كان ذلك الإرتباط وثيقاً، كان له الأثر البالغ على الحياة العلمية، هذا ومنذ قيام دولة المرابطين والموحدين على أرض المغرب والأندلس، والإهتمام كان واضحاً بالعلم والعلماء، فقد منهم الرابطون والموحدون كيف ينظم الشعب المغربي المسلم ...أهل العلم والدين، ولا سيما وقد كان مؤسسو الدولتين - عبد الله بن ياسين، والمهدي بن تومرت فقهاء، كما كان لنزوح العلماء سواء من جهة المشرق أو الأندلس إلى بلاد المغرب بسبب خضوع القيروان للحكم الفاطمي وتساقط المدن والحصون الأندلسية في يد النصارى، وما صاحبه من إنعدام الأمن؛ كل ذلك كان له دوراً بارزاً في جعل المغرب نقطة إلتقاء بين علم المشرق وعلم الأندلس، فأصبح سوقاً نافقة لجميع مجالات العلوم.
وإن مما لا شك فيه أن مجيء عدد كبير من علماء القيروان والأندلس ونزولهم بالمغرب كان له الأثر الإيجابي في كثرة المجالس العلمية وتنشيط حركتها بكل المدن المغربية المرابطية والموحدية، واستمر ذلك إلى ما بعد نهاية الحكم الموحدي على أرض المغرب والأندلس، وكان لبعض خلفاء هذا العهد باع في العلوم الشرعية ومشاركة فيها وحب وتعظيم لأهلها، أمثال أمير المسلمين علي ابن يوسف ناشفين (537هـ)، والخليفة يعقوب المنصور الموحدي (ت 595هـ)، الذين وصفا بأنهما كانا ديّنين فيهما خير وإحسان ومروءة؛ وقد كان يوسف بن تاشفين يجتمع بالعلماء والفقهاء فيلازمونه في حلّه وترحاله، ويتباحث معهم في القضايا الشرعية وتلك التي تهم الدولة.
من هذا المنطلق، تأتي هذه الدراسة التي تتناول مجالس العلم وبالتالي إبراز جوانب هامة من الحياة العلمية في كلّ من المغرب والأندلس، ثم الكشف عن تفاصيل ما كان يجري في مجالس العلم والمناظرة ودراستها، ووضعها بين أيدي الباحثين والدارسين، وسدّ حاجة المكتبة الإسلامية إلى مثل هذه الدراسة.
وقد استقر اختيار الباحث على مجموعة من المراكز العلمية مثل مراكش، فاس، سبته، قرطبة والقيروان، وذلك على سبيل التمثيل دون تجاهل غيرها من مراكز الإشعاع الفكري، كما تطرق إلى الرحلات العلمية نحو هذه المراكز من أجمل تحمل العلم وأدائه وسط مجالس تعج بطلبة العلم وشيوخه من أعيان ذلك الزمان، وتسجيل المناظرات التي جربت بين أعلام الإسلام في هذا العصر، ثم بينهم وبين غيرهم من أهل الملل والنحل الاخوى، مع الإحتفاظ بروح التسامح والإنصاف والموضوعية بين المختلفين.
وإلى هذا، فقد امتد الزمن الذي اهتمت به هذه الدراسة زهاء قرنين ونيف من الزمن، تبتدئ مع أواسط القرن الخامس الهجري (447هـ) وتستمر إلى النصف الثاني من القرن السابع الهجري (669هـ)، وهي حقبة مديدة تميزت بتعاقب دولتين كبيرتين (المرابطين والموحدين) وهما من أقوى الدول التي حكمت المغرب، وأهّلته للمساهمة في الحضارة الإنسانية بإمتداداتها الإسلامية المسيحية، وأدخلته إلى المعترك الدولي كعنصر فاعل وتؤثر في العلاقات الدولية.
وأما المنهج الذي سلكه الباحث في دراسته هذه، فهو المنهج الوصفي بالدرجة الأولى، لكونه يعتمد سرد الوقائع التاريخية ووصفها كما أوردتها الروايات، وقد تجاوز أحياناً إلى التحليل فيما يتعلق ببعض الوقائع في محاولة لتفسيرها أو نقدها أو إستنباط بعض الاحكام منها، مستأنساً في كل ببعض الدراسات التي تناولت جانباً من الموضوع، مع الإحتياط الشديد في إطلاق الأحكام.
أما فيما يتعلق بالنصوص الشرعية التي أوردها الباحث، فقد رجع فيها إلى المصدر الذي نقل عنه، معتمداً رواية بالنسبة للقرآن الكريم، موثقاً نصوص السنّة وأقوال الصحابة بالعودة إلى كتب السنّة: الصحاح، والسنن، والمسانيد والمعاجم وغيرها...
هذا وقد شملت هذه الدراسة تمهيداً وبابين تم الحديث في الباب الأول عن مجالس العلم بالمغرب والأندلس أيام المرابطين والموحدين بما يشمل الحديث من الأحوال السياسية والإجتماعية والعلمية، للتطرق من ثم الحديث عن عوامل إزدهار مجالس العلم وبيان أصناف وآداب ومجالس العلم على هذين العهدين.
أما الباب الثاني فقد عقد فيه الباحث لفن المناظرة بالمغرب والأندلس على عهدي المرابطين والموحدين بما يشمل الحديث عن دواعي فن المناظرة وبمجالاتها، وإيراد نماذج منها ونبذ عن سير رجالاتها، وليتناول من ثم بالتفصيل القول في فن المناظرة بين أسباب الضعف وعوامل الإزدهار خلال هذين العهدين المشار إليها آنفاً. إقرأ المزيد