تاريخ النشر: 01/04/1977
الناشر: الدار العربية للموسوعات
نبذة نيل وفرات:"سومر فنونها وحضارتها" كتاب وضع أصلاً باللغة الفرنسية وقام بترجمته إلى الإنكليزية كل من ستيوارت جلبوت وجيمس أمونز. وقد تولت شركة تيمز وهرسن طبعه ونشره وعن هذه الترجمة تمّ نقله إلى هذه العربية التي يضمّها هذا الكتاب الذي هو الثالث في سلسلة الكتب العلمية والفنية التي تمّت ترجمتها إلى ...اللغة العربية وذلك لإناء المكتبة العربية من خلال إبراز النواحي الحضارية المختلفة للعراق بصفة خاصة، وللعرب بصورة عامة.
وبالعودة إلى الكتاب فإن محتواه يكاد يكون مجهولاً قبل مائة سنة بقليل، وكانت الأعمال المصورة فيه خارج نطاق التصور قبل تلك الفترة ومجردة من أية قيمة جمالية. فقبل خمسين عاماً كانت بلاد سومر أرضاً مجهولة، وكان فن بلاد ما بين النهرين الذي سبق الفن الآشوري، يعني بكل بساطة، فن "لكش" المسمى بالفن الكلداني، ذلك الفن الذي لم يكن أحد، سوى التوراة، قد اهتم به، إلا قلة من الاختصاصيين. وحتى إلى وقت متأخر؛ أي سنة 1930، كان الثلثان من الأعمال التي صورت في هذا الكتاب ما يزالان غير مكتشفين وغير معروفين. ومع ذلك فإن هذه الأعمال في الوقت الحاضر لم تكشف فحسب، بل إن ما كان يحجبها عن الأعين والأذواق انزاح، وغدت بادية العيان بالشكل الذي كانت عليه؛ أي أعمال فن. أصيلة في حقيقتها الخالصة، وليس كقطع متحفية بلا معنى. لم يكن لدى متذوقي الجمال خلال القرن التاسع عشر أدنى فهم لما قد يعنيه الفن بالنسبة إلى متذوقيه في القرن الحالي، ذلك لأن صانعي هذه الأعمال، كما هو واضح تماماً، لم يكونوا يهتمون بالجمال، بل تركز اهتمامهم في الموضوع الذي ألهم الكثير من الفنون الأخرى، ابتداء من الفن المصري حتى الفن الرومانسكي والذي يعني "التقديس" ففي بلاد سومر مثلما هو الحال في المكسيك وفي مصر، كان التقديس يمثل بصفة بارزة عالم الوهم، وعن طريق الفن وحده اتخذه هذا العالم الوهمي شكله، غير أن مثل هذا الفن لم يكن يعي ذاته كفن، وأن تأثيره ينبع من قوة شبه سماوية تخصّ الفنان وحده: أي رسم ما لا تراه بالضرورة عين الفرد المرتبط بالأرض. لقد أعطى بلد النهرين تعبيراً عن هذه القوة بصفة أولية وأساسية في الدمى التي عثر عليها في القبور. فلقد كان المصريون والصينيون و"الميانيون" يضعون في قبورهم صوراً لم تكن تشبه قطعاً أي شيء قد وقعت عليه عيونهم أو عيون فنانيهم. وبالنسبة للمطالع في هذا الكتاب يرى أن ما يحتويه من صور للعالم غير المنظور، إنما هو بداية لفن النحت عن السومريين وفي الوقت الذي أخذ فيه التصميم الهندسي الجامد وفي الدمى الفخارية، التي جاءت صورها في هذا الكتاب يبدو وكأنه يرمز إلى انتصار العقل على الفوضى، ليبدأ ظهور الآلهات الوهمية المكونة من نصف أفعى ونصف امرأة، وهي تمسك على صدرها بطفل له رأس ثعلب خائف. من هنا يمكن القول بأن لهذا الكتاب أهميته الفنية والفكرية أيضاً والتاريخية والاجتماعية إلى حدّ كبير فالناظر إلى ما احتواه في هذا الكتاب من صور بإمكانه التأمل أكثر لتتكون لديه دراسة فنية اجتماعية فكرية تاريخية عن حضارة سومر العريقة. إقرأ المزيد