سقوط الموصل - العراق ومحصلة الاعباء الداخلية والخارجية
(0)    
المرتبة: 115,856
تاريخ النشر: 01/01/2016
الناشر: دار دجلة ناشرون وموزعون
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة الناشر:لقد مثل سقوط مدينة الموصل في العاشر من حزيران 2014 بيد تنظيم داعش، صدمة للمراقبين والمتابعين والمهتمين في الشأن العراقي، حتى اخذ الكثير منهم بالتفسير المؤامراتي لمعرفة أسباب هذه الحادثة، من هنا يشكل كتاب “سقوط الموصل: العراق ومُحصلة الأعباء الداخلية والخارجية” للباحث كرار أنور البديري المتخصص بالشؤون الاستراتيجية والدولية، أول ...مساهمة بارزة في هذا الشأن تكشف عن الأسباب الموضوعية التي أدت إلى سقوط الموصل، حيث يرى الباحث أن هذه الحادثة لم تكن لسبب واحد يمكن أن نعزو له كل افتراضاتنا، فهناك الكثير من الأسباب التي أسست لسقوط مدينة الموصل وغيرها من المدن العراقية بيد تنظيم “داعش”، فهي أسباب متراكمة ولاتزال، ولا يمكن أن تبتعد عن الأسباب السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية، هذا إذ ذهبنا إلى الداخل العراقي، ولكن إذا ما ابتعدنا قليلاً عن الداخل فسنجد أن هناك أسباب وعوامل إقليمية متراكمة على العراق قبل وبعد عام 2003، أما إذا تنحينا جانباً عن الأسباب الإقليمية واتسع الأفق اكثر سنجد أسباباً دولية تكاد لا تبتعد عن الولايات المتحدة الأمريكية وطبيعة علاقاتها مع العراق بعد جلاء قواتها نهاية العام 2011.
وفي هذا المجال ركز الباحث على رؤية مفادها؛ إن الطريق إلـى سقوط الموصل كان يمر بثلاث مستويات، أولها المستوى الداخلي؛ فعند النظر إلى وظائف النظام السياسي في أية دولة نجد إن اهم وظائفه تتجسد في منظومة التعبير عن المصالح أو الشكوى، ذلك بان صيانة النظام لهذه الوظيفة يجنبه حالة عدم الاستقرار، كون الجماعات المختلفة فيما لم تجد قنوات شرعية تعبر بها عن مصالحها ومطالبها فأنها من دون شك ستعمد إلى العنف للتعبير عن هذه المصالح أو المطالب مع ما يترتب عليه من تهديد لاستقرار النظام السياسي. كالحالة مع الداخل العراق، إذ أسهمت سوء لأوضاع وعدم الاستقرار في العراق بعد عام 2011 التي تمثلت بالاحتجاجات الشعبية إلى خلق حواضن مناهضة للعملية السياسية برمتها، وقد أوجدت هذه البيئة المضطربة في العراق حاضنة استثمرها تنظيم “داعش” في إيجاد موطئ قدم له والسيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي العراقية ابتداءً من محافظة الأنبار، ثم الموصل، وصلاح الدين، وديالى، مستغلاً سخط المتظاهرين في المحافظات الغربية في العراق، بعد إن تحولت ساحات التظاهرات السلمية إلى ساحات قتال مع الجيش العراقي. وفي الواقع بسبب من هذه البيئة سعى تنظيم داعش إلى استقطاب أوساط من المدنيين التي تمسهم سياسات الحكومة وعملياتها العسكرية لتخلق أرضية مشتركة من التجاوب والتعاطف بين تلك الجماعات المسلحة والسكان المدنيين الذي تعمل بينهم ليشكلوا القاعدة الرئيسية التي لا غنى عنها لأية حرب عصابات ناجحة.
أما على المستوى الإقليمي؛ فيذهب الباحث إلى القول إن الأمن الداخلي، في ظل العولمة والإرهاب يخضع لميكانزمات التفاعلات الإقليمية والدولية، فاليوم إشكالية الأمن مرهونة بقدرة هذا الطرف أو ذاك في اتساع علاقاته وكسب الأصدقاء وتحييد الأعداء، ولكنه يرى إن العراق في الفترة التي سبقت سقوط الموصل كان مستثنى- ولايزال- من هذه اللعبة، بسبب غياب استراتيجية واضحة يرتكن اليها في إدارة شؤونه الخارجية، وإنما الاعتماد على المواقف اللحظية ورادات الفعل العاطفية. وليس من المستبعد إن ما يدور اليوم في العراق بعد سقوط الموصل هو من نتاج تلك التفاعلات الدولية والإقليمية مضاف اليها الأسباب الداخلية.
وكان جلَّ اهتمام الباحث على المستوى الإقليمي يصب في أن ما يجري في العراق هو انعكاس لصراع إقليمي، انطلاقاً من رؤية مفادها، إن البيئة الإقليمية المحاطة بالعراق تتسم بأنها شديدة التعقيد والتأثير في آن، لا سيّما وأن النظام الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط يتصف بأنه نظام غير مستقر يسوده غياب التفاهم والتعاون والرغبة في تغيير المواقف بين القوى الفاعلة فيه، ناهيك عن ما يحوزه هذا النظام من مدركات تذهب إلى الحد من دور العراق في بيئة إقليمية كهذه، وما يتبادر هو كيف أثرت هذه البيئة الإقليمية على العراق وادت إلى زيادة عدم الاستقرار فيه وصولاً حتى سقوط الموصل.
وأما على المستوى الدولي فرغم استمرار الادعاء الولايات المتحدة الأمريكية في محاربة الإرهاب، إلا أنها لا تعير أهمية لمحاربته إذا لم تتطلب مصالحها ذلك، وطالما أن العراق بعد الانسحاب الأمريكي لم يعد يتماهى كما هو متوقع له مع المصالح الأمريكية، يصبح الإرهاب سبيلاً لتذكيره ويصبح الأمن سبيلاً لتوفيره، ولكن بالتصدير مقابل ضمان المصالح ورعايتها. وهذا ما يفيد بفشل فرضية إن الحرب على الإرهاب تجعل العالم أكثر استقراراً. فقد أصبح الإرهاب عامل لرعاية المصالح مقابل تصدير الأمن. وكأنما الإرهاب يخدم المصالح الأمريكية بصورة غير مباشرة. إذ إن حتمية وجوده أصبحت تستدعي التدخل الأمريكي لمحاربته، والحالة
العراقية خير تجربة.
وتناول الباحث في الكتاب هذه العوامل الثلاث، بشيء من التفصيل لسبر أغوار التراكمات الداخلية والخارجية، وكيف أدت بمجملها إلى سقوط الموصل، ناهيك عن تناوله الإصلاح الحكومي ودوره في ضمان الأمن الداخلي للبلاد، مع إيضاح المعوقات التي تعترض سبيل هذا الإصلاح، والتركيز على ما تتطلبه هذه اللحظة التاريخية من العودة إلى الذات ولم الشمل لتأسيس مرحلة من الركون إلى الداخل العراقي والسعي نحو تمكينه، لإدخاره كقوة يمكن بذلها بالخارج بما يتناسب ومصلحة الدولة وأسس البناء.
وقد توصل الباحث إلى ان سقوط الموصل لم يكن نتيجة أساسية لفشل المؤسسة العسكرية العراقية وتقاطع الأرادات السياسية الداخلية فحسب، بل أن هذا السقوط يعد نموذجاً ومثالاً يجب الاعتبار به لتقاطع الأرادات الإقليمية والدولية في العراق، وهذا الأمر يفرض على العراق أن يحث الخطى في الإصلاح السياسي، وان يدرك حكومة وشعباً أن العراق طالما ينتابه الضعف فانه ستكون هناك حوادث متشابه لحادثة سقوط الموصل وان كانت غير متماثلة، وعليه فان العراق لا سبيل أمامه سوى أن يدرك في ظل هذا المرحلة الحالية ما الهوية التي يجب أن تخدم الديمقراطية في العراق، وان تؤسس لعملية بناء دولة ناجعة وقادرة على امتلاك القوة وتوفير الأمن والسلام للشعب العراقي. إقرأ المزيد