التطبيقات المعاصرة لـ: بيع المعدوم بين الفقه والقانون
(0)    
المرتبة: 363,483
تاريخ النشر: 01/01/2015
الناشر: دار النوادر اللبنانية
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:البيع لغة: هو أخذ شيء وإعطاء شيء، مأخوذ من الباع، لأن كل واحد من المتبايعين يمدّ باعه للأخذ، وأمّا تعريفه عند الفقهاء فهو عند الحنفية: "مبادلة مال بمال بالتراضي" وعند الشافعية: "مقابلة مالٍ بمالٍ قابلين للتصرف بإيجاب وقبول على الوجه المأذون فيه". والبيع عند الحنابلة: "مبادلة مالٍ ولو في ...الذمّة أو منفعة مباحة كمحو بمثل أحدهما على التأبيد غير رباً و قرض.
وتعريف البيع قانوناً: فقد جاء تعريف البيع في القانون المدني السوري مادة (386) بأنه: "عقد يلتزم بمقتضاه أحد طرفيه الذي يدعى البائع بنقل ملكية شيء إلى الطرف الآخر الذي يدعى الشاري، والذي يلتزم بدفع ثمنه"، ويقابل هذا النص في التقنين المدني المصري المادة (418) ويستخلص من التعريف أنّ العقد مُلزم للجانبين، إذ هو يلزم البائع أن ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقاً مالياً آخر، ويلزم المشتري أن يدفع للبائع مقابلاً لذلك ثمناً نقدياً، وللبيع عقد معاوضة، وهو أيضاً عقد رضائي، وناقل للملكية.
مما سبق يتبين أنّ البيع في القانون هو نفسه في الفقه الإسلامي، إلّا أنّه في القانون لا يطلق البيع إلّا على البيع المطلق الذي يكون فيه الثمن نقوداً والمبيع عيّناً، وهو نوع واحد من أنواع البيوع التي تدخل تحت تعريف البيع عند الفقهاء، أما في الفقه الإسلامي فالبيع يتسع ليشمل البيع المطلق والمقايضة والصرف والسلم.
أيضاً في الشرع لا يقع البيع إلّا على ماله قيمة ماليّة يباح الانتفاع به شرعاً، وقد انتشر نوع من البيوع الفاسدة في هذا الزمن، وهو عدم وجود المبيع، الذي أطلق عليه الفقهاء اسم بيع المعدوم، وقد استمدّوه من قول النبي (صلى الله عليه وسلم) لحكيم بن خزام: "لا تبع ماليس عندك"، وربما يرجع السبب إلى أن الكثير من هؤلاء الفقهاء قد أدرجوا هذا السبب في بيع الغرر، باعتبار أن بيع المعدوم هو نوع من الغرر الذي لا يجوز.
وهذا البيع قد انتشر اليوم بين مسلمين وغير مسلمين، فيمكن أن يفقد التاجر صفات كبيرة ولم يملك بعد السلعة التي يعقد عليها، أو ملكها لكن لم يقبضها بعد، كما أصبح البيع على الخريطة مثلاً بيعاً معهوداً، وكذلك بيع ما ينتجه مصنع ما على مدى سنة أو سنتين أو أكثر أو أقل، فيعقد المشتري مع صاحب المصنع شراء هذا الإنتاج قبل أن يبدأ المصنع بلإنتاج، وغير ذلك من الأنواع التي تتعلق بوجود المبيع.
فهل تحلّ هذه البيوع شرعاً أم لا؟ فإن كانت تحل فما وجه التحليل، وإن كانت تحرّم فما وجه الحرمة؟ وتحت أي نوع من أنواع البيوع يمكن إدراجها، وما مستند ذلك من الشرع؟ ثم إن كانت لا تجوز فما هو البديل عنها في الأسواق الإسلامية، وعند الفقهاء.
هذا وقد اختلفت صور البيع المعدوم عند الفقهاء حسب مستنده في النهي، وكذلك كثرت الصور المعاصرة لهذا البيع، وربما تكون الصور في ظاهرها بيع معدوم، ولكن في حقيقة الأمر ليست بذلك، والعكس كذلك.
من هنا يأتي هذا البحث الذي يتمحور حول صدّ تلك البيوع المستحدثة والشائعة اليوم التي تشترك في معنى بيع المعدوم، وربما تأخذ حكمه، أو لا تأخذ، حسب مدى مطابقتها لمعنى بيع المعدوم، فقد يكون هناك من أنواع بيع المعدوم ما يشتبه به في الظاهر ويخالفه في الباطن كما هو في بيع الاستجرار، وبالتالي لا يأخذ حكمه.
وقد تناول الباحث موضوعه هذا من الجانبين: الفقهي والقانوني، مركزاً في الدراسة القانونية على القانون المدني السوري، مع تطرقه قليلاً إلى القانون المدني المصري واللبناني أحياناً، متبّعاً في دراسته هذه المنهج الوصفي القائم على الاستقراء، هذا ولما كان للبحث علاقة بالبيع وهو معنى عام بالنسبة لبيع المعدوم، ثم الاستهلال بالحديث عن وصف هذا العام بشكل مختصر، ليأتي من ثمّ على وصف الخاص وهو بيع المعدوم، الموضوع المحور لهذه الدراسة، واصفاً إياه من خلال استقرائه لأمثلة الفقهاء في شأن هذا البيع آخذ عينة من صور مأثورة لبيع المعدوم، مستصحباً هذه الأسباب مجموعة او متفرقة في الحكم على التطبيقات المعاصرة لهذا البيع، والتي تتفق صورتها مع الصور السابقة وتشترك معها في العلّة نفسها. إقرأ المزيد