المقتبس من أنباء أهل الأندلس لابن حيان القطربي
(0)    
المرتبة: 111,961
تاريخ النشر: 01/01/1973
الناشر: دار الكتاب العربي
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:يتفق الكثيرون من الباحثين على أن أبا مروان حيان بن خلف بن حيان يعدّ من أعظم مؤرخي الإسلام، وهو بغير شك أعظم مؤرخ أنجبته الأندلس؛ بل والغرب كله - الإسلامي والمسيحي منه على السواء - طوال العصور الوسطى، بإستثناء فيلسوف التاريخ أبا زيد عبد الرحمن بن خلدون الذي يعتبر ...في تاريخ الفكر الإنساني كله ظاهرة فذّة غريبة.
ومع ذلك، فإن الذي يتأمل ما وصل من أخباره، يجده قليلاً لا يتناسب مع هذه المكانة العالية التي اعترف بها لابن حيان أهل عصره، ومطالعو كتبه من القدماء والمحدثين، فأصحاب معاجم التراجم من أمثال ابن بشكوال ومن نقل عنه، كالعهد بهم لا يكادون يفردون لمن يترجمون له إلا سطوراً تنص على سنة مولده وسنة وفاته وعلى من قرأ عليه من الشيوخ، ثم تلمذ عليه وعناوين بعض كتبه، ولا أكثر من ذلك.
ومهما يكن من أمر، فإن ابن حيان هو أبو مروان حيان بن خلف بن حسين بن حيان بن محمد بن حيان بن وهب بن حيان مولى الأمير عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان، من أهل قرطبة؛ كان أبوه الأستاذ الحقيقي لهذا المؤرخ العظيم؛ بل لعله أعمق أساتذته أثراً فيه؛ هذا فضلاً عن كونه من أهم مصادر تاريخه.
كانت ولادة ابن حيان سنة 377هـ / 987م ووفاته سنة 422هـ / 1031م كان ابن حيان رجلاً واسع الإطلاع جمّاعاً للكتب، وهذا ما أغناه الرواية عن الشيوخ والتردد إلى مجالس العلماء، وهذا ما يفسر أن كتبه التي تعرّض فيها لتاريخ الأندلس السابق على عصره تكاد تخلو من الأسانيد والروايات، فهو لا ينقل إلا عن أصول مكتوبة.
وإن الباحث ليجد أن إتجاه ابن حيان إلى كتابة التاريخ إنما تولد من شخصية هو: من دقة إحساسه ونفاذ نظرته، وقدرته الطبيعية على الإستيعاب، وملكته النقدية المتأملة، وقد زاد من إرهاف روح ابن حيان العصر الذي عاشه والأحداث الهائلة التي رواها واكتوى بها، فقد انتقلت الأندلس تحت بصره نقلة مفاجئة؛ من تلك العظمة التي وافقت أواخر أيام الدولة العامرية، إلى هذه الفتنة الجائحة المدمرة التي انفجرت في سنة (399هـ/ 1008م) على يد عبد الرحمن "شنجول" ابن منصور العامري، ذلك الشاب الأحمق المشؤوم الذي فتح على الأندلس باباً لم يسد إلا بإنهيار بنيان الدولة كلها وتمزقها، وكان هذا الفتق الهائل هو المؤدن ببداية نهاية الإسلام في الأندلس.
وقد ترك ابن حيان كتباً ومؤلفات عنى بها لأهميتها الكثير من الباحثين رغم أنها لم تتجاوز أصابع اليد، ومن أهمها كتابه المقتبس وموضوعه هو تاريخ الأندلس منذ الفتح العربي في سنة (91هـ/ 711م) حتى قريب من عصر المؤلف، إلا أن المحقق قد انتهى من بحث هذه المسألة.
كما سيلحظ القارئ من خلال قراءته في هذا الكتاب، إلى أنه في الواقع ينتهي بنهاية خلافة الحكم المستنصر على وجه التقريب فيأتي التأريخ في المقتبس على هذا النحو: تاريخ الأندلس منذ الفتح العربي حتى آخر خلافة المستنصر (91- 366/ 711- 976م).
هذا وقد كان كتاب المقتبس من بين الكتب التي افتخر بها الفقيه أبو محمد بن حزم في رسالته في فضل الأندلس، كما يذكر ابن الخطيب هذا الكتاب فيقول: "ذكر أبو مروان ابن حيان بن خلف في كتابه الذي أناقت على المائة أسفاره المسمى بأخبار الدولة العامرية المنسوخة بالفتنة البربرية، وما جرى فيها من أحداث شيعة".
هذا وقد كان ابن حيان عميق الشعور برسالته مدركاً لقيمة عمله تمام الإدراك واعياً للمنهج السليم الذي ينبغي لمؤرخ من مستواه أن يتبعه، ولهذا فقد اجتهد في أن تجمع أكبر عدد من المصادر، تنوعت بتنوع الموضوعات التي عالجها في تاريخه منذ الفتح العربي للأندلس حتى عصره بصورة عامة، وفي كتابه المقتبس منذ الفتح العربي للأندلس حتى الدولة العامرية على وجه الخصوص. إقرأ المزيد