الشعر الأيروتيكي النسوي الشفاهي في العالم العربي ؛ تأصيل ونصوص
(0)    
المرتبة: 39,401
تاريخ النشر: 01/01/2016
الناشر: صفحات للدراسات والنشر
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:يعترف غالبية العرب نظرياً بوقوع الشفاهيّ في صلب العمل الثقافي، لكنهم يغضّون الطرف عنه عملياً وهم يقومون بعملية استعلاء مجانيّ على الشفاهي في الحقل الشعري خاصة، وليس في حقول السرد. وفي هذا الكتاب مجموعة من الشعر الشفاهي تتعالى الثقافة عن الاقتراب منه، جمعه أوتصنيفه أو دراسته، أو الاستمتاع به ...بوصفها شعراً.
ففي الأدب المهمل الشعبي، في العالم العربي كلّه، لابدّ من وجود نصوص أيروتيكية نسوية لا يتوجب إغفالها لأسباب بن تخفى على أحد منذ الوهلة الاولى. من جهة، فالقارئ، في هذا الكتاب هو أمام نصوص متداولة غير معترف بها في الثقافة "العالية" إلّا أنّها تحوز مكاناً بارزاً في الثقافات الشعبية العربية. وعدم الاعتراف به مردّه إلى أمرين. الأول لأنه شعر شعبي، والأمر الآخر؛ لأنه شعر نسائي، ناهيك عن مجهولية قائلاته، ولكثرة استخدامه على ألسنتهن في مناسباتهن. من هذا المنطلق جاء العمل في هذا الكتاب الذي عمد فيه الباحث إلى جمع ما يمكنه جمعه من هذا الشعر من مختلف المصادر، وهدفه إقامة انطولوجيا، أي مختارات منه، من جميع أنحاء العالم العربي، من أجل الإعلان أن نزعة إيروتيكية بريئة وصافية، توجد في الشفاهي العربي، مجهولة الهوية، لأن الأمر متعلق بأدب لا تعرف قائلاته في الطالب الأعم، والذي هو موجود قبل حلول الإيروتيكا التعسفي في ثقافة نساء العرب في القرن العشرين.
ومن جهة ثانية، وبعد أن صار جزء من مادة هذا الشعر النسوي بين يدي الباحث، كان من الجليّ أنّه مكتوب بعاميّات عربية مختلفة، ليست مفهومة بإيحاءاتها وظلالها والتباساتها المقصودة؛ بل بإشاراتها المحليّة ورموزها الدقيقة، لجميع القراء العرب. لذا كان على الباحث مهمّة ترجمته إلى اللغة الفحصى مع الاحتفاظ الحريص الصارم بأصول نصوصه العامية. وإذا ما كانت الترجمة عملية تأويل، واسع النطاق أحياناً وضيقة أحياناً أخرى، وحسب محاولة الباحث المخلصة، هنا وهناك، نسخة طبق الأصل عن النص الأول، إذ ذاب الأخير في فصحى لها اشتراطاتها هي أيضاً، من جهة، وفي الخيارات الذوقية والثقافية المعرفية للمؤوّل، المترجم، من جهة ثانية.
وفي هذه المجموعة نصوص مجهولة الهوية في غالبيتها (إلّا بضعة نصوص من الجزيرة العربية والسودان مثلاً، تُنقَلُ شفاهياً لبدويات معروفات بالإسم). ومهما يكن من أمر فإن هذا العمل يفترض أن النصوص النسوية الشِفاهية السائدة حالياً في العالم العربي، الحسيّة على خفرٍ، أو الصريحة، تستمد نفسها، مداورة أو مباشرة، من أغاني الخصوبة الرافدينية في المقام الأول (أغاني عشتار)، وأغاني الحب الفرعونية في المقام الثاني، لذا فهي تغطّي جميع المناطق التي امتدت لها هاتان الحضارتان في المنطقة. لذا فقد قام هذا البحث على أربعة محاور للبرهان على محتوياته:
الأول منها: الدراسي المعمّق الذي يقارن ويُقارب ويقدّم خلفيات تاريخية للنصوص والمفاهيم. المحور الثاني: يتضمن النصوص النسوية الشفاهية الراهنة التي وقع تفصيحها لتكون في تناول جميع قراء العربية. المحور الثالث: يتضمن أكثر من أربعين نصّاً، سومرياً، أو فرعونياً، تدل على ترسيخ مفاهيم الخصوبة والإيروتيكا العرسيّة في حضارات المنطقة، والتي وقعت، في الغالب، استعادتها بطريقة وأخرى في الشعر الشفاهي النسويّ العربيّ الراهن. المحور الرابع والأخير: يتضمن مختارات من النصوص النسوية الراهنة الأصلية، الشفاهية، بلهجاتها المحلية، من مختلف أصقاع العالم العربي. مختارات فحسب، لأن إمكانية الرجوع إلى النصوص الأصلية تظلّ متوفرة دائماً (وهي كلها بحوزة الباحث)، ولأن استعادتها جميعاً دون استثناء سيضخّم حجم العمل إلى حد كبير ويجعله بالتالي غير مستساغ للقراء، ويُفقده فكرته الجوهرية.نبذة الناشر:فجأة حضرتْ الفكرة: إزاء هذا الكمّ الكبير من الكتابة النسائيّة العربية المحايثة، الساعية سعياً معتمَّداً، إلى إستحضار اللذة والجسد من دون إستبطان من نوع آخر، وهذا الشعر الذي سُمّي، على عجالةٍ، بالأيروتيكي، المكتفي بالأفقيّ الخطيّ دون العموديّ العميق، ثمة لدينا في الثقافة العربية المهمّشة، الشعبيّة، أدبٌ نسائيّ أيروتيكيّ أيضاً.
سمعنا مقطوعة نسويّة تونسيّة، مُقفاة، مُغنّاة في عُرْسٍ شعبيّ في مدينة قابس، جنوب تونس، تستحضر تلك اللذة العُرْسيّة، اللذة التي كانت المحتفلات يحتفين بها بصوت مُجَلْجل، فانبثقت المقارَبة في ذهننا بين أدبين: نسويّ حداثيّ يزعم المعرفة والإختراق، متشابه للغاية، ومن دون غايةٍ أحياناً سوى إستفزاز مجتمع ذكوريٍّ، يكفي مجرد إستفزازه لكي يهتز جذلاً، وأدب مهمَّش، غير معترف به غالباً إلا لدى الباحثين الفلكلوريين، منطوٍ على إشاراتٍ دالةٍ وبريئةٍ إلى درجة الطهر، رغم كميّة اللذة والتصريح الفاحش في بعضها، المتبقية رغم ذلك من البراءة بمكان.
استحضرنا، في تلك اللحظة عينهان أبياتاً شعبية، كنا نسمعها من سيّدات بيوتنا في العراق لا تقلّ حسيّة وأيروتيكية عما كنا نسمع في الجنوب التونسيّ، وفي إحتكامنا المُستعجَل، في تلك اللحظة البارقة، لمفهوم (الشعرية) التي طالما شغلت أذهننا في النصف الثاني من القرن العشرين في العالم العربي، خُيَّل لنا أننا أمام (شاعريّة) لا شك فيها. بل إننا ونحن نستعيد الأبيات الشعبية التي ترددها نساء العراق وتونس كنا نقفُ أمام إستعاراتٍ تذهب للعميق في الوجود الإنسانيّ. إقرأ المزيد