مسارات الدرس الصوتي عند رضي الدين الأستراباذي - مقاربة لسانية
(0)    
المرتبة: 88,734
تاريخ النشر: 01/01/2014
الناشر: دار المدينة الفاضلة للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:لا يخفى على المختصين المكانة العلمية التي يحظى بها رضي الدين الإستراباذي ما جعلته متصدراً إلى جنب الخليل وسيبويبه، حتى لقد قيل إن عمل ابن الحاجب في الشافية والكافية لم يكن ليلقى الشهرة التي حازها لولا شرح الرضيّ لها.
هذا وعلى الرغم من هذه المكانة والشهرة للرضيّ إلا أن حياة ...هذا الرجل مجهولة على نحوٍ يبدو غريباً، وجلّ ما هو معروف عنه مأخوذ من كتابيه اللذين شرح فيها متنبي ابن الحاجب الشافية والكافية، خلا بعض الأوصاف التي أحاطته بها له علمية دالة على علم الرجل وتقدمه، فلم يعرف مولده ونشأته وأسرته كذا لم من هم أساتذته أو تلامذته ولم يعرف موطنه الأول إلا عبر ألقابه: الأستراباذي والسمناكي.
والمعروف أنه سكن النجف الأشرف في أخريات حياته مجاوراً للمرقد المقدس لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وبالعودة، فقد كان الثراء المعرفي التخصصي للرضيّ ولا سيما في الجانب الصوتي الذي هو محور هذه الدراسة، كاشفاً عن مكنة هذا الرجل العلمية ومراسه فيها، ولا سيما في شرحه شافية ابن الحاجب، فالمادة الصوتية التي أوردها الرضيّ تقدّم تصوراً واضحاً لفروع الجانب الوظيفي للغة العربية تركز على تحليل مجمل الظواهر الصوتية في العربية الفصحى وإثرائها بالنماذج الإجرائية، ولكن هذه المادة - وأن تعلّق مجملها بالعربية المشتركة لغة القرآن الكريم، وشعر ما قبل الإسلام - إلا أن الباحث ليجد مادة إستطرادية كثيرة خصّ بها أنماطاً متعددة في الأداء اللغوي المحليّ (اللهجات)، تلك التي كانت سائدة في بيئاتها أيام جمع المادة اللغوية علماء العربية المتقدمون، التي ربما فاقت في بعض المواضع المادة المقدمة الخاصة بالعربية المشتركة (كما حدث في موضوعات: الإبدال والإدغام والوقف، وغيرها)، ومع كبر هذه المادة فلم تكن هدف الرضيّ في شرحه بقدر ما كان تقريراً لسلوك العربية المشتركة، ومحاولة منه للوقوف على قوانينها المحددة ووصم المظاهر التي خرجت عنها بالشذوذ والضعف.
ومهما يكن من أمر، فإن هذا البحث يأتي ضمن الدراسات الوصفية ذات الصيغة التقويمية التي تعمل على الإفادة من إفرازات النتاج الفكري المعاصر للوصول إلى إبراز مواطن التفاعل بين النتاجين: القديم المتمثل في الفكر الصوتي عند رضي الدين الإستراباذي (معبّراً عن التراث الإسلامي)، والفكر الصوتي الحديث فيما توصلت إليه الدراسات اللسانية المعاصرة المستندة إلى كمٍّ هائل من الأفكار والنظريات وتفاعلاتها مع التقنية الحديثة بمختبراتها وأجهزتها الخاصة.
تحدو الباحث الرغبة الصادقة إل الإبتعاد عن التعسّف والتكلف الذي قد يصاحب مثل هذه الدراسات بسعيه وعبر تفاعل بين النتاجين إلى تحديد: مسارات النظرية الصوتية العربية، وقد تضمنت البحث ثلاثة فصول جاء الفصل الأول مبراً لأفكار ممهدة للدرس الصوتي فكان بعنوان (مواضع الدراسة الصوتية ومصادر رضي الدين ومنهجه فيها) وتضمن ثلاثة مباحث وهي: 1-مواضع الدراسة الصوتية في مؤلفي رضي الدين، 2-مصادر الثقافة الصوتية لرضي الدين، 3-منهج رضي الدين في درسته الصوتي، ويليه الفصل الثاني بعنوان: "إتجاهات الدراسات الصوتية" الذي تم تخصيصه للوقوف على جوانب الدرس المختلفة التي تناولها الرضيّ، فكانت ثلاثة: الإتجاه الأول: الأصوات في حالة الإفراد، الإتجاه الثاني: الأصوات في حالة التجاور والتركيب (التعاملية) الإتجاه الثالث: الأصوات في نظام الأداء.
وتمثل مادة هذا الفصل محور الدرس عند الرضي، أما الفصل الثالث فقد جاء حول العلاقة المتبادلة بين الأنظمة اللغوية وتحت عنوان (علاقات النظام الصوتي) وجاء ضمن ثلاثة مباحث، جاءت على النحو التالي: 1-علاقة النظام الصوتي بالنظام النحوي، 2-علاقة النظام الصوتي بالنظام الصرفي، 3-علاقة الأصوات باللهجات والقراءات القرآنية. إقرأ المزيد