تقنيات السرد في النظرية والتطبيق
(0)    
المرتبة: 12,444
تاريخ النشر: 27/07/2015
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
نبذة نيل وفرات:الشكل الروائي الحديث بأسلوبه الفني، وبتقنياته السردية المستمدة من فنون السينما ومخترعات التكنولوجية المتنوعة، فنّ أوروبي النشأة من وجهة نظر كثير من النقاد، الذين لا يرون عيباً، في أن تكون الرواية العربية مدينة للرواية العالمية، بفضلها في السبق الفني إلى هذا النتاج النثري، الذي نهض في بداية القرن السابع ...عشر، كردّ فعل ضد الملحمة وقصص الخرافات التي عرفتها القرون الوسطى في أوروبا، والتي كان تنزع عن الإنسان مقوّماته وقدراته لتنسبها إلى غيبيات ومسبقات حول بطل أسطوري، وهمي خرافي.
هذا وإن الشكل الروائي الحديث، هو النتاج النثري، الذي تبلورت عناصره الفنية في القرن التاسع عشر الميلادي، حيث كانت الرواية - حسب جورج لوكاتش: "هي الشكل الأدبي الأكثر دلالة في المجتمع البرجوازي"، وحيث وصل إلينا هذا الشكل الحديث، مؤخراً، عبر الوسائل الثقافية المختلفة.
وكانت الترجمة والصحافة تم تأسيس الجامعات هي الوسائل التي طوّعت اللغة العربية ومهّدت لها طريق إرتياد التخييل الروائي وتأكيد الإنتساب لهذا الجنس الجديد، الذي استمدّ عناصره الأولى من الرواية الفرنسية والروسية في القرن التاسع عشر أكثر مما استمدها من الموروث القصصي العربي.
وإن الشكل الروائي العربي الحديث اليوم إنما هو الفن الذي يحدّد النقاد عمره الزمني بمائة عام تقريباً، ويميزون في تطوره بين ثلاث مراحل تاريخية، هي، على التوالي: 1-المرحلة الرومانسية التي اممتدت إلى الثلاثينيات من القرن العشرين، وتضمنت روايات تاريخية، ثم سيرة ذاتية، وقد توافقت بدايتها مع النهضة (طه حسين، جرجي زيدان، هيكل)، 2-المرحلة الواقعية الإجتماعية منذ منتصف الثلاثينيات إلى منتصف الستينيات، ويمثل نجيب محفوظ نموذجها بإمتياز، 3-مرحلة الرواية الجديدة، التي ابتدأت من منتصف الستينيات، إنطلاقاً من إعادة التقييم لدور الأدب وعلاقته بالإيديولوجية وبالسياسة المباشرة لجهة التعامل مع النصوص بذاتيتها وقيمتها ومميزاتها، عن باقي الخطابات الأدبية أو السياسية الأخرى.
وإذا كان هذا عمر الشكل الروائي العربي الحديث، الذي أتيحت له أسباب الإنفتاح الثقافي على الآداب الأوروبية الحديثة؛ فإن عمر الشكل الروائي اليمني، أقلّ من ذلك بكثير، بسبب ظروف الإنفلاق التي واجهتها اليمن، قبل ثورتي: السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962 والرابع عشر من اكتوبر عام 1963 في شمال اليمن وجنوبه.
وفي هذا الكتاب، وحول الرواية اليمنية تأتي هذه الدراسة التي تحاول الباحثة من خلالها مقاربة عدد من التقنيات السردية التي تنطلق من بنية الرواية اليمنية، وقد قادها إلى مقاربتها جملة من الأسباب المختلفة منها: جدّة الموضوع، وتوافر المعطى الروائي الذي سمح لها بمقاربة عدد من تقنياته السردية المختلفة.
متوخية في هذه المقاربة ثلاثة نماذج روائية تكون بمثابة ثلاثة إتجاهات مختلفة، نسبياً، وتتفاوت من حيث المستوى الفني لكل واحدةٍ منها على الأخرى، هذه النماذج الروائية هي على التوالي: 1-رواية "الرهينة" لزيد مطيع دمّاج: على إفتراض أنها نموذج للرواية الواقعية (التقليدية)، 2-رواية "السمّار الثلاثة" لسعيد عولقي: على إفتراض أنها نموذج لرواية تيار الوعي (الحديثة)، 3-رواية "مدينة المياه المعلقة"، لمحمد مثنّى: على إفتراض أنها نموذج للرواية الجديدة (أو الواقعية).
وقد سبق فصول هذه المقاربة الثلاث عرض تمهيدي مختصر، مرّت الباحثة من خلاله على أبرز العناصر الروائية التي تنطلق منها التقنيات السردية المتعددة، كما مرّت على مفهومي؛ الرواية والسرد، على إعتبار أنهما أساس أي وجود روائي، ومن ثم أية تقنية سردية.
وتجدر الإشارة إلى المنهج البنيوي الشكلي الذي انطلقت الباحثة منه في مقاربتها البنيوية ليس ذلك المنهج الذي ظهر منذ أوائل القرن العشرين لدى الشكلانيين الروس وحسب، بل هو المنهج البنيوي المعاصر الذي انفتح على نظرية السرد والذي تبلورت وبرزت آراء النظرية، منذ أوان القرن العشرين وعلى يد جملة من النقاد الفرنسيين. إقرأ المزيد