موسوعة الإستشراق ؛ معاودة نقد التمركز الغربي وكشف التحولات في الخطاب ما بعد الكولينيالي
(0)    
المرتبة: 53,741
تاريخ النشر: 02/03/2015
الناشر: دار الروافد الثقافية
نبذة نيل وفرات:الإستشراق تعبير يطلق على كل ما يبحث في أمور الشرقيين وثقافتهم وتاريخهم، ويقصد به ذلك التيار الفكري الذي يتمثل في إجراء الدراسات المختلفة عن الشرق الإسلامي، والتي تشمل حضارته وأديانه وآدابه وثقافته.
وهو إلى هذا، يبقى يمثل تصورات الذات الغربية عن الشرق كما يقول حسن حنفي "الإستشراق هو رؤية الأنا ...(الشرق) من خلال الآخر (الغرب)" مما يجعل التعريف يخضع لموجهات الرغبة وآلياتها، فالشرق هو الشرق بالنسبة لنا ذلك المكان الذي يعيش فيه أغلب العرب والمسلمين، فيه أجزاء كبيرة من آسيا وأجزاء أخرى من أفريقيا، متمثل بدول مثل الهند وباكستان وإيران وأندونيسيا وماليزيا والمشرق العربي ودول المغرب العربي وبعض دول أفريقيا السوداء.
الشرق: ذلك المكان الذي يمثل بالنسبة للغرب، بلاد السحر والفن، ومسكن الروح، منبع الخيرات، بلدان الشرق، بلدان الثراء والكنوز، متمثلة بآثاره، لا سيما آثار بلاد الرافدين وبلاد النيل.
إذن الشرق يمثل في ذهن الغربي تلك الأرض التي تحتاج إلى مستثمر، ولا يوجد مستثمر غيره، فهو من يمتلك العقل والتقنية متمثلة بالعلم؛ بينما الشرق جاهل يعيش عوالم السحر والشعوذة، ولا بد من معين يعينه على أن يعي أهمية المكان الذي يعيش فيه، ولتنشيط هذا الوعي هناك مقابل، هذا المقابل هو إستثمار الأرض وإستغلال البشر، وهذا لا يتم إلا عن طريق الإستعمار، تلك الكلمة التي تحمل دلالة الإستغلال وفي الوقت نفسه دلالة الإعمار.
لذا، كانت لهذه الظاهرة أسباب كثيرة شكلت بطانة نفسية خلقت حول الآخر صور نمطية، وتمثيل له قوالبه الجاهزة؛ من هنا فإن صورة الشرقي في ذهن الغربي تحمل هذه الرؤى وملخصها 1-الشرقي يغلب الإيمان على العقل، وبالتالي، يغلب الدين على العلم، يعيش حالة متأصلة من حالات التخلف والجهل، 2-يعدّ السحر والشعوذة مكونين أساسيين من مكونات العقل الشرقي، 3-ليس لديه القدرة على إستثمار الأرض والخيرات نتيجة لهذه العقلية الخرافية، 4-داخل الأسطورة مع الدين، مما يجعل هذا العقل بعيداً عن الإيمان بالسببية والضرورة؛ بمعنى أن العقل الشرقي عقل عرفاني في مقابل العقل الغربي الذي هو بطبيعته عقل برهاني إستدلالي، وذلك ما ذهب إليه أغلب المستشرقين.
وفي المقابل، هناك صورة أخرى تحمل في طياتها إنطباعاً إيجابياً عن الشرق، هذه الصورة هي أن الشرق يمثل الملاذ الآمن الذي يجسد الفردوس الأرضي لذلك نجد الكثير من المستشرقين يكتبون عن سحر الشرق لصفاء سمائه ونقاء هوائه، وهو مهبط الأنبياء والرسل، 5-تصوير الشعب المسلم على أنه يمثل تهديداً حقيقياً للعالم المسيحي.
أما الجذور السابقة للخطاب الإستشراقي فيعود به بعض المؤرخين إلى أيام الدولة الإسلامية في الأندلس، في حين يعود به آخرون إلى أيام الصليبيين، بينما يرجعه كثيرون إلى أيام الدولة الأموية في القرن الثاني الهجري، وأنه نشط في الشام بواسطة الراهب يوحنا الدمشقي في كتابين: الأول: حياة محمد، والثاني: حوار بين مسيحي ومسلم...
وهكذا يتابع أ. د. عامر عبد زيد الوائلي في بحثه الذي جاء تحت عنوان "الإستشراق في القراءات العربية" ويتابع بيان جذور الإستشراق وإرهاصاته زماناً ومكاناً وصولاً إلى العصر الحديث متحدثاً عن الأهداف السياسية للإستشراق والدينية والتجارية ثم الهدف العلمي الخالص.
وإلى هذا، فإن هذا البحث هو واحد في مجموعة الأبحاث التي تضمها هذه الموسوعة، بقلم عدد من الأكاديميين، والعنوان العام المشترك التي تنضوي تحته هذه الأبحاث هو معاودة نقد التمركز الغربي، وكشف التحولات في الخطاب ما بعد الكولينيالي، وتم ترتيب هذه الأبحاث ضمن أربعة محاور هي على التوالي: 1-تمثلات الآخر في النص الإستشراقي في اللغة العربية (... أثر الإستشراق الفرنسي في الدراسات القرآنية، ... صورولوجيا الإستشراق الديني في الرواية الأميركية، مدرسة الإستشراق الروسي ودورها في الدراسات اللغوية والأدبية، بناء القصيدة العربية في دراسات المستشرقين...)، المحور الثاني: التاريخي (الإستشراق والأتمولوجيا... الإستشراق والتراث الإسلامي...)، المحور الثالث الجغرافي (الكشوفات الجغرافية عند المسلمين وأثرها في تطوير الفكر الجغرافي الأوروبي، اليعقوبي ومكانته لدى المستشرقين)، المحور الرابع السياسي (مفهوم الإستشراق عند إدوار سعيد وأثره في النقد الثقافي، الإستشراق في القراءات العربية، صدمة الإستشراق وردة الفعل السلبية عند الباحثين العرب...). إقرأ المزيد