تاريخ النشر: 01/01/1992
الناشر: دار الحرف العربي للطباعة والنشر والتوزيع
ينصح لأعمار بين: 9-12 سنوات
نبذة نيل وفرات:في قديم الزمان، كما في عصرنا الحاضر، لدى العرب ولدى باقي الشعوب، في الأوساط الغنية المترفة، وفي الأوساط الفقيرة المحتاجة، كان البخل وما يزال مادة للضحك، ومادة لأدب ضاحك توزع القصة والحكاية والمسرح والشعر.
ما الضحك في البخيل؟ المضحك فيه وقوعه في أسر ما يملك. وإضفاؤه على بعض الأشياء قيمة ...ومعنى ليسا لها في الأصل. واضطراب علاقته بنفسه وبالآخرين. فالإنسان في هذا العالم موجود لكي يأخذ ويعطي، ولكي يكسب وينفق. أما البخيل فقد أخذ ذات يوم وقرر ألا يعطي! وكسب وأبى أن ينفق! فالدرهم بالنسبة إليه لم يعد يعادل ما يمكن أن نشتريه به: رغيفاً أو تفاحة مثلاً. بل أضحى يعادل نفسه. الدرهم مهم لأنه درهم. وليس لأنه يساوي هذا أو ذاك من الأشياء. لقد تحولت الوسيلة هنا إلى غاية. وباتت متعة البخيل تنحصر في مشاهدة الجامد الذي يعمل بكل ما أوتي من قوة وحيلة كي يمنعه من أن يسيل.
فالمال لدى بعض البخلاء شيء لا يجوز إنفاقه إلا في حالة الضرورة القصوى. وحتى في هذه الحالة قد يأبى هؤلاء إنفاق المال، فيصبرون على الجوع والمرض ويقاومون بضراوة الحالات التي تضطرهم للإنفاق، فلا ينفقون إلا إذا عيل صبرهم، واندحروا أمام إلحاح الحاجة القاهرة.
إن علاقة البخيل بماله وثروته قد تبلغ في بعض الأحيان درجة العبادة والتقديس، ويبدو أحياناً وكأن أعصاب جسم البخيل قد استطالت حتى اتصلت بما يملك، فهو يتألم ويتأذى إذا مسّ ماله كما يتألم ويتأذى إذا مسّ أي عضو من أعضائه. وإنه لأهون عليه أن يسيل دمه من أن تسيل يده بالعطاء حتى إلى أقرب المقربين إليه.
يقول الجاحظ على لسان أحد البخلاء المحترفين مفلسفاً عملية الادخار: "... يا قوم، لا تحقروا صغار الأمور، فإن أول كل صغير كبير، ومتى شاء الله أن يعظم صغيراً عظمه، وأن يكثر قليلاُ كثره. وهل بيوت الأموال إلا درهم إلى درهم؟ وهل الذهب إلا قيراط إلى جنب قيراط؟ أوليس كذلك رمل عالج (جبل رملي) وماء البحر؟!
ولنسمع البخيل في الفقرة التالية مناجياً الدرهم: "كم من أرض قد قطعت. وكم من كيس قد فارقت. وكم من خامل قد رفعت. وكم من رفيع قد أخملت. لك عندي أن لا تعرى ولا تضحى!".
وعندما يلقي البخيل الدرهم في كيسه يقول له: "اسكن على اسم الله، في مكان لا تهان فيه ولا تذل ولا تزعج عنه!".نبذة الناشر:لا يخلو أي تجمع إنساني من ذلك الشخص الطريف الذي وهبه الله البديهة والحساسية النقدية المرهفة، التي تجعله يلتقط أحداث الحياة وأحوالها العادية فتتحول على يديه إلى ضحك.
وتاريخنا العربي، حافل بهذه الشخصيات المرحة الطريفة التي أبدعت ونسج الناس حولها الكثير من الطرائف والنوارد، المفعمة بروح النقد الاجتماعية والخلقي والأدبي والسياسي. إقرأ المزيد