تاريخ النشر: 23/01/2015
الناشر: منشورات ضفاف
حمّل iKitab (أجهزة لوحية وهواتف ذكية)


نبذة نيل وفرات:التصوف يمكن أن يعرف بأنه "حب المطلق" فبذلك الحب يتميز التصوف الحقيقي عن طقوس الزهد الأخرى، وحب الإله يجعل المريد يتحمل كل الآلام والمصائب التي يبتليه الله بها ليختبر حبه ويطهره، بل ويجعله يتلذذ بها؛ وذلك الحب يمكّن قلب المحب من الإتصال بالحضرة الإلهية، ويجعله يغيب عن حاضرة.
وإلى هذا، ...فإن البحث التكويني في ظاهرة التصوف يبين أن المتصوفون في أول أمرهم أفراداً، ينصرف كل واحد منهم إلى نهجه الخاص من زهد وسلوك، حتى ظهرت الجماعات الصوفية، وظهر إطلاق لفظ (الصوفية) على هذه الجماعات، وقد نالت هذه الجماعات إستقلالاً فكرياً عن الجماعات والطبقات الثقافية الأخرى، كالمتكلمين والفقهاء والفلاسفة، وتمايزت عنهم بمائز هو قيامها على أساس من التدرب والسلوك العلمي إلى جانب الفكر النظري، في مطلع القرن الثالث الهجري تميزت المذاهب والفرق الصوفية وبرزت مدرستان صوفيتان: أحداهما تعرف بمدرسة بغداد الواعية أو مدرسة الصحو، ومن أعلامها معروف الكرخي (ت 200هـ)، المحاسبي (ت 234هـ) والجنيد البغدادي (ت 297هـ) والأخرى تعرف بمدرسة نيسابور الشطحية أو مدرسة السكر؛ وإنما سميت كذلك لأن رجالها وأبرزهم أبو يزيد البسطامي (ت 261هـ) والحلاج (ت 309هـ) كانت تصدر عنهم عبارات ظاهرهما بعيد عن تعاليم الشريعة ويتنافى معها، الأمر الذي جعل أنصار الصوفية يعتذرون عنها ذاكرين بأن تلك العبارات إنما تصدر عنهم وهم في حالة غيبوبة وأنهم لا يتحرجون من التصريح بمكنوناتهم من دون الإكتراث للرأي العام.
ومن هنا، جاءت تسمية مدرسة بغداد بمدرسة الوعي؛ فهي تقابل مدرسة السُكْر، ويطلق أيضاً على التصوف الذي يكون مسايراً لتعاليم الكتاب والسنّة ومتأدباً بأدب الشريعة إصطلاح (التصوف السني) ويقابله التصوف الفلسفي الذي يبتعد عن التعاليم الروحية للشريعة ويأخذ من مذاهب مختلفة وتطرف في المزج والتلفيق بينها.
هذا وقد كان القرنان الثالث والرابع للهجرة يمثلان عصراً ذهبياً للتصوف الإسلامي، أما القرن الخامس الهجري فقد تميز بظهور محاولة لإعادة التصوف إلى حظيرته الإسلامية بعد أن عدّه كثيرون خروجاً عن تعاليم الإسلام، ويعدّ القرنان السادس والسابع للهجرة مرحلة تاريخية ذات أهمية بالغة في تطور الفكر الصوفي الإسلامي، وذلك لجهتين: الأولى، ظهور تصوف فلسفي ذي طابع خاص عند يحيى شهاب الدين السهروردي (المقتول 586هـ) متمثلاً في حكمته الإشراقية... وهذا ما يعرف أيضاً بالكشف والذوق وربما تسمى حكمة السهروردي بالحكمة المشرقية، وإذا كان الصوفية يستبعدون منهج البحث العقلي كوسيلة للمعرفة اليقينية ويعتمدون منهج الذوق أو الكشف الحاصل بعد تصفية النفس وتهذيبها وممارسة الرياضة الروحية والمجاهدة؛ فإن المعرفة الإشراقية - عند السهروردي - هي جماع الحكمة بنوعيها: البحثية والذويقة وأن الكامل هو من جمع بين معرفة المقالات الفلسفية وبين التجربة الباطنة للمذهب الصوفي فهو العارف على الحقيقة.
أما الجهة الثانية، فهو بلوغ التصوف إلى ذروة تطور مع محيى الدين بن عربي الأندلسي (ت 668هـ)، حيث جمع في نظام شامل بين نزعة أوائل المتصوفة إلى الإنقطاع عن العالم من جهة، وبين مذهب وحدة الوجود من جهة ثانية، ومنذ القرن السابع - بعد ابن عربي - لم يشهد التصوف تطوراً ملحوظاً، وأصبح مجرد تكرير لتعاليم السابقين.
وقد تدهور الفكر الصوفي، وأخذ التصوف شكل هيئات إجتماعية عملية منظمة انتشرت على الصعيد الديني الشعبي تعرف بالطرق الصوفية.
هذه المقاربات تأتي مجموعة هذه الأبحاث والدراسات التي تناولت، التصوف كممارسة روحية إيمانية عرفانية بشكل عام تاريخاً ورجالاً، وقد ساهم في هذه الأبحاث والدراسات عدد من الباحثين، وقد تضمنت محاور أبحاثهم المواضيع التالية: 1-التصوف في المدرسة الفلسفية العراقية المعاصرة (عرفات عبد الحميد فتاح 1933- 2007م أنموذجاً) أ. د حسن مجيد العبيدي، 2-مفهوم وحدة الشهروني الفكر الصوفي (أبو الحسن النوري أنموذجاً) أ.م. د. نظلة أحمد الجبوري، 3-التصوف والسلم "مقاربة أخلاقية، شريف الدين بن دوبه، 4-التجربة الصوفية وتجلياتها شعراً د. عامر عبد زيد، 5-وحدة الوجود في الفكر العربي ابن عربي أنموذجاً، د. حسن حمزة شهيد، 6-النفس وتجلياتها الشيخ عبد القادر الجيلاني، أ.م. د جعفر عليوي موسى، 7-المحبة والعشق بين الفلسفة والتصوف، والعرفان دراسة تركيبية، عماد محمد علي البرقعاوي، 8-مقاربات في جينالوجيا الخطاب الصوفي الإسلامي الباحث فاضل منيف الشمري، 9-الصوفية في تصوف الحارث بن أسد المحاسيبي، د. علاء جعفر حسين، 10-نظرية المعرفة الأشراقية عند فلاسفة ومتصوفة المسلمين، الباحث مصطفى فاضل كريم، 11-تفسير الغزالي للكرامة الصوفة، نوال طه ياسين، 12-مختار السبزاوي في وحدة الوجود د. حسام العبيدي، 13-أبو حامد الغزالي وكيمياء السعادة، ذياب شاهين، 14-رهانات الأصول بين المباني والمنهج (مقاربة بين التصوف والعرفان) أ.د. جميل جليل نعمة المعلة، 15-الغنوصية، نجلاء عطية، 16-التسامح رؤية جديدة تزهر الحياة، تأليف أوشو، عرض رؤوف حسين صيهود. إقرأ المزيد