الفردوس والجحيم في المتخيل الإسلامي
(0)    
المرتبة: 12,178
تاريخ النشر: 29/09/2014
الناشر: المركز الثقافي العربي، مؤمنون بلا حدود
نبذة نيل وفرات:يعتبر مبحث مبحثاً غربي الأصل حديث النشأة، نظر فيه أعلام لهم أقدام راسخة في مختلف الإختصاصات، مثل الفلسفة والتاريخ وعلم الإجتماع وعلم النفس والإنتروبولوجيا والأدب.
وتضافرت جهود كل هذه العلوم كي تؤسس لهذا المبحث وتطور مصطلحاته ومفاهيمه ومناهجه إلى الحدّ الذي سمح بوجود أنماط عديدة في المتخيل مثل المتخيل الأدبي، ...والمتخيل السياسي، والمتخيل الجغرافي، والمتخيل الديني، وليس من شك أن هذا كله يدل على إستقرار مبحث المتخيل مصطلحاً ومفهوماً في الفكر الغربي.
أما المتخيل مصطلحاً، فإنه وعند العودة إلى الباحثين العرب، يُلاحظ كثرة الإختلافات عند ترجمتهم لهذا المصطلح، إذ تتردد الإستعمالات العربية المترجمة للكلمة الفرنسية (Imaginaire) بين المتخيل والخيال والخيالي؛ هذا وإن غياب تعريب لهذا المصطلح هو أمر متفق عليه وهو يدل عدم إستقراره بعد في بيئته العربية، أو هو غير مستوعب بعد إستيعاباً نظرياً كافياً من قبل بعض الباحثين.
وهذا ما يدفع بالباحث إلى إستعماله من دون دراية كافية بمدلوله، أو هو على النقاد أن المصطلح صار من البديهيات فلا يحتاج إلى تعريف؛ رغم ان تلك البديهيات بحاجة أكيدة إلى إعادة نظر وتعمق في تعريفها.
ومهما يكن من أمر، فإن هذا لا يشكل في متابعته مادة هذا البحث؛ وإن كان من حقيقة تروم الباحثة توكيدها فيه؛ فهي أن العالم الذي تنشد الإبحار فيه أي الفردوس والجحيم في المتخيل الإسلام، متعددون اللغة وكان فيها، وهو عالم لا تخوم تحدّه، لأنه من خلق متخيل جمعي، نحت صوره ومشاهده وقد اغتذى من النصيين التأسيسيين للثقافة الإسلامية، القرآن والحديث، وارتوى أيضاً بلبان روافد عديدة.
إن محتوى مصدري هذا البحث وهما: دقائق الأخبار في ذكر الجنة والنار لعبد الرحيم بن أحمد القاضي، وبهامشه الدرر الحسان في البعث ونعيم الجنان لجلال الدين السيوطي اللذان يتنزلان ضمن إطار القصص الديني، هو موصول بلحظات الإنخطاف والإبحار على المستوى النفسي، شأنه في ذلك شأن تصورات المتصوفة مثلاً.
وآية ذلك أن المصدرين احتويا على كثير من القرائن اللفظية التي تبرز الفرودسين في حالة الطيران، وقد تحدث جاك لوغوف عن أهمية الإبحار من خلال المتخيل حين قال: "ليس ثمة فضاء وزمان أغنى متخيلاً من الرحلة" إلى جانب ذلك كان إهتمام الباحثة بالبعد النفسي خصوصاً، بما أن مادة المصدرين إخبارية بالأساس، وهي تذكر أن ما حفزها على هذا حضور النص في النصين حضوراً مكثفاً، بما أنها منجم الأحاسيس، فاقترنت الرغبة بالرهبة، والخوف بالرجاء، والوعد بالوعيد، والشدّة بالفرج، والحرمان بالإشباع النفسي.
وإلى هذا، فإن عنوان البحث ينهض على مكونات الثلاث: أولها الفردوس والجحيم، أما الكون الثاني فهو المتخيل الإسلامي، وهو عبارة عن مفردة عمادها صفة وموصوف، ولكنها مفرد في صيغة الجمع؛ لأن المتخيل الإسلامي هو متخيلات؛ إذ ثمة متخيل المتصوفة ومتخيل أهل السنة ومتخيل الشيعة ومتخيل المعزلة وغير ذلك.
وتتراوح العلاقة بين هذه المتخيلات بين التنوع والثراء والتضاد، وينتمي المتخيل الإسلامي، من منظور أنتروبولوجي، إلى المختيل الديني، أما المكون الثالث في عنوان هذا البحث فهو يتعلق بطبيعة المصدرين؛ ذلك أن العنوانين دقائق الأخبار والدرر والحسان يوحيان بالإنتقاء؛ أي درراً من الأخبار تصف لنا الفردوس والجحيم.
وبناء على ما تقدم تراهن هذه الدراسة على الإجابة عن الأسئلة التالية: كيف تمثل المتخيل الإسلامي العالم الأخروي ثواباً وعقاباً؟ وإلى أي مدى قطع مع تصورات ثقافات أخرى سابقة له، مستحدثاً طرافة في الصور، ومبدعاً عالماً عجيباً كائناً في اللغة بإعتبارها أهم نظام رمزي يستجمع الإنسان والعالم في خطاب واحد؟.
وإلى أي مدى يمكن التمييز بين التمثلات الأخروية المعبرة عن الدين العالم وتلك المعبرة عن الدين الشعبي؟ وما هي الآليات التي حكمت بإنتاج الصور والروافد المؤثرة في المختيل الإسلامي؟. إقرأ المزيد