تاريخ النشر: 25/09/2014
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:"الإثنين 2007/10/8"... "أماه أين ساقاتي؟"، زخرت الأم الملوّثة بألوان الوجد الزيتية الإجابة أعاد ابنها، السؤال وهو يمعن في ذلك الغطاء الأبيض الفاصل، منعدم الإحساس بهما، احتضنته نائرة "في قلبه خمائل حنان ومواساة، لم تستطع إرتكاب كلمة ما، إزداد الوجع بداخلها أبجديتها، أحسّ ابنها ذو الخمس سنوات بذلك، بالفاجعة المخفورة ...في الصمت ذاك، أجهش باكياً ثم كفكف حينه قائلاً: "كنت أحلم أن أكون لاعب كرة قدم" اسمعتْ أختي الممرضة ذلك بعد إنتهائها من لفِّ يدِ أحد المرض المبتورة أعضاؤهم.
الثلاثاء 2007/10/9... بينما كنت أبحث عن برنامج أدبي يُهَنْدسُ فيَّ مَصرَ سُكَّرْ ودفءٍ تناهى إلى سمعي نحيب شيخٍ كبير في الجوار، هرعت حيث مصدر الصوت، ارتطمت حواسي بصوت فريد من النوع المحترفِ ذرَّ التشظي فيكَ، فتحت قلبي سائلاً، فجاء في الجواب المترع إياي أسى، لقد بقي وحيداً إلا من غيوم النار الناضجة.
عائلته المؤلفة من تسعة أشخاص أنيعت في مملكة الأموات!... كان يسأل في غاية اليُسْر، بحروف مطهوّة بالشوك والغربة، منقوعة في ينابيع الخيبة عن سبب موتهم جميعاً وبقائه حيّاً بعدهم، سادناً للأشياء المعَتَّقهِ بملامحهم، وبأصواتهم، وبرائحتهم، وبحروفهم، وبأحلامهم المائية.
الخميس 2007/10/11م... الصمت وحده في حضرة الفجيعة صاحبة العظمة في أيامنا هذه لغتنا، ولكننا نجترح الكتابة، ونجترح البوح بوسائلنا التقليدية تمايلاً، هذا ما كنت أقوله لنفسي أبداً، ولكن ما بوسع القلب النطق اليومَ، أمام هذه القصة؟!...
لقد عادت عائلة لتجد منزل أمانها ساجداً للشتات، مُحَبَّراً بأحبار الأسى لِتُتْتشقَقَ حروفٌ بالإعتذار النبيل تتموسق، هل لي سوى التدوين؟ بيد أن فيَّ إحتراقاً يحرق كلّ هوان، ولذا فإنني هنا حيث غابات البياض تصارع قلمي المهندم بالعزائم!...
الأربعاء 2007/10/10م... لأول مرة مُنْذ ثلاثة شهور لم أسمع قصة، أما الذي أدمِنُ إرتكاب أكثر القصص تماهياً في كيمياء الألم يومياً في كراستي التي قالت أمي لي أنها مخضبة بإندلاق الملح الأسود في أيامنا؛ وذلك لأني أسمع يومياً مئات القصص، وليس بوسعي تدوينها كلها فاعترف على إصطفاء قصة واحدة ليس غير.
يشاكسني الحنين الآن، ويبدو أن عليّ تطويعه على النسيان، وأده إن استطعت إلى ذلك سبيلاً، فببساطة، ودون أدنى إطالة، ماتت صباح اليوم حاسة السمع لديَّ، لأواريها في ذاكرتي جنباً إلى جنب مع حاسة البصر، وبذات العلّة: إنفجار سيارة مفخخة، ربما يكون هذا الأمر فرصته لي لإجتراح قصتي في هذه الخرائط الموصلة دوماً إلى جنة الإحتراق... الكتابة دربٌ بإتجاه الروح؛ ففي الوقت الذي تتوقع أنها بإتجاه الواقع أو العالم الخارجي وحده، تشقّ دربها في إتجاهين متوازيين: أحدهما نحو الخارج، وآلاف أكثر عمقاً: نحو الداخل...
وحدها الكتب تخبئ قصص كتّابها معها، وتدسها في عناوينها، وحروفها، وأوراقها، وحدها تستحوذ على سيرة إحتراق أصحابها، ونبضاتهم، وخلجاتهم، وحدها تملك قصصها الحميمية، ولها حرية سردها أو الإحتفاظ بها إلى الأبد، فهي تعلم أن أغلب الكتاب وأن سردوا سيخبئون الكثير منها، وحدها تعلم كل ما انتابها في أشكالها متعددة؛ أنفاساً، وحروفاً، وأوراقاً، حتى تستوي بياناً وسرداً لكل شيء سوى قصتها، وحدها تسرد عليهم كلما نظروا إليها بعد ذلك قصتهم معها، وتذكرهم بكل تفاصيلها، وتحيلهم إلى أزمنة القلق والأرق... و...
دفاتر البحر والموت كتاب كُتِبت بمواد القلق والأرق في ليالٍ عاصفات موحشاتٍ مُجَلّيَات مُمتمِنات... إقرأ المزيد